أثناء بحث الدول الكثيرة، بامكانياتها ومعداتها الكبيرة من رجالات وآليات، جاءهم خبر من كوريا يقول إن بقعة زيت قريبة من شوائطها، فلعلها تكون دلالة على وجود الطائرة في الأعماق. ولم يستعجل الباحثون، ويجمعوا معداتهم ورجالهم حيث توجد البقعة تلك، بل أخذوا عينة منها وأرسلوها إلى ماليزيا كي يتأكدوا أن الزيت صادر فعلا عن طائرتهم. وكانت النتيجة سلبية، أي أن الزيت من باخرة ناقلة بترول، تغسل صهاريجها فتوزع الزيت في الأرجاء. قصدي أقول إن العمل كيفما اتُّفق لا يقود في الغالب إلى نتائج حسنة، وربما كلف القائمون بالعمل الكثير من الوقت والجهد والمال. تذكرني حالات كهذه بالارتجاليات التي ترتكبها خدمات الإنقاذ والإسعاف في بلادنا، فكم مرة نقرأ أن فشل علاج كارثة جاء نتيجة اجتهاد ارتجالي، كمحاولة إخراج من علقوا داخل بئر بموجب رأي فردي لم يدخل ضمن البرامج المعتمدة للعمليات الإنقاذية. لنتصوّر (مثلا) أن من كانوا بصدد البحث عن تلك الطائرة "أدلوا بمعداتهم" و"طبّوا" الواحد بعد الآخر لمجرد رؤية بقعة زيت. فهذا سينزع عنهم الثقة أمام المؤسسات العالمية للبحث والإنقاذ، وربما اتهموهم بالعجلة غير الضرورية، أو بقلة الخبرة، ويكونون عرضة لتصفية أعمالهم في تلك الميادين الهامة. في منطقة جنوبي الرياض سقط رجل في حفرة مياه كانت بجانب عمارة كبيرة في طور البناء. وعند محاولة انقاذه أو رفعه أو مساعدته على التسلّق لمَحُوا كابلا كهربائيا يطفو على سطح الماء. فقرروا - من استنتاجهم الخاطىء - أن الكابل فيه كهرباء، وأن محاولة سحب الرجل سيصعق من مدّ يده أو حاول حمله. استعملوا خشبة من ذلك الذي يُستعمل لربط أعمدة الإسمنت المسلّح، وصاروا يدفعون الضحية يمنة ويُسرة وإلى الأمام وإلى الخلف. وأثناء ذلك التخبّط جاء رجل وأدلى بحبل وسحب الكابل عن الماء إلى الأعلى ونزل وساعد الرجل. بعد أن أدمت جسده مسامير كانت مندقة بالخشبة. وظن الجمهور أن ذلك من فعل الكيبل المُكهرب. فذهبوا به إلى الإسعاف وقال الطبيب المناوب إن تلك الدماء لم تكن نتيجة صعق كهربائي، بل كانت نتيجة دفعه الشديد بتلك الخشبة الملأى بالمسامير. ثم ظهر بعد ذلك أن الكابل لم يكن بتيار كهربائي!!
مشاركة :