أبوظبي: الخليج واصلت الإمارات تقدمها الاقتصادي خلال 2016، محققة معدلات نمو مهمة في العديد من قطاعاتها الحيوية، وقطعت شوطاً كبيراً في ترسيخ دعائم مسارها التنموي الذي خطَّته توجيهات القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، والتي عبرت عنها رؤية الإمارات2021 بتحقيق اقتصاد تنافسي مستدام ومتنوع، بقيادة كفاءات وطنية تتميز بالمعرفة والابتكار. قال المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد: لقد اجتاز الاقتصاد الإماراتي عاماً مليئاً بالتحديات محافظاً على نموه وتنافسيته العالية، بفضل التوجيهات الحكيمة للقيادة الرشيدة، والرؤية الحكومية الواضحة التي تصاغ في إطارها الأهداف وتوضع الخطط والمبادرات، ومن ثم تنطلق في ضوئها عجلة العمل وبذل الجهود الرامية لبلوغ المستهدفات، في منظومة أداء عالمية المستوى تتبنى قيماً كفيلة بالنهوض بالاقتصاد والمجتمع مؤسسات وأفراداً، في مقدمتها الشفافية والتميز والابتكار. مواجهة المتغيرات الاقتصادية وأضاف: على الرغم من استمرار آثار الانخفاض النسبي لأسعار النفط الخام، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط التي يمثل تصدير النفط عصب الاقتصاد في كثير من بلدانها، وفي ظل تباطؤ النمو في بعض الاقتصادات العالمية الكبرى، وتراجع عدد من الاقتصادات الناشئة، فضلاً عن تداعيات حالة اللااستقرار التي تعيشها بعض دول المنطقة على مسارات النشاط التجاري والاستثماري، ظلت الإمارات تمثل حالة متقدمة وفريدة من حيث قدرتها على الحد من آثار تلك المتغيرات الاقتصادية الحادة، وهو ما أكدته الإحصاءات والبيانات التي رُصدت في العديد من المجالات، فضلا ًعن المؤشرات الوطنية والعالمية المتخصصة، الأمر الذي يقدم برهاناً جديداً على سلامة النهج الاقتصادي المتبع ويبرز الأداء الإيجابي لقطاعات الاقتصاد الوطني المختلفة. التنويع الاقتصادي وتابع أن سياسة التنويع الاقتصادي التي تبنتها الحكومة الإماراتية مبكراً كانت إحدى الدعائم الجوهرية لتعزيز المرونة الاقتصادية للدولة وزيادة قدرتها على مواجهة الصعوبات والتحديات الاقتصادية واحتوائها، مضيفاً أن التنوع بات أمراً راسخاً اليوم في خريطة الاقتصاد الوطني، حيث ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 إلى نحو 77 في المئة بالأسعار الجارية، وإلى نحو 70 في المئة بالأسعار الثابتة، وموضحاً أن قطاعات الصناعات التحويلية والإنشاءات وتجارة التجزئة والعقارات والنقل والتخزين والمواصلات والاتصالات والسياحة وغيرها من القطاعات غير النفطية، باتت تحجز حصة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يعكس خطوات ثابتة ومتوازنة نحو مرحلة ما بعد النفط، مقرونةً بسياسات وبرامج مدروسة لاستيفاء شروط استدامة هذه المسيرة التنموية الرائدة. الناتج المحلي الإجمالي وقال المنصوري إن ثمار هذه الجهود أبرزتها الإحصاءات والأرقام التي تعبر عن إنجاز مهم للاقتصاد الوطني في ظل المشهد الاقتصادي العالمي الراهن الذي تكثر فيه التحديات والصعوبات في دول عديدة في المنطقة والعالم، سواء كانت من الاقتصادات المتقدمة أو النامية، موضحاً أن الناتج المحلي الإجمالي للدولة تضاعف بما يزيد على ثلاثة أمثال خلال السنوات العشر الماضية، مرتفعاً من نحو 511 مليار درهم في 2006 إلى 1.58 تريليون درهم عام 2015، مع توقعات بوصوله إلى نحو 1.8 تريليون درهم في نهاية 2016، وأن نسبة النمو بالأسعار الثابتة وصلت إلى 3.8 في المئة العام الماضي، مقارنة بنحو 