أكد مختصون وأكاديميون أن جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لدول الإمارات العربية المتحدة، الكويت، قطر، البحرين، ستحدث نقلة نوعية في العلاقات المشتركة، كما أنها ستمهد الطريق لقيام الاتحاد الخليجي، الذي يمثل حلمًا لشعوب الخليج. وقالوا في تصريحات صحفية لـ«اليوم»: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين ستحقق نتائج باهرة سينعكس أثرها على مواطني دول الخليج، وأشاروا الى ان خادم الحرمين يحظى بتقدير عال من قيادات وشعوب هذه الدول. وأضافوا: لا شك ان هذه الزيارة ستجعل التنسيق الخليجي في اعلى مستوياته، خاصة فيما يتعلق بالتصدي للسياسة الطائفية التي تمارسها ايران، من خلال تدخلها في دول عربية «سوريا واليمن والعراق». وأشاروا الى أن العمل الخليجي المشترك شهد نقلة نوعية في كافة مجالات التعاون بين دول المجلس. ولفت المختصون الى أن هذه النقلة النوعية تأتي في اطار الرؤية الثاقبة لقادة دول المجلس، والتي تسعى الى رفع وتعزيز التعاون بينها بما ينعكس على رفاهية شعوب المنطقة. التصدي للطائفية وقال الدكتور فهد القرني الأستاذ بجامعة الملك سعود: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تمثل نقلة نوعية في اتجاه قيام الاتحاد الخليجي، الى جانب تنسيق المواقف الخليجية تجاه السياسة الطائفية التي تنتهجها ايران، وتدخلها السافر في سوريا واليمن والعراق. وأضاف: ستشهد المرحلة المقبلة المزيد من التنسيق بين قادة دول الخليج، وصولا الى مرحلة اعلان الاتحاد الخليجي، وتوحيد العملة. من ناحيته أكد المستشار القانوني والمحكم الدولي علي بن محمد القريشي انه تحقيقا لأحد الأهداف الهامة التي ينص عليها النظام الأساسي لمجلس التعاون والمتمثل في وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين، عملت دول مجلس التعاون على التقريب بين أنظمتها وقوانينها في مختلف المجالات وصولا إلى توحيدها. كما عملت على تحقيق المزيد من التقارب والصلات بينها في المجالات التشريعية والقضائية، وإعداد مشروعات الأنظمة (القوانين) الموحدة، وتعزيز التنسيق فيما بين الأجهزة العدلية والقضائية وتوحيد أنواعها، ودرجاتها، وإجراءاتها. واضاف القريشي: بدأت مسيرة التعاون العدلي والقانوني بعقد الاجتماع الأول لأصحاب المعالي وزراء العدل بدول مجلس التعاون، في مقر الأمانة العامة بالرياض يومي 27 و28 صفر 1403هـ الموافق 12 و13 ديسمبر 1982م، حيث كلف الوزراء في ذلك الاجتماع لجنة من الخبراء المختصين لوضع مشروعات التقنين الموحدة في المجالات الرئيسية التالية: المدنية، والتجارية، والأحوال الشخصية والجزائية بالاستناد إلى أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، واتفق الوزراء من حيث المبدأ على المشروع المقدم من مملكة البحرين بإنشاء مركز للتحكيم التجاري، وتكليف لجنة من الخبراء المختصين لوضع أسس اتفاقيات بين دول المجلس لتنفيذ الأحكام والانابات القضائية، وتكليف الأمانة العامة بإعداد نشرة دورية قانونية، ووضع برامج للزيارات القضائية، والطلب من الدول الأعضاء تزويد قطاع المعلومات في الأمانة العامة بالوثائق والدراسات والدوريات القضائية والقانونية، والتأكيد على الاستفادة من التجارب التي اكتسبت في إطار جامعة الدول العربية في المجالات القضائية والقانونية. ولفت الى أن من الإنجازات في هذا المجال إتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لدول مجلس التعاون، والتي بموجبها في حالة صدور حكم قضائي في أي دولة من دول المجلس، فإنه يعتبر كما لو أنه صدر في الدولة المطلوب منها التنفيذ من الدول الأعضاء، وبالتالي يصبح الحكم القضائي واجب التنفيذ في الدول الأعضاء طبقا للإجراءات الميسرة المنصوص عليها في الاتفاقية. وكذلك الحال بالنسبة لأحكام المحكمين، وتنفيذ الإنابات مثل سماع الشهود، وتلقي تقارير الخبراء، وإجراء المعاينة وطلب تحليف اليمين، حيث وافق أصحاب المعالي وزراء العدل بدول المجلس في اجتماعهم السادس على الاتفاقية، واعتمدها المجلس الأعلى في دورته السادسة عشرة (مسقط، ديسمبر 1995)، ثم تمت المصادقة عليها من جميع دول المجلس، وأصبحت سارية المفعول. وقد ساهمت هذه الاتفاقية في دفع مسيرة العمل المشترك في المجال القضائي والعدلي إلى الأمام. وقال القريشي: بالإضافة لذلك فقد قرر أصحاب المعالي وزراء العدل في اجتماعهم الثالث والعشرين، الذي عقد بالإمارات العربية المتحدة بتاريخ 25 من ذي الحجة 1432هـ الموافق 21 نوفمبر 2011م، اعتماد دليل الضوابط والآليات التنفيذية لممارسة مهنة المحاماة لمواطني دول المجلس كدليل استرشادي، على أن تقوم الدول الأعضاء بموافاة الأمانة العامة بالعقبات التي تواجهها خلال تطبيقها لتلك الضوابط والآليات. واشتمل الدليل على عدد من الضوابط لممارسة مهنة المحاماة لمواطني دول المجلس، حيث يجب أن ينتمي المحامي بجنسيته إلى إحدى دول مجلس التعاون، وأن يكون مرخصا له بمزاولة مهنة المحاماة، وأن يكون قيده ساريا، ولديه مكتب أو يمارس المهنة من خلال مكتب قائم. كما أنه وفي حال رغبة المحامي مزاولة العمل في أي دولة من دول المجلس، فيجب أن يتم ذلك وفقا للتشريعات السارية في تلك الدولة. وفي حال وقوع مخالفة من المرخص له بمزاولة المهنة في أي من دول المجلس، تتولى الجهة المختصة في الدولة التي وقعت فيها المخالفة توقيع الجزاءات عليه، على أن تخطر الدول الأعضاء الأخرى بتلك القرارات، وما يتعلق بها من مستندات. كما اشتمل الدليل على عدد من الآليات التنفيذية تؤدي في مجملها إلى التنسيق المباشر والمتكامل بين الجهات المختصة في الدول الأعضاء بشأن المحامين في دول المجلس. ترسيخ الهوية الخليجية وفي السياق، قال استاذ الاعلام الدكتور محمد الصبيحي في حديثه حول التعاون الاعلامي والثقافي الخليجي المشترك إن المجلس الاعلى اقر الاستراتيجية الإعلامية في دورته الحادية والثلاثين في ابوظبي ومن اهم اهدافها: تعزيز التعاون وفرص الوحدة بين دول المجلس، وترسيخ الهوية الخليجية والعربية والإسلامية لدول مجلس التعاون، وتعميق المواطنة الخليجية، ودعم ترابط المجمع الخليجي وأمنه واستقراره، وتنمية الوعي المجتمعي العام لدى المواطنين والمقيمين، ودعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودعم التعاون والتكامل بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في دول المجلس. واضاف ان الامانة العامة لدول المجلس عملت من خلال عرض الاستراتيجية الاعلامية على جميع اللجان الاعلامية على ترجمة مضامين الاستراتيجية الاعلامية الى برامج ومشاريع عملية. كما تم تشكيل لجنة تنفيذية للاستراتيجية الاعلامية تتولى اقتراح آليات لتنفيذ الاستراتيجية وترجمة مساراتها الى برامج عملية. وعقدت اللجنة ثلاثة اجتماعات، واحيلت توصياتها الى اللجان الاعلامية المتخصصة لتنفيذها. وافاد بأنه تنفيذا لقرارات المجلس الأعلى بشأن توطين الوظائف بدول المجلس، ونظرا للطبيعة الخاصة للمهن الإعلامية التي تتطلب الإعداد والتدريب المستمرين لتكون قادرة على التعامل الإيجابي مع التطورات في التقنية والمضامين الإعلامية، فقد تم إنشاء مركز لتنسيق التدريب الإعلامي ومقره وزارة الإعلام في سلطنة عمان. وبدأ المركز عمله بالتنسيق مع جهاز إذاعة وتلفزيون الخليج بتنظيم دورات تدريبية متخصصة تشارك فيها أجهزة الإعلام بدول المجلس. واضاف أيضا أقر المجلس الاعلى في دورته السابعة في ابوظبي ميثاق الشرف الإعلامي الذي ينظم