قصة زعيمة بورما «المغضوب عليها»: مناضلة وحاصلة على نوبل تواجه عقوبات بسبب ما يتعرض له المسلمين

  • 9/10/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في الأسابيع الأخيرة تعرض مسلمو الروهينجا، في ميانمار، إلى حملات تطهير عرقي على يد السلطات العسكرية، أمر دفع أكثر من 150 ألف من المسلمين على الهرب من الهجوم الذي يستهدفهم في ولاية راخين، وفق ما أعلنت عنه منظمة الإغاثة منذ يومين. وسط هذه الأجواء المشحونة تعرضت زعيمة حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية «داو أونج سان سوتشي»، المقربة من الرئيس «هتين كياو» وتعتبر الحاكمة الفعلية للبلاد، لهجوم شرس، ومطالبات بسحب جائزة نوبل منها، التي حصلت عليها عام 1991 للسلام، لصمتها عما يواجهه المسلمون في ميانمار (بورما)، وهو الموقف الذي جاء مخالفًا لمسيرتها الطويلة، والتي كانت سمتها النضال لأجل الحرية. وُلدت «سوتشي» في 19 يونيو 1945 في «رانجون» عاصمة بورما، وهي الصغرى بين ثلاثة أبناء للقائد العسكري العام «أونج»، وهو المعروف بأنه مؤسس بورما المستقلة عام 1948، نتيجة مساعدة بلاده في الفوز باستقلالها عن بريطانيا حسب «الشرق الأوسط»، إلى أن تعرض للاغتيال على يد أعضاء إحدى الجماعات السياسية المعارضة. عاشت «سوتشي» سنواتها الأولى في بورما، ثم لحقت فيما بعد بوالدتها في الهند، بعد تعيينها سفيرة هناك عام 1960، لتتعلم في المدرسة الثانوية بالهند قبل أن تلتحق بكلية «سانت هيوز كوليدج» بجامعة أكسفورد في إنجلترا، كما درست السياسة والاقتصاد وحصلت على درجتي البكالوريوس ثم الماجستير. انتقلت بعدها إلى نيويورك للالتحاق بوظيفة في الأمم المتحدة، وظلت هناك لمدة 3 قبل أن تتزوج من مايكل فيلانكورت أريس، باحث التقت به أثناء دراستها في أكسفورد، عام 1972، وأنجبا ولدين وأقاموا سويًا في إنجلترا، وقبل ارتباطهما نبهته أن «شعب بورما قد يحتاجها يومًا ما، وسيتعين عليها العودة إلى وطنها». بين عامي 1985 و1986 عملت كباحثة زائرة في «مركز دراسات جنوب شرقي آسيا» بجامعة كيوتو باليابان، قبل أن تنتقل إلى «معهد الدراسات المتقدمة» في سيملا بالهند عام 1987، حتى عادت إلى بلادها في 1988 لرعاية والدتها. الأوضاع في بورما وقتها ازدادت سوءًا، على أيادي القادة العسكريين الحاكمين آنذاك، وانضمت «سوتشي» إلى صف المعارضة، مؤسسةً حزب «الرابطة الوطنية للديمقراطية» في نفس العام، وشغلت فيه منصب الأمين العام، مناديةً من خلاله بإنهاء الحكم العسكري، ما أكسبها شعبية كبيرة بصفتها تطالب بالديمقراطية. الضغط الذي مارسته أجبر السلطات على إجراء انتخابات عامة عام 1990، وفاز حزب «سوتشي» بنسبة 82% من المقاعد، وذلك دون أن تترشح نتيجة إلقاء القبض عليها قبل بدء الاقتراع، ورغم النتائج المذهلة لم يعترف العسكريون بها، وظلوا يحكمون البلاد. بدءًا من ذلك التاريخ وُضعت «سوتشي» لأول مرة قيد الإقامة الجبرية، وظلت تحت وطأته حتى عام 1995، والغريب أنها حازت على جائزة نوبل للسلام لسنة 1991، رغم ما هو مفروض عليها، وبعد إطلاق سراحها عانت من قيود كثيرة أبرزها منعها من السفر، حتى لم تستطع رؤية زوجها الذي توفي في 1999، بعد صراع مع مرض سرطان البروستاتا. للمرة الثانية فرضت السلطات عليها الإقامة الجبرية عام 2000، بسبب محاولاتها المتكررة لمغادرة العاصمة «رانجون»، بهدف عقد اجتماعات سياسية في مناطق مختلفة من البلاد، حتى رُفع عنها بعد عامين وأصبحت حُرة، بما في ذلك السفر إلى الخارج. وفي عام 2003 أصبحت قيد الإقامة الجبرية للمرة الثالثة، وعاشت في عزلة تامة، نتيجة قطع خط الهاتف الخاص بها، ومنعها من استلام البريد، وإبعاد المتطوعين، التابعين