3.1 في المئة عام 2014. الاستثمارات الوطنية والأجنبية وأوضح أن الاستثمارات المحلية الحكومية والخاصة تمثل أحد المرتكزات التي تمهد الطريق نحو مرحلة ما بعد النفط، عبر تطوير البيئة الاقتصادية الجاذبة للأنشطة المتنوعة، وهو ما انعكس على أرض الواقع بزيادة إجمالي الاستثمارات الوطنية في مختلف القطاعات والمشروعات التنموية من نحو 337 مليار درهم عام 2014 إلى نحو 354.4 عام 2015 بالأسعار الجارية، بنسبة نمو تقترب من 5.2 في المئة، بلغت حصة الاستثمارات الحكومية منها 145.8 مليار درهم بزيادة نسبتها 8 في المئة مقارنة بالعام السابق، فيما بلغت نسبة زيادة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات المحلية نحو 3.3 في المئة مرتفعة من نحو 201.9 مليار درهم عام 2014 إلى 208.6 مليار درهم عام 2015. تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وقال إن النتائج في هذا المجال أيضاً جاءت منسجمة مع الأهداف والجهود المبذولة، حيث بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الدولة نحو 11 مليار دولار في 2015 بمعدل نمو سنوي بلغ 9.3 في المئة خلال الفترة 2011-2015، فيما بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية التراكمية في الدولة في عام 2015 نحو 126.6 مليار دولار عام 2015 وبمعدل نمو بلغ 10.3 في المئة خلال الفترة نفسها، وبذلك تكون الدولة في صدارة الدول العربية في استقبال التدفقات الاستثمارية بنسبة تصل إلى 27.5 في المئة من إجمالي الاستثمارات الواردة إلى المنطقة العربية، في حين بلغت الاستثمارات الإماراتية في الخارج 9.3 مليار دولار في عام 2015 مرتفعة من 9 مليارات في العام السابق له، ليرتفع الرصيد التراكمي لتلك الاستثمارات إلى 87.4 مليار دولار في عام 2015، وتتبوأ الدولة كذلك موقعها كأكبر مستثمر عربي في الخارج. عاصمة إقليمية وعالمية للتجارة وأكد المنصوري أن الإمارات حافظت على مكانتها المرموقة في مجال التجارة الخارجية بوصفها عاصمة إقليمية وعالمية للتجارة، ومحوراً مؤثراً ومهماً في مسارات الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير في المنقطة والعالم، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية للدولة في عام 2015 نحو 1.75 تريليون درهم، مرتفعاً بنسبة 10 في المئة عن تجارة عام 2014، وهي نسبة نمو بالغة الأهمية في ظل انخفاض أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وقد بذلت وزارة الاقتصاد جهوداً واسعة ومكثفة لدعم المكانة التجارية الرائدة للدولة والدفع بها قدماً، فضلاً عن مساهمة قطاع التجارة الخارجية في دعم القطاعات الاقتصادية الأخرى ولاسيما الابتكار وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والصناعة التي تمثل محور التوجهات الجديدة للدولة في بناء وتطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية مع مختلف دول العالم. دراسات تحليلية وكان من أهم تلك المساهمات تنظيم 13 مشاركة خارجية تضمنت 9 زيارات رسمية و4 معارض استفاد منها 439 شخصاً وعقد على هامشها 11 ملتقى أعمال و150 اجتماع رجال أعمال، وتنظيم منتديات الأعمال الثنائية بين الإمارات وعدد من الدول منها سلوفينيا وقطر وهونغ كونغ وبلغاريا واليونان والمكسيك وكوبا وشارك فيها أكثر من 900 من رجال الأعمال والمستثمرين في الدولة، إضافة إلى زيارات دعم رواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والابتكار، منها إلى الهند والولايات المتحدة وفنلندا وغيرها. كما