قال العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، جمال بن حويرب، إن ما نقل عالمياً لسنوات عن وضع القراءة في العالم العربي، والذي أشار إلى أن المواطن العربي يقرأ سنوياً مدة زمنية لا تزيد على ست دقائق، عار عن الصحة، ولم يكن مستنداً لأي دراسات أو مصادر علمية موثقة، بل هو رقم تناولته دراسة نشرت في دولة غربية، وتم تبنيه دون أي تدقيق، مؤكداً أنها معلومة لا تتفق مع المنطق، وأن مؤشر القراءة العربي أثبت أن «أمة اقرأ تقرأ». وأضاف خلال مشاركته في جلسة عقدت أمس ـ ضمن أعمال اليوم الثاني لقمة المعرفة 2016 التي ناقشت نتائج مؤشر القراءة العربي، الذي أظهر أن متوسط عدد ساعات القراءة سنوياً لدى الإنسان العربي يصل إلى 35 ساعة ـ أن الاستبيان الذي تم الاستناد إليه في وضع مؤشر القراءة العربي شاركت فيه عينة بلغ عددها 148 ألفاً مثلوا 22 دولة، وأظهر معلومات مخالفة تماماً لما هو سائد، مؤكداً أن ذلك لا ينفي أنه يجب بذل الكثير من الجهد للاستفادة من النتائج التي أظهرها المؤشر، خصوصاً أنه رصد الوضع الراهن للقراءة في العالم العربي، وفقاً لمعايير صارمة. وحمّل بن حويرب دور النشر في العالم العربي مسؤولية تحول القارئ العربي إلى القراءة الإلكترونية، وقال إن عدم شراء الكتب ليس نتيجة عزوف الإنسان العربي عن القراءة، بل لعجز دور النشر العربية عن تلبية احتياجاته، معتبراً أن توفير الكتاب للإنسان العربي في كل مكان في العالم أمانة يجب أن تصونها دور النشر، عبر زيادة عدد النسخ المنشورة، وعرضها بأسعار تسمح بشرائها من النسبة العظمى من أبناء العالم العربي. من جهتها، قالت الأستاذة الجامعية بالمعهد العالي للتربية والتكوين في جامعة تونس، الدكتورة نجوى غريس الفزاع، إن مؤشر القراءة العربي أداة أساسية في طريق التمكين المعرفي، وبناء الاستراتيجيات المطلوبة لتنمية المجتمع المعرفي. وتناولت الفزاع المنهجية التي على أساسها بني المؤشر، مؤكدة أن المؤشر يمثل أداة قياس تم تكوين أجزائها عبر جمع معلومات كمية ونوعية ترصد الوضع الراهن للقراءة في العالم العربي، مشيرة إلى أن تقييم وضع القراءة كان بالغ الأهمية في مشروع بناء المجتمع المعرفي، لأن القراءة بحد ذاتها وسيلة وأداة للتعلم والتثقيف باستخدام اللغة، التي هي بدورها ناقل وحاضن ومطور للفكر والثقافة والعلم. وأوضحت أن المنهجية التي استخدمت في وضع المؤشر استندت إلى ثلاثة أبعاد، تضمنت الإجابة عن سؤال حول: كم يقرأ الإنسان العربي؟ وبأي لغة وعبر أي وسيلة؟ إضافة إلى البعد الثاني، الذي عُني بالنوعية والمحتوى، والتي بدورها محكومة بالعوامل التي تتيح فرصة القراءة، والتي تتوافر عبر ثلاث بيئات أساسية، هي الأسرة والمجتمع والمؤسسة التعليمية، فيما يتركز البعد الثالث على ما يعرف بسيكولوجية القراءة، التي تتعلق بضرورة وجود سمات معينة لدى الطفل حتى يتمكن من القراءة، تتضمن قدرته الفعلية على فك الحروف، ووجود قناعة وإحساس إيجابي لديه تجاه القراءة، وتوافر دافع وحافز يضمن استمراره ومواظبته على المداومة على القراءة. وأكدت الفزاع أن عدد الساعات أو الوسائل المستخدمة في القراءة لا تمثل أهمية إذا ما كان المضمون والمحتوى القرائي هشاً وغير مفيد، مشيرة إلى أن الهدف من القراءة هو أن تتحول من آلية وفعل حركي إلى قناة فكرية، تحقق مجموعة من الغايات الإنسانية والفكرية. إلى ذلك، تناولت جلسات اليوم الثاني من القمة جلسة حوارية ناقشت دور القراءة في تعزيز الثقافة المجتمعية، وحماية مضامين الهوية الوطنية، ودورها في التمكين من اللغة، ودورها في تكوين شخصية الطفل العربي، إذ أكد المشاركون في الجلسة أن بناء جيل يقرأ يتطلب توفير بيئات حاضنة وداعمة لممارسة القراءة والكتابة، وأجمعوا على أن الأسرة تتحمل العبء الأكبر في صياغة رغبات وتوجهات الطفل، فيما تلعب المدرسة والأسرة التربوية التعليمية دوراً كبيراً في بناء شخصية الطفل المستوعب والمقتنع بأهمية القراءة. وناقشت الجلسات دور التكنولوجيا في دعم مشروعات التمكين المعرفي، وفي تطوير أساليب التعليم ومناهجه، والتغلب على الصعوبات والعوائق التي تحد من قدرة الحكومات على توفير التعليم النوعي لكل أفراد المجتمع وكل من يعيش على أراضيها، حيث تلزم القوانين والمواثيق الإنسانية الدولية بحق الطفل بالتعلم أينما وجد بغض النظر عن جنسيته أو جنسه.
مشاركة :