العلاقة بين وسائل الإعلام في دول المجلس والإعلام الخارجي، وتم تطوير وتحديث مضامينه في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الاعلى. السوق الخليجية المشتركة الى ذلك نوه عضو جمعية الاقتصاد السعودية عثمان العثيم في حديثه حول التعاون الاقتصادي الخليجي بأن المجلس الأعلى أقر في دورته الثامنة والعشرين في قطر إعلان الدوحة لقيام السوق الخليجية المشتركة. وبهدف إيجاد مرجعية لقوانين وإجراءات السوق الخليجية المشتركة، وتم إصدار «وثيقة السوق الخليجية المشتركة» التي أقرها المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين في مسقط. واضاف أنه تحقيقا للتواصل مع المواطنين، تم تعيين ضباط اتصال للسوق الخليجية المشتركة من جميع الدول الأعضاء والأمانة العامة، كما تم تصميم موقع للسوق الخليجية المشتركة ضمن موقع الأمانة العامة على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى نشر عدد من المطبوعات والكتب والإحصائيات عن السوق المشتركة وتوزيعها على نطاق واسع، وذلك للتعريف بها. ولفت الى انه بهدف متابعة سير التنفيذ وتقييم العلم بالسوق الخليجية المشتركة قامت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون بإعداد استبيانات لاستطلاع مرئيات الجهات المختصة بالدول الأعضاء وغرف التجارة والصناعة بدول المجلس لتحديد أي صعوبات تواجه التنفيذ ووضع الحلول لها، وقد تم رفع نتائج ذلك إلى اللجان المختصة، وأقرها المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين في مسقط، وذلك ضمن الإجراءات التي تم إقرارها لتنفيذ مقترح خادم الحرمين الشريفين لتسريع الأداء ومعالجة العقبات التي تواجه العمل المشترك. وأضاف: يتواصل العمل على استكمال الأدوات التي تمكن المواطنين في الدول الأعضاء من الاستفادة من قرارات المجلس الأعلى وذلك من خلال قياس درجة استفادة مواطني دول المجلس من قرارات المجلس الأعلى التي صدرت بشأن المواطنة الاقتصادية، والاستمرار في نشر الوعي بين المواطنين بالامتيازات التي توفرها لهم المواطنة الخليجية المشتركة، من خلال عقد المزيد من الندوات التعريفية بالسوق الخليجية المشتركة في الدول الأعضاء، واجتماعات مسؤولي الإعلام في دول المجلس، تنفيذا لما تم الاتفاق عليه لنشر الوعي بين المواطنين بهذا الشأن، واستكمال إنشاء آليات تسوية الخلافات المنصوص عليها في المادة (27) من الاتفاقية الاقتصادية، بما سيوفر للمواطنين ورجال الأعمال مرجعية ميسرة للفصل في الاختلافات في تفسير مقومات المواطنة الاقتصادية. كما استعرض العثيم مشروع سكة الحديد والتي يبدأ مسارها من الكويت مرورا بالدمام إلى مملكة البحرين ومن الدمام إلى قطر عن طريق منفذ سلوى وسيربط قطر بالبحرين، ومن السعودية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أبوظبي والعين ومن ثم إلى مسقط عبر صحار، مبينا أن الطول الإجمالي للمسار يبلغ 2117 كلم، ويربط مدينة الكويت مرورا بكافة دول المجلس وصولا إلى مسقط، كما ستكون سرعة قطارات نقل الركاب ما يقارب 220 كلم في الساعة، ولقطارات نقل البضائع ما بين 80-120 كلم في الساعة وذلك باستخدام الديزل لتوليد الطاقة الكهربائية، كما سيتم استخدام أفضل المواصفات والمعايير المتوافرة إقليميا وعالميا في قطاع السكك الحديدية للمشروع مثل الأحمال المحورية، والإشارات وأنظمة الاتصالات، وأنظمة التشغيل والصيانة. وعلى صعيد متصل امتدح د. ناصر القحطاني الأستاذ بجامعة الامام جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مؤكدا أنها ستؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق المشترك، والتصدي للطائفية في المنطقة، والمضي قدما نحو قيام الاتحاد الخليجي.
مشاركة :