أعدت إدارة التحليل والمعلومات التجارية بالوزارة مجموعة من الدراسات التحليلية لواقع التجارة الخارجية، ونشرات حول الفرص التصديرية وملفات العلاقات الثنائية مع الدول الأخرى، سعياً لدعم الخطط المبذولة لتنشيط التجارة الخارجية، وتوفير أرضية صلبة من المعلومات والتوجهات التي تساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للوزارة بتطوير الصناعات الوطنية وزيادة جاذبية الدولة للاستثمارات، وتعزيز تنافسيتها في الأسواق الخارجية وتطوير علاقاتها مع الدول بما يخدم مصالحها التجارية. كما ساهمت الوزارة في توعية القطاعين الحكومي والخاص بالسياسات التجارية الخارجية التي تتبعها دول العالم عبر إصدار تقارير متخصصة في هذا المجال، فضلاً عن دورها الرئيسي خلال العام الجاري في إعداد تقرير المراجعة الثالثة للسياسات التجارية للدولة وعرضه في منظمة التجارة العالمية ومناقشة الدول الأعضاء والإجابة عن استفساراتها. الصناعة قاطرة الاستدامة وذكر أن السياسات الاقتصادية الحكومية تولي القطاع الصناعي أهمية متزايدة اليوم نظراً إلى دوره الحيوي بوصفه ركيزة للتنمية الاقتصادية وترسيخ سياسة التنويع وقاطرة للاقتصاد الوطني نحو مرحلة ما بعد النفط وتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة. وأفاد بأن حجم الاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية حسب نظام التراخيص الصناعية الإلكتروني بوزارة الاقتصاد بلغ في نهاية سنة 2015 أكثر من 127.6 مليار درهم، فيما بلغ حتى نهاية سبتمبر/أيلول من العام الجاري نحو 129.7 مليار درهم، ووصلت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بالأسعار الثابتة إلى نحو 16 في المئة. وتابع أنه على رغم التحديات الاقتصادية، حافظت المؤشرات الصناعية في الدولة على أداء إيجابي، حيث واصل عدد المصانع مساره التصاعدي ووصل إجماليه في نهاية سبتمبر/ أيلول 2016 إلى 6250 منشأة صناعية، منها 158 مصنعاً تم ترخيصها خلال العام الجاري حتى نهاية الربع الثالث منه. وتصدر قطاع صناعة المواد الغذائية والمشروبات بقية القطاعات الصناعية الأخرى من حيث حجم الاستثمار، حيث حاز 30% من الإجمالي بقيمة تبلغ نحو 40 مليار درهم. وجاء قطاع الصناعات المعدنية الأساسية في المرتبة الثانية بنسبة 25% من حجم الاستثمار وبقيمة 32 مليار درهم، تلاه قطاع صناعة منتجات الخامات التعدينية غير المعدنية في المرتبة الثالثة بنسبة 15% وباستثمارات بلغت 19 مليار درهم. كما نجحت الوزارة خلال عام 2016 حتى نهاية الربع الثالث بإصدار ما يقرب من 316 ألف شهادة منشأ لمختلف المنتجات التصديرية، منها نحو 276 ألف شهادة للمنتجات الصناعية الوطنية. مؤتمر سنوي ضخم تقوم وزارة الاقتصاد بتنظيم مؤتمر سنوي ضخم حول المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ووصل المؤتمر إلى دورته السابعة في عام 2016، ويستقطب قيادات وخبرات وطنية وعالمية في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال لمناقشة السبل المثلى لتطويرها وتعظيم مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وتزويدها بأحدث الممارسات العالمية في إدارة وتنظيم وتنمية القطاع عبر حلول مبتكرة وبجهود متضافرة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص. كما تحرص الوزارة على إشراك أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في الزيارات الخارجية التي تنظمها أو تشاركها بها، وتوفر لها إمكانية المشاركة في المعارض الدولية الموجهة