تؤدي الفنانة السعودية فاطمة النبوي بطولة «بركة يقابل بركة» المعروض تجارياً في القاهرة راهناً. حصل الفيلم على شهادة تقدير من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأخير، وترشح لجائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبي. «الجريدة « التقت فاطمة النبوي في هذا الحوار. وصف «بركة يقابل بركة» بأنه أجرأ فيلم سعودي. كيف ترين ذلك بصفتك بطلته؟ يرصد «بركة يقابل بركة» المجتمع السعودي، ويحكي واحدة من حكاياته المتعددة، في زمنٍ تلاشت فيه الحكايات أو اختبأت خلف ألسنة أصحابها ونوافذهم. ربما يعتبر البعض الفيلم جريئاً في الطرح لأنه أبرز صورة قريبة لحياته وناقش موضوعاً يهمه ويخصّه. إلا أن الجرأة الحقيقية تكمن في أن أبطاله يناقشون قضايا مجتمعنا بصوت عالٍ، خصوصاً أننا لم نعتد هذا الطرح بما يحمله من خصوصية أمامنا على الشاشة كجمهور منصت، رغم أننا نرى قضايا الآخرين ونسمع حكايات العالم من حولنا. سلّط الفيلم الضوء على الإرهاب الفكري وما يعانيه الشباب من انغلاق مجتمعي. ألم تتخوفي كفنانة من تجسيد هذا الطرح؟ أؤمن بأن في كل انغلاق إبداع وفي كل قيدٍ حرية، والفيلم نجح في عرض هذه الفكرة للشباب السعودي والخليجي والعربي عموماً، بل والعالم أجمع. منذ زمن كنت أتمنى مشاهدة فيلم يبتعد عن أسلوب التبرير وعن تقديم صورة الضحيَّة التي لطالما اعتدنا مشاهدتها في أفلام أخرى تتحدث عن واقع السعودية أو العالم العربي، غير أن «بركة يقابل بركة» يعرض صورة شفافة وصادقة، يضحك ويبكي ويبعث في الجمهور الأمل بإمكان تحقيق الأحلام. ولكن شخصية «بركة» لا تعتبر نموذجاً لشخصية الفتاة السعودية. «بيبي» نموذج واحد من النماذج المتعددة للفتاة السعودية. أنا كفاطمة مثلاً فتاة سعودية، لكنني لا أشبه الشخصية التي أديتها في جوانبها كافة أو خلفياتها الاجتماعية والاقتصادية أو قضاياها التي تعيش لأجلها. يضع الفيلم «بيبي» في ظروف عدة، منها خاص بها أو خاص بالفتاة السعودية، وآخر عام يشمل كل فتاة شابة، ويتيح لشخصيتها حرية التجاوب. تسليط الفيلم الضوء على مواقع التواصل الاجتماعي واستحواذها على وقت الشباب وصنع حياة افتراضية، هل يمكن اعتباره رصداً حقيقياً للمجتمع السعودي وانغماسه في العالم الافتراضي هروباً من الواقع؟ المجتمع السعودي كالمجتمعات الأخرى بتنوعها واختلافها تخشى أضرار مواقع التواصل الاجتماعي. شخصياً، أعترف بأنها سلاح ذو حدّين، لها سلبياتها من ناحية الوقت والتركيز والإنتاجية، إلا أن لكثير من مستخدميها اليوم دوافع اجتماعية للتنمية وتخصصات مختلفة يعززون من خلالها محتواهم وظهورهم. من ثم، فإن علاقتنا بهذه المواقع تحوّلت من كونها حياة أخرى، إلى كونها امتداداً لحياتنا وتعزيزاً لها. صعوبات كيف ساعدك عملك الاجتماعي في تقديم دورك في «بركة يقابل بركة»؟ ساعدتني خبرتي السابقة في التعرف إلى أنماط مختلفة من المجتمع السعودي والارتباط بها، من أعلى السلم الاقتصادي إلى أدنى درجاته ومن الطبقات البرجوازية إلى الأسر المتنوعة. كانت لي خبرة سابقة وعلاقة وطيدة بنساء وأسرهن كاختصاصية نفسية ثم كمستشارة لمشاريع تنموية، بالإضافة إلى عملي الاجتماعي. ساعدتني دراستي الأكاديمية في فهم الشخصية التي جسدتها، فـ{بيبي» من الخارج تبدو مختلفة وأسهل نوعاً ما عن «بيبي» من الداخل، وبالتالي استخدمت خبرتي ودراستي كمرجعية بالإضافة إلى حواراتي الطويلة مع كل من المخرج محمود الصباغ، والممثل هشام فقيه، كي أتمكّن من تجسيد الشخصية بصورة أكمل. ما الصعوبات التي واجهتك أثناء تصوير الفيلم؟ كان أحد أصعب المشاهد التي صورناها في أحد الطرق الرئيسة في مدينة جدة، وسط ازدحام سياراتها، وتحت حرارة شمس شهر أكتوبر الحارة. تكمن صعوبة المشهد في أنه كان يصوَّر على طريقٍ عام أمام أنظار العامة من مهتمين ومستغربين. أما الموقف الآخر فكان أمام مجتمع من ناس أحبهم وأعتزّ بصداقاتهم، ورغم هذا كان التمثيل أمامهم صعباً لأن كثيراً منهم اعتمد على مَدْح الشكل والظاهر، ما جعلني أخشى أن نحصر اهتمامنا وإعجابنا بالمظاهر والشكليات وننسى الحوار والأداء والمضمون. متى في رأيك تحدث طفرة في صناعة السينما السعودية؟ وهل ستكون مقتصرة على الأفلام المستقلة؟ تتشكل الصناعة بأخذ الخطوة الأولى، ثم الاستمرارية حتى نصل إلى الإتقان. شخصياً، لا أتمنى أن تقتصر الصناعة السينمائية على الأفلام المستقلة، وإن كان من الجميل أن تظل الأعمال المستقلة في الظهور، بأوجه جديدة ومضامين مختلفة لأن الصناعة تتحقق بالتراكم. الأوسكار تتحدّث فاطمة النبوي عن ترشّح الفيلم للأوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبي، فتقول: «أراها فرصة العمر! بدأنا ننظر بجدية إلى المضمون والأداء وفن صناعة الفيلم، غير مقتصرين على الشكليات والمظهر والمظاهر».
مشاركة :