شدد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في افتتاح أعمال القمة الـ37 في المنامة، على أهمية التعاون والتكامل بين دول المجلس، في مواجهة التحديات الدولية. وقال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز: إن «الواقع المؤلم الذي يعيشه بعض من بلداننا العربية، من إرهاب وصراعات داخلية وسفك للدماء، هو نتيجة حتمية للتحالف بين الإرهاب والطائفية والتدخلات السافرة، ما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها». وأضاف: «لا يخفى على الجميع ما تمر به منطقتنا من ظروف بالغة التعقيد، وما تواجهه من أزمات تتطلب منا جميعاً العمل سوياً لمواجهتها والتعامل معها بروح المسؤولية والعزم، وتكثيف الجهود لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار لمنطقتنا، والنماء والازدهار لدولنا وشعوبنا». وفي الشأن اليمني، شدد خادم الحرمين على أن الجهود مستمرة لإنهاء الصراع الدائر هناك بما يحقق لليمن الأمن والاستقرار، بقيادة حكومته الشرعية، ووفقاً لمضامين المبادرة الخليجية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216، مشيداً بمساعي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ. وفي الملف السوري، أكد الملك سلمان أن ما وصلت إليه تداعيات الأزمة هناك «يؤلمنا جميعاً، وما يعانيه الشعب السوري الشقيق من قتل وتشريد، يحتم على المجتمع الدولي تكثيف الجهود لإيقاف نزف الدم، وإيجاد حل سياسي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار، وحفظ وحدة الأراضي السورية وسلامتها». ودعا أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة رئيس الدورة الحالية للمجلس، في كلمته الافتتاحية، إلى الحفاظ على دور المجلس وتأثيره في الساحة العالمية، لافتاً إلى أن «مجلس التعاون، في ظل ما وصل إليه من تكامل مشهود، لم يعد أداة لتعزيز مكتسبات شعوبنا فقط، بل أضحى صرحاً إقليمياً يبادر إلى تثبيت الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عبر دوره الفاعل في وضع الحلول والمبادرات السياسية لأزمات دول المنطقة، ومنع التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية». وأضاف: «يتأكد لنا يوماً بعد يوم أن الأمن والتنمية محوران متلازمان، وأن مواصلة دولنا في تطوير وتفعيل الاتفاقات الدفاعية والأمنية لمواجهة أشكال التهديدات والإرهاب كافة، هو السبيل لحفظ سلامة أوطاننا وأمن شعوبنا وحماية منجزاتنا». ونبه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، إلى أنه على رغم أهمية الحوار البنّاء بين دول المجلس وإيران، فإن الحوار يتطلب لنجاحه واستمراره، أن يرتكز على مبادئ القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين الدول، التي تنص على احترام سيادة الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. وأشار إلى المعاناة التي تمر بها دول المجلس جراء انخفاض أسعار النفط، وما أدى إليه من اختلالات في الموازنات، والتأثيرات السلبية في المجتمع الخليجي، مطالباً بمراجعة كثير من الأسس والسياسات على مستوى الأوطان «كما يتطلب منا أيضاً، على مستوى علاقاتنا بالعالم، البحث عن مجالات للتعاون تحقق المصالح العليا لدولنا، وتساهم في تمكيننا من تحقيق التنمية المستدامة المنشودة لأوطاننا». ولفت إلى أن دول المجلس تواجه جميعاً تحديات الإرهاب «الذي يستهدف أمننا واستقرارنا وسلامة أبنائنا، بل وأمن واستقرار العالم بأسره، الأمر الذي يتطلب منا مضاعفة عملنا الجماعي لمواجهته ومواصلة مساعينا مع حلفائنا لردعه». ومضى أمير الكويت قائلاً: «استضافت بلادي على مدى أكثر من ثلاثة أشهر مشاورات الأطراف اليمنية المتنازعة، وبذلنا جهوداً مضنية لمساعدتهم في الوصول إلى توافق يقود إلى حل سياسي يحفظ لليمن كيانه ووحدة ترابه ويحقن دماء أبنائه، ولكن وبكل الأسف، ذلك لم يتحقق، واستمر الصراع الدامي، ونؤكد مجدداً إدانتنا الشديدة لاستهداف جماعة الحوثي وعلي عبدالله صالح مكة المكرمة». وعن الوضع في العراق، أعرب أمير الكويت عن الارتياح والدعم لما تحقق من تقدم في مواجهة ما يسمى «تنظيم داعش الإرهابي»، متطلعاً إلى أن تتحصن تلك الإنجازات بتحقيق المصالحة الوطنية وإشراك أطياف الشعب العراقي كافة في تقرير مستقبل بلادها». وكان خادم الحرمين الشريفين بحث، خلال استقباله رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، التي تحضر القمة، العلاقات المشتركة بين البلدين وسبل تعزيزها ومجالات التعاون، إضافة إلى مستجدات الأوضاع في المنطقة. وثمنت ماي في بيان أمس، القيمة الاستراتيجية التي تمثلها العلاقات الثنائية بين بريطانيا ودول الخليج، مؤكدة أن بريطانيا تقف داعماً لدول الخليج العربي وتسخر الإمكانات للحفاظ على أمن منطقة الخليج واستقرارها، معتبرة أن «أمن الخليج هو أمن بريطانيا». وقالت خلال زيارتها القوات البحرية الملكية البريطانية في ميناء خليفة بن سلمان في المنامة: «إنها لحظة مميزة بالنسبة إلي لأكون على متن إحدى السفن البحرية بصفتي رئيسة وزراء، إنها فرصة جيدة لأتحدث إليكم رجالاً ونساء تضعون حياتكم على المحك لحماية الناس ومصالح بريطانيا في جميع أنحاء العالم، إننا نشعر بالفخر تجاه قواتنا البحرية المعروفة بما تحتويه من خبرات وكفاءات مهنية عالية والتفاني الذي يبديه منتسبو البحرية من ضباط وبحارة وأفراد». وأضافت: «شهدت بنفسي العمل الدؤوب الذي تقومون به تجاه أمن الخليج الذي يعتبر أمننا، وزيارتي للبحرين تأتي لحضور اجتماع مجلس التعاون الخليجي، ونسعى إلى تأكيد شراكتنا مع دول الخليج وتعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع للحفاظ على أمن مواطنينا في الداخل والخارج، وتأكيد حفظ الاستقرار اللازم للتنمية على مستوى العالم». وشارك في القمة، التي تختتم أعمالها اليوم، قادة دول مجلس التعاون، باستثناء سلطان عُمان قابوس بن سعيد ورئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، اللذين مثلهما كل من نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في عُمان فهد بن محمود آل سعيد، ونائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
مشاركة :