تداعى المجلس الأعلى للصحافة في مصر مساء الثلاثاء 06/12/2016 إلى اجتماع عاجل، استهدف بحث قانون التنظيم المؤسسي للإعلام. وهو القانون، الذيانتهت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب من مناقشته،والموافقة عليه في جلساتها التي انتهت بعد ظهرالاثنين05/12/2016. وستشهدقاعةالبهو الفرعونيبمبنىمجلس الشورىالسابق في مصريومالأربعاء07/12/2016،اجتماعايحضره العشرات من الصحافيين مع لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب،من العناصر الداعمة للقانون في شكله الجديد،بالموازاة معاجتماع تعقده نقابة الصحافيين لإعلان موقفها من القانون الجديد،الذي يعيد هيكلة الإعلام في مصر. بيد أناللقاءات التي انطلقت أمسالثلاثاء،تتعارض في مواقفها من القانون الجديد للإعلام.فالمجلس الأعلىللصحافة،وكذلك نقابة الصحافيين،واللذان عارضا ماذهب إليه مجلس النوابولجنة الثقافة والإعلام من مناقشة القانون الجديد للإعلام،الذي أحيل إلىالبرلمان من الحكومة،بعد مناقشته في مجلس الدولة؛حيث قاطع المجلس الأعلىونقابة الصحافيين جلسات الاستماع التي عقدتها لجنة الثقافة والاعلام التي ناقشت القانون،وخاصة أنهمايريان في القانون المطروحتعارضا مع ماذهبت إليه مواد الدستور في هذا الشأن،رافضين مبدأ تقسيم القانون إلىجزأين،بحسب ماأوضحالأمين العام للمجلس الأعلىللصحافةصلاح عيسى،الذيسأل عن الأسس التي تم بمقتضاها تقسيم القانون الموحد للإعلام إلىقانونين،وكذلك طبيعة العلاقة بينهما؛موضحا أن القانون الموحد الذي تم التقدم به في السابق،تم التوافق بشأنه مع الحكومة،غيرأن-والكلام للأمين العام للمجلس الأعلىللصحافةمانشر عن قانون الهيئات،يكشف أن قانون سلطة الصحافة سيظل قائما،وسيلغىمنه فقط الباب الخاص بالمجلس الأعلىللصحافة،لتحل محله الهيئة الوطنية للصحافة،مؤكداأن ذلك يعني أن كل شروط الإصدار للصحف الموجودة الآن،ستظل مطبقة. وفي المقابل،رأىنقيب الصحافيين المصريينيحيي قلاش أن الصالح العام هو الذي يقف وراء التحركات الجارية في مسار الإعلام المصري؛مؤكداأن الهدف من وراء ذلك هو إنهاء حالة الارتباك القائمة في المشهد الإعلامي،وضمان حق كل مواطن في إعلام حر ومسئول. وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت منذ البداية عن تجاوبها مع ماستتوافق عليه الجماعة الصحافية والإعلامية،وأنها سوف تدفع بهذا القانون إلىمجلس الدولة المصريللنظر في مدىمطابقته لمواد الدستور المصري من عدمه. وبذلك،رفضت الحكومةوبإصرار التجاوب مع الأصوات التي نادت منذ أشهر طويلةبفصلالهيئات الصحافية والإعلامية عن القانون،وذلك لمخالفة القانون الواضحة لمواد الدستور"211-212-213". أمارأي أصحاب الاتجاه المعارض، فكان ينطلق منأن"الهيئات الثلاث"وفقالمواد الدستور الخاصة بإنشائها،ينص علىأن القانون يحدد إنشاء الهيئات الثلاث،ونظام عملها،والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها،وهو ماتوافر فيالنصوص المقدمة من لجنة الخمسين.غير أنالمواد الدستورية نصت تحديدا علىأخذ رأي الهيئات الثلاث في مشروعات القوانينواللوائح المتعلقة بعملها. وقد سبق ذلك عقد لقاء بين ممثلين لنقابة الصحافيينوالمجلس الأعلىللصحافة،وعدد من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين،مع وزير العدل السابق أحمد الزندورئيس قسم التشريعفي الوزارةحسن بدراويلمناقشة القانون.وحينها،ذهب بعض أعضاء المجلس الأعلىللصحافةونقابة الصحافيينإلى القولإن فصل الهيئات عن القانونيمثل اعتداء علىلجنة الخمسين التي أعدت القانون. وهنا،وإزاء الخلاف الذي أخذ في التصاعد بين الجهات المختلفة،أرسلت الحكومة نص مشروع القانون المقدم من لجنة الخمسين إلىمجلس الدولة لأخذ الرأي النهائي فيه،تمهيدا لعرضه علىالبرلمان،وذلك في شهر يونيو/حزيران الماضي،حيث استمرت إدارة الفتوىوالتشريعفيمجلس الدولة بمراجعة القانون علىمدى الأشهرالماضية.