تحدت مارينا جابر قيوداً اجتماعية فرضت على نساء مدينة كانت في الماضي سباقة في مواكبة الحريات والحياة العصرية، إذ أطلقت مبادرة تتحدى العادات الاجتماعية في بيئة محافظة ترفض قيادة المرأة للدراجة الهوائية، كما تحد من حركتها وتضع قيوداً على ملابسها. وقالت جابر (25 سنة)، الناشطة في مجال حقوق الانسان: "أشعر بقوة كبيرة وبفرح غامر، تأكدت اليوم أن مجتمعنا ليس متخلفاً". وأضافت: "سرنا في الشوارع، وشربنا العصير معاً، وأكثر عبارة سمعناها: العراق بخير، فكفى خوفاً". وانعكس العنف الذي تشهده بغداد منذ عقود على شكل تشدد اجتماعي في الحياة اليومية فيها، خصوصاً في ما يتعلق بالمرأة، بعدما كانت هذه المدينة التاريخية سباقة على مستوى العراق والمنطقة في التمتع بالحريات. وقررت جابر التي تحمل شهادة في علم التغذية وتهوى الرسم في آذار (مارس) الماضي تحدي هذا التشدد، فقامت وحدها بجولة أولى في شوارع بغداد القديمة على دراجتها الهوائية، ما جذب انتباه الكثير من الفتيات الراغبات في ركوب الدراجة واللواتي يخشين القيود الاجتماعية. وقالت طالبة الإدارة والاقتصاد التي شاركت في الجولة: "عندما رأيت مارينا على فايسبوك للمرة الأولى، فرحت وتمنيت أن أكون معها". وأضافت: "هذا التحرك تعبير عن حقوق المرأة المفقودة في مجتمع يقمعها". وتابعت: "عندما كنت طفلة كان لدي دراجة وكنت دائماً ألعب بها، لكن حين بلغت المرحلة الرابعة الابتدائية، بدأ أهلي يمنعونني من ركوبها، من دون أن افهم لماذا". وجابت جابر وصديقاتها شوارع بغداد ومررن في شارع الرشيد، أقدم شوارع العاصمة والذي يشهد ازدحاماً شديداً، خصوصاً في ساعات الصباح. وحصلت الفتيات على دعم من شبان ناشطين رافقوهن في الجولة، ومن بين هؤلاء علي طالب، الذي قال إن "المجتمع ليس متخلفاً كما يشاع، إنما ليس هناك جرأة، الفتيات اليوم كسرن حاجز الخجل". وأضاف: "شاركنا اليوم من أجل تقديم الدعم لهن، وكانت معظم ردود الأفعال ايجابية، كما أحب المجتمع الفكرة". ورأى زياد الوردي أنه يجب تعميم فكرة ركوب الدراجة الهوائية لدى الجيل الشاب، فهي "وسيلة صحية وتقلل من الازدحامات وقادرة على الحد من وقت الانتظار عند نقاط التفتيش. لكن ما يردع الكثير من الذكور وليس فقط الاناث عن استخدامها، هي المظاهر المرتبطة بنظرة المجتمع". وتابع: "اتمنى أن يكون التحدي الوازع الأول لهذه المبادرة، بل الرغبة في تمكين فئات المجتمع المختلفة من استخدام الدراجات الهوائية فعلياً، كوسيلة عملية للمواصلات اليومية".
مشاركة :