نتائج معركة حلب تنتقل إلى ساحة السياسة

  • 12/6/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

انتقلت حدة المعركة بين الأطراف المشتبكة في الأزمة السورية، من ساحة الحرب إلى ساحة السياسة، بعد تصاعد الأحداث منذ ليلة أمس، الإثنين، ولجوء روسيا والصين إلى استخدام حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار يتيح هدنة في حلب لمدة 7 أيام، واستندت روسيا في موقفها إلى أن الهدنة ستتيح الفرصة للمعارضة المسلحة أن تسترد عافيتها. كان مشروع القرار الذي تمت عرقلته أمس، الإثنين، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يطالب بهدنة مدتها 7 أيام في مدينة حلب السورية، وصاغته نيوزيلندا ومصر وإسبانيا. أما اليوم، الثلاثاء، فاتخذت الولايات المتحدة الأمريكية قرارها بالانسحاب من مفاوضات جنيف بشأن الأزمة السورية، التي كان من المقرر لها أن تعقد غدا، الأربعاء، في الوقت الذي لجأ فيه الجانب الروسي إلى لغة أكثر حدة على لسان ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بوصفه رد الفعل الأمريكي تجاه «مأساة» حلب بالضعيف. أما عن الموقف الرسمي لحكومة دمشق، فقد قالت وزارة الخارجية السورية، اليوم الثلاثاء، في بيان «إن سوريا ترفض أي محاولة من أي جهة كانت لوقف إطلاق النار في شرق حلب ما لم تتضمن خروج من وصفتهم بالجماعات الإرهابية منها». أزمة إنسانية يزداد الموقف الأمريكي تعقيدا في التعامل مع الأزمة السورية، إذ تكشف صحيفة الجارديان البريطانية قبل يومين عن محادثات جرت بين لندن وواشطن من أجل توفير وسائل لإسقاط مؤن غذائية ودوائية على أحياء حلب الشرقية والسكان المحاصرين في مناطق أخرى في سوريا. وأوضحت الصحيفة، أن المباحثات ظلت تُعقد طوال الأشهر الماضية في الولايات المتحدة، حيث جرى التداول خلالها حول مجموعة من الخيارات من إلقاء المساعدات بالمظلات، إلى إقامة جسر جوي بطائرات مسيرة. غير أن تلك المباحثات تخللتها خلافات بين بعض الأجهزة الحكومية، وتمنّع الجيش من الاشتراك في العملية، كما أثارت قلقا وسط المسؤولين من أن عمليات الإسقاط جوا دون إذن النظام في دمشق وحلفائه قد يعيق وصول المساعدات الإنسانية التقليدية إلى المتضررين. ومع تعثر تلك المباحثات، تتفاقم محنة سكان حلب الشرقية باطراد إلى حد اليأس، إذ لم يتسن لأي قافلة مساعدات برية العبور إلى تلك المناطق منذ 5 أشهر والتي سويت مستشفياتها بالأرض، بينما تتعرض المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة إلى قصف متواصل. ما توضحه صحيفة الجارديان البريطانية ينبيء عن محاولات أمريكية متكررة للسيطرة على الوضع الإنساني في حلب، وهو ما تستخدمه موسكو اليوم في دعايتها ضد الموقف الأمريكي، خصوصا بعد الهجوم الدامي على المستشفى العسكري الروسي في مدينة حلب السورية يوم أمس الإثنين. تصريحات حادة قد تكون حدة التصريحات ليست بالأمر الجديد على الأطراف المشتبكة مع الأزمة السورية، لكن فيما يخص معركة حلب، فقد تحولت هذه المعركة إلى المحرك الأساسي لمسار التفاوض السياسي، إذ تربط حكومة دمشق بين قبول هدنة وانسحاب المعارضة المسلحة من شرق حلب، أما حليفتها موسكو فقد لجأ وزير خارجيتها سيرجي لافروف إلى استخدام لغة التهديد الصريحة مرة أخرى، قائلا اليوم الثلاثاء: على مقاتلي المعارضة السوريين في حلب من أنهم سيبادون ما لم يوافقوا على وقف القتال وترك المدينة المحاصرة. هذا المأزق الأمريكي في عدم القدرة على اتخاذ خطوات حاسمة بشأن الأزمة السورية، في مواجهة تقدم قوات الجيش السوري مدعوما بروسيا، تصفه صحيفة الإندبندنت البريطانية بقولها إن الوقائع تثبت بأن النظام السوري قام بتغذية الخلايا الإسلامية لتضغط على المعارضة المعتدلة في جبهات عديدة، وبالتالي فإن وصول ترامب إلى الرئاسة لن يغير أي شيء في المعادلة، بينما تقول صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن مجيء ترامب وتعيينه شخصيات مثل مايك فلين مستشارا للأمن القومي، ووماتيس مستشارة للدفاع، المعارضان للاستمرار في تسليح قوات المعارضة السورية، قد يقلب المشهد بشكل درامي-  في المستقبل القريب. هذا التقدم في المعسكر السوري الروسي، يقابله ضعف في الجانب الأمريكي، إذ ترى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الخسائر الكبيرة للمعارضة السورية، أدت إلى انهيار حسابات السياسة الأمريكية في سوريا في وقت حساس من الحرب، مع انتخاب دونالد ترامب الذي يشير أصلا إلى احتمال حصول تحول درامي عند تسلمه منصبه. وتنقل الصحيفة عن رئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش في مقابلة: أطلعوني على استراتيجية للتخلص من الأسد، مفترضا أن لا وجود لاستراتيجية كهذه، مضيفا أن الروس يدعمونه والإيرانيين أيضا، ولا تحالف عسكري في المنطقة ليهزمه. ويزداد اضطراب السياسة الأمريكية تجاه سوريا يوما بعد يوما مع احتدام المعركة على الجانبين الميداني والسياسي.

مشاركة :