ثم،وبعد الانتهاء من عملها أرسلت خطابا إلىأمين عام مجلس الوزراء المصري،تضمن النقاط التالية: -أولا:إن المشروع المذكور سبق عرضه علي قسم التشريع بمجلس الدولة،فتدارسهواستبانله أن كثيرا من أحكامه تحتاج إلىتوضيح من الجهات القائمة علي إعداده،وأن هناك عدة مقترحات بتعديلات عليه وردت من كل من المجلس الأعلىللصحافة،واتحاد الإذاعة والتلفزيون،ونقابة الصحافيين؛ما استلزم طلب حضور مندوبين عن الجهات ذات الشأن،فحضر مندوب عنكل منوزارة الشؤون القانونية،ووزارة التخطيط،ووزارة العدل،وشاركوا القسم فيمناقشات علىمدار عدة جلسات،توافقوا خلالها علىبعض التعديلات،ثم طلبوا أجلا لإجرائها،وموافاة القسم بمشروع يتضمن ذلك. -ثانيا:إنه،وبتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول2016،ورد مشروع القانون المعدل وفق كتاب وزير الشؤون القانونية،فعرض علىالقسم،الذي لاحظ تلافي كثير مما اعتور المشروع السابق من شبهات عدم الدستورية،واستجابإلىكثير من مقترحات الجهات الصحافية والإعلامية،فقام القسم بمراجعته،وأدخل عليه التعديلات لضبط بعض النصوص التي تضمنت أحكاما مختلفة لمسائل متشابهةمندون مبرر للمغايرة،الأمر الذي قد يجعلها مشوبة بعدم الدستورية لوظلت علىحالها،فلم يتدخل لرفع مابها من عوار،لكونها مرتبطة بأحكام موضوعية،يتعينتعديلها بمعرفة الجهة القائمة علىإعداد المشروع،وذلك علىالنحو الذي ورد ذكره في الخطاب المقدم إلي مجلس الوزراء. -ثالثا:إن الرد تضمن العديد من الملاحظات المقدمة من إدارة التشريع بمجلسالدولة إلي الحكومة المسئولة عنإعداد وتقديم المشروع دستوريا. وكانت أخطر الملاحظات التي تضمنها رد إدارة التشريع بمجلس الدولة،مايلي:(أوجب الدستور في المواد أرقام 211-212-213 أخذ رأي كل من المجلس الأعلىلتنظيم الإعلام،والهيئة الوطنية للصحافة،والهيئة الوطنية للإعلام في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها،وهي ضمانة دستورية إجرائية،يتعين دوما إعمالها بقانون أولا،ثم يتم وضع القوانين المنظمة لشؤون الصحافة ووسائل الإعلام،حتىيمكن عرض هذه القوانين علىتلك الأجهزة لتبدي رأيها فيها وفقا للدستور،لأنه لايوجد فراغ تشريعي في شؤون الصحافة والإعلام المنظمة بقانونين قائمين). وعلىالرغم من وضوح موقف مجلس الدولة بشأن ضرورة تطابق بنود قوانين الصحافة والإعلام مع مواد الدستور،فإنبعض المعارضين لهراحوا يضعون العديد من العراقيل،في محاولة لمنع صدور القانون،وهي محاولات تستهدف في نظربعضٍتحقيق جملة من الأهداف،من بينها: - بقاء حالة الشلل الراهنة في المؤسسات الصحافية،رغم انتهاء صلاحيات المجلس الأعلىللصحافة منذ شهر يناير/كانونالثاني الماضي،حيث تأتي حالة الشلل تلك في مصلحة استمرار رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير للصحف والمؤسسات القومية،في ممارسة مهماتهم رغم مخالفة ذلك للقانون،وانتهاء مددبعضهم في يونيو/حزيران من العام الماضي،وانتهاءمددبعضهمالآخر في يناير/كانونالثاني من العام الجاري. - إن إصراربعضٍعلىتعطيل إصدار القانون،وخاصة بعض قيادات المجلس الأعلىللصحافة،ينطلق منالحرصعلىاستمرار المجلس الأعلىللصحافةبوضعيته وتشكيلته الحاليتين،وهو مايطرحأسئلةحول وجود شبهة مصلحة لدىبعضٍوراء موقفهم المعارض للقانون الجديد للإعلام. - إن هناك من يريد فرض الأمر الواقع،وكأنه يريد تجريد البرلمان من مسؤولياته وحقه في التشريع،متجاهلا صلاحياته الدستورية والقضايا. - إن الