يعرف الناس من خلال تجاربهم الشخصية أن الأسعار في أسواقنا المحلية لا تنخفض سريعاً، أو لا تنخفض بما يكفي، عندما تنخفض أسعار نفس السلع في الخارج. بالمقابل، ترتفع الأسعار عندنا بسرعة صاروخية عندما ترتفع مثيلاتها في الخارج، وعادةً ما يقدم التجار ووكلاء السلع المستوردة تبريرات لهذا التناقض، وهي تبريرات يرفضها الناس ويرون أنها غير مقنعة وإنما هي احتيال واستغلال!. ويعرف الناس أيضا أن أسعار بعض السلع التي يستوردها من الخارج وكلاء تجاريون مرتفعة جداً وبشكل غير مبرر وذلك عند مقارنة أسعارها في أسواقنا مع أسعارها في بلدان أخرى. لكن الوكلاء عندنا يبررون هذا التفاوت الكبير في الأسعار بحجج غير منطقية، وبالطبع لا يصدقهم الناس، فالمعلومات صارت الآن متاحة للجميع ويمكن الوصول إليها بيسر. يقول القنصل التجاري الكوري في تصريح لجريدة عكاظ إنّ «الوكلاء في السعودية تسببوا في رفع أسعار منتجات كورية ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي الذي يجري التعامل به في بلاده». وتشير الصحيفة إلى أن القنصل اعتمد في تصريحه على دراسة عن أسعار منتجات التجميل المصنعة في بلاده. ولو أن هذا التفاوت الكبير في الأسعار كان بسبب ضرائب مرتفعة يتم فرضها في أسواقنا على تلك المنتجات لكان بالإمكان تفهم ذلك، لكن السبب الحقيقي لا علاقة له بالضرائب وإنما بالهامش الربحي المرتفع الذي يحصل عليها الوكلاء المستوردون لتلك المنتجات. إن هذا الاستغلال الواضح الذي يمارسه بعض الوكلاء التجاريين هو نتيجة طبيعية للمزايا الاحتكارية التي تتمتع بها الوكالات. وقد يرى البعض أن طبيعة الأسواق المفتوحة لابد أن تعيد الأسعار إلى حالة من التوازن عاجلاً أو آجلاً، لكن هذا قد لا يهم المستهلك الذي يضطر لشراء السلعة وقت غلائها، كما أن بعض السلع قد لا يوجد لها بديل كامل مما يعزز القوة الاحتكارية للوكيل التجاري ليس في المدى القصير فقط وإنما أبعد من ذلك. ويقع على وزارة التجارة والأجهزة التابعة لها أو المرتبطة بها أو بوزيرها واجب متابعة الوكالات التجارية والتأكد من عدم استغلالها للمستهلك من خلال مزاياها الاحتكارية، وقد تحققت بعض الإنجازات في السنوات الأخيرة ولكن المستهلك يود ألاّ تتراخى الوزارة بل تضيف إلى إنجازاتها، فمازال الطريق طويلاً.
مشاركة :