لحزبها، من حراسة المجمع السكني الذي تقيم فيه، مع منع زيارة الدبلوماسيين لها باستثناء مبعوثي الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، حتى أطلق سراحها مجددًا في 2010. تغيرت الأمور بعد إنهاء إقامتها الجبرية، خاصةً وأن استقبلها رئيس بورما آنذاك «ثان وسو تشي»، وسمح، بناءً على الحديث معها، لحزبها بالدخول إلى النظام السياسي للبلاد حسب «الشرق الأوسط»، وهو ما مكن «الرابطة الوطنية للديمقراطية» من الفوز بأغلب المقاعد في المجلس النيابي، في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر 2015. وفق الدستور ينتخب الحزب، صاحب الأغلبية، رئيس الجمهورية، وبالتالي رتبت «سوتشي» نفسها للترشح، إلا أن القوانين حرمتها من طموحها، خاصةً وأنها تنص على حظر ترشيح من له أبناء يحملون جنسية أجنبية. اضطر الحزب وقتها إلى ترشيح «هتين كياو»، وهو المقرب من «سوتشي»، ونجح في الحصول على ثقة أغلبية النواب بـ 360 صوتًا من أصل 652، وتم تنصيبه في مارس الماضي، كأول رئيس مدني منتخب منذ 20 عامًا. بعد تولي «كياو» مقاليد الحكم، أعلنت «سوتشي» بأنها تسعى إلى حكم البلاد عن طريق الوكالة حسب المنشور بـ«BBC»، ومن واقع قربها من الرئيس المنتخب يعتبرها الجميع على أنها الحاكم الفعلي لبورما. عُرف عنها عشقها للمهاتما غاندي، وتأثرت بتعاليمه وآمنت بأسلوبه، خاصةً فيما يتعلق بأسلوب العصيان المدني البعيد عن العنف، ورغم محاولات الزعيم الهندي في تصفية الأجواء بين مختلف الطوائف في بلاده، يبدو أن «سوتشي» بعيدة كل البعد عن ذلك النهج، خاصةً تجاه الأقلية المسلمة في بورما، الروهينجا، وضيقها من الحديث عنهم. اتضح الأمر جليًا أمام الجميع في حوار سبق وأن أجرته معها هيئة الإذاعة البريطانية «BBC»، في أكتوبر 2013، حينها وجهت الإعلامية ميشيل حسين أسئلتها عن مسلمي الروهينجا، مستفسرةً منها عن العنف الذي تواجهه تلك الطائفة في بلادها، وهو ما أثار ضيق زعيمة بورما، والتي تمتمت، بعد انتهاء التسجيل: «لم يخبرني أحد أني سأجري حوارًا مع مسلمة»، وهو ما سمعه أحد العاملين خلف الكاميرات آنذاك. في حوار آخر أجرته «BBC» معها في أبريل الماضي، نفت «سوتشي» وجود حملات تطهير عرقي بحق المسلمين في بلادها، مضيفةً: «استخدام عبارة (تطهير عرقي) لوصف وضعهم في البلاد يعد أمرًا مبالغًا فيه»، لكنها اعترفت بوبجود بعض المشكلات التي تواجه الروهينجا في ولاية راخين.سو تشي: لا توجد حملة تطهير للأقلية المسلمة في ميانمار نفت زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي وجود حملة تطهير عرقي للأقلية المسلمة في البلاد المعروفة بالروهينغا. وقالت سو تشي في مقابلة مع بي بي سي إنها على علم ببعض المشاكل التي يتعرض لها المسلمون في ولاية راخين مؤكدة أن وصف هذه التصرفات بالتطهير العرقي يعد مبالغة. أتت تلك التصريحات بعد شهر من إصدار الأمم المتحدة لتقرير، أفاد بأن «قوات الأمن في بورما ارتكبت جرائم قتل واغتصاب ضد الروهينجا، الذين يعيشون في البلاد منذ عقود، ورغم ذلك يراهم العديد في البلاد مهاجرين قدموا من بنجلاديش»، وهو ما أضر بطبيعة الحال بسمعة «سوتشي» كداعمة لحقوق الإنسان. مؤخرًا، عندما التزمت «سوتشي» الصمت تجاه ما يتعرض له المسلمون في بورما، كتب بعض النشطاء عريضة، على شبكة الإنترنت، عبر موقع «تشينج دوت أورج»، تدعو إلى سحب جائزة نوبل للسلام منها، ووقّع على ذلك 386 ألف شخصًا. تلك المطالبات دفعت معهد نوبل النرويجي، أمس الأول، إلى إصدار بيان، أكد فيه استحالة سحب الجائزة: «لا إرادة مؤسس الجائزة ألفريد نوبل، ولا قواعد مؤسسة نوبل، تنص على إمكانية سحب الشرف من الحائزين على الجائزة».

مشاركة :