نحو دعم القطاع، وتفتح المجال أمام منشآتهم لدخول أسواق جديدة عبر اجتماعات اللجان الاقتصادية المشتركة التي تعقدها، بما يسهم في تبادل الخبرات وتسهيل الإجراءات والتمويل وبناء العلاقات التجارية والشراكات الاستثمارية المحفزة على نمو القطاع الذي تجاوزت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 60%، وتستهدف الدولة الوصول بتلك النسبة إلى 70% في عام 2021. مسارات متوازية أوضح سلطان بن سعيد المنصوري أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يأتي ضمن أولويات اهتمامات الدولة لدوره الحيوي في تعزيز مسيرة النمو وترسيخ سياسة التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد المعرفة المستند إلى الإبداع والابتكار، وقال إن الوزارة حرصت على تسخير كل الجهود والإمكانات لتشجيع هذا القطاع الحيوي إدراكاً منها لأهميته في دعم أداء الاقتصاد الوطني وتنافسية الدولة على المستويين الإقليمي والدولي، وتم إطلاق مسارات متوازية تعمل بتكامل لتحقيق التطوير المنشود في القطاع. وأول تلك المسارات العمل على تطوير وتحديث البنية التشريعية والتنظيمية الداعمة للقطاع، ومن أبرز معالمها القانون الاتحادي رقم 2 لعام 2014 بشأن المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي تم إعداده وفقاً لأعلى المعايير القانونية العالمية، وإنشاء مجلس المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة عام 2015 لتنسيق الجهود الوطنية الرامية إلى تطوير القطاع، واعتماد التعريف الموحد للمشاريع الصغيرة والمتوسطة عام 2016 لتقديم التسهيلات والدعم للقطاع بناء عليه. حماية المستهلك تولي وزارة الاقتصاد اهتماماً لحماية المستهلك وتحرص على تطبيق القانون الاتحادي رقم 24 لعام 2006 بشأن حماية المستهلك، فضلاً عن عقد الاجتماعات وإطلاق المبادرات وإبرام الاتفاقيات الرامية إلى ترسيخ حالة الاستقرار السعري للسلع الأساسية والحفاظ على توازن الأسواق وحماية المستهلكين من الممارسات التجارية غير السليمة مثل الاحتكار ورفع الأسعار غير المبرر. وقد تلقى مركز اتصال شكاوى حماية المستهلك في الوزارة منذ بداية عام 2016 حتى نهاية الربع الثالث منه 13007 شكاوى، وبلغت نسبة الشكاوى التي تم حلها خلال الشهور العشرة الأولى من العام 95 في المئة من إجمالي الشكاوى المتلقاة.إضافة إلى ذلك، عقدت اللجنة العليا لحماية المستهلك 3 اجتماعات خلال الفترة نفسها وكان من أبرز نتائجها خصم عمولة البيع ببطاقات الائتمان والتي تصل إلى 2 في المئة، ووضع سياسات استقرار الأسعار لنحو 1000 سلعة في أسواق الدولة. السياحة رافد ديناميكي أكد سلطان المنصوري أن القطاع السياحي يمثل أحد أبرز محاور الاهتمام في السياسات الاقتصادية لدولة الإمارات، حيث يعد مرتكزاً لتنويع الاقتصاد الوطني وجسراً آخر يدعم الانتقال نحو مرحلة ما بعد النفط، وذلك نظراً إلى أهميته وديناميته العالية وقدرته على رفد الدخل الوطني بإيرادات مهمة. وتبنت وزارة الاقتصاد، منذ انضمام القطاع السياحي إليها خلال العام الجاري، أجندة واضحة لتطوير استراتيجية موحدة للسياحة في الإمارات تروج للمقصد السياحي الواحد مع مراعاة التنوع والخصوصية في كل إمارة، والعمل على دعم المشروعات التنموية في القطاع. وقد نجح القطاع السياحي في الوزارة خلال عام 2016 بإطلاق العديد من المبادرات والأنشطة التي كان من شأنها تحقيق التقدم في النمو السياحي للدولة بنسبة وصلت في نهاية 2015 إلى نحو 3.3% مقارنة بالعام السابق.
مشاركة :