تمنيت لو أن المشاركين في حلقة الثامنة المخصصة للرقية كانوا أكثر تسامحاً ومرونة في التناول مع الضغط الذي واجهوه. لكن الواقع أن الحلقة أساءت لهم وأعطت من يخالفونهم أكثر من سلاح لينتقدوا طريقة أدائهم وأسلوب تعاملهم مع الحالات التي تمر عليهم بشكل يومي. الإشكالية الحقيقية التي يعانيها كثيرون هي التعامل المنزه الذي يوجه لهم من قبل الجمهور. فكل ما يقوله الراقي صحيح، وله أن يسأل عما يشاء ويقول ما يشاء، حتى إنه يستخدم الهواء لإهانة "المتصلات" والصراخ عليهن حتى ينفذن ما يريد أو يتفقن مع ما يراه. هذه القضية منتشرة لدى كثيرين ممن حصلوا على أكثر مما يستحقون من الاحترام فاعتقدوا أن الاحترام يعني الخوف، وأنه لا بد أن يغيروا نبرات أصواتهم أو يستخدموا الألفاظ الكريهة لأنه لا يوجد ما يمنعهم من ذلك فالجميع خائفون. تتكرر الحالة في كثير من المواقع، ليتحول المجتمع إلى حالة من القفز على حقوق الآخرين لكل من يستطيع أن يفعل ذلك. تصبح فكرة الاستغلال هذه جزءاً من التركيبة المجتمعية، ويصبح ممارسوها لا يخجلون من أفعالهم، بل إنهم تقمصوا الشخصيات لدرجة جعلتهم يتبنون هذه الشخصيات في كل حياتهم ليعتقدوا أنها المنقذة في حالات كثيرة. هذه الثنائية النفسية الخطيرة هي ما أسقط كثيرين ممن نشاهدهم على الشاشات يسبون ويشتمون ويتجاوزون بلا حدود. ثم إن المجتمع يدع هؤلاء وشأنهم ليستمروا في غيهم هذا حتى يصلوا إلى درجة تجعل أحدهم يفعلها في مكان لا يعترف له بالهيمنة الكاذبة التي بنى عليها سلوكه الذي تقمصه ولم يكن في تركيبته في الأساس، ويصل الأمر حده عندما يرفض أحدهم هذه الهيمنة ويوقف الشخص بأسلوب لم يكن معهوداً، تشتد الملاسنات وترتفع الأصوات ثم تخرج أدوات القتل، لتصبح نتيجة الخلاف جريمة بكل ما تحمله كلمة الجريمة من معنى. هنا لابد أن نسترجع الموقع الأصلي الذي تركنا فيه الناس يتجاوزون ويعتدون على حقوق الآخرين، ثم نعترف بأدوارنا كجزء من التركيبة التي أوجدت هذين النوعين من الناس: من يرى أن الآخرين لا يفقهون وعليهم أن يتفقهوا على يده، وآخر يرى في الأول أنه متطاول ومغرور ولا بد أن يوقف عند حده.
مشاركة :