اختُتم في الجزائر العاصمة المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال، الذي استمرت فعالياته ثلاثة أيام، وشارك فيه نحو ألفين من رجال الأعمال والمستثمرين الأفارقة. وتعول الجزائر على المنتدى من أجل جذب رؤوس الأموال الإفريقية وإنعاش الاقتصاد المحلي ودخول السوق الإفريقية. وقد بحث المشاركون في المنتدى على مدى ثلاثة أيام سبل تحسين مناخ الاستثمار وتفعيل الشراكة البينية. كما أقامت الجزائر معرضا على هامش المنتدى للمنتجات المحلية، ولإبراز فرص الاستثمار في البلاد. وقال رئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال إن تنظيم بلاده للمنتدى جاء لتفعيل وترقية القطاعات الاقتصادية والخدمية. وانتقد سلال ضعف حجم التبادل بين دول القارة، الذي لم يسجل سوى 12٪، بالإضافة إلى اختلال البيانات الاقتصادية؛ حيث تستهلك دول إفريقيا منتجات الآخرين، وهي تصدر 90 مليار دولار بينما تتخطى وارداتها من خارج القارة 300 مليار دولار. وتواجه الجزائر، على غرار عدد من الدول المصدرة للنفط والغاز، أزمة اقتصادية سببها انخفاض أسعار النفط عالميا، وهو ما جعل تركيز حكومة عبد المالك سلال ينصب على جذب الاستثمارات من أجل تجاوز تبعات الأزمة المالية. ويقول رئيس الحكومة عبد المالك سلال إن بلاده لا تريد استغلال موارد القارة الإفريقية، بل تريد شراكات متوازنة. لكن مراقبين يرون أن هناك دوافع أخرى وراء التوجه الجزائري نحو الجنوب، وهو منافسة الجار اللدود المغرب في التوسع داخل القارة. وقد جاء المؤتمر بالتزامن مع جولة إفريقية يؤديها العاهل المغربي الملك محمد السادس ووقع خلالها عددا كبيرا من الاتفاقيات الاقتصادية من شأنها توسيع نطاق وجود المغرب في إفريقيا. ويبدو التنافس بين الجارين المغاربيين في مصلحة المغرب في المرحلة الحالية؛ حيث تشير المعطيات الاقتصادية حتى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي إلى أن حجم صادرات المغرب نحو القارة الإفريقية بلغ 5 مليارات دولار، تمثل نسبة 6,5٪ من إجمالي الصادرات المغربية. في حين أن حجم الصادرات الجزائرية لم يتجاوز 42 مليون دولار، وهو ما يمثل نسبة 0,25٪ من إجمالي صادرات البلاد. ويعدُّ المغرب ثاني أكبر مستثمر في القارة الإفريقية بعد جنوب إفريقيا، وهي المكانة التي يسعى العاهل المغربي لتعزيزها عبر إبرام عشرات الصفقات خلال رحلاته الحالية في القارة الإفريقية. ويعتقد خبراء اقتصاديون أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر قد تعوق محاولات إيجاد موطئ لقدمها في القارة الإفريقية. كما أن الجزائر أدارت ظهرها لإفريقيا منذ فترة، وهو ما يترجمه ضعف الأداء الدبلوماسي لكبار المسؤولين الجزائريين الذين أحجموا عن زيارة العواصم الإفريقية الفاعلة، خلافا لنظرائهم المغاربة. ويعد العامل السياسي الحاضر الأبرز في علاقات الجارين المغاربيين مع محيطهما الإفريقي. إذ تشكل مساعي المغرب لإعادة تفعيل عضويتها في الاتحاد الإفريقي السبب الأساس في التحركات الدبلوماسية الحالية. وكسب المغرب حلفاء جدد في شرق القارة الإفريقية وجنوبها في إطار ما يوصف بأنه أكبر حراك دبلوماسي للمملكة قبيل التصويت على ملتمس عودتها إلى الاتحاد الإفريقي. وأبدت الجزائر ترحيبها بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي؛ لكنها تعارض بشدة مطلب طرد "جبهة البوليساريو" من الاتحاد، وهو الموقف نفسه الذي تتبناه دول إفريقية أخرى. سيد المختار
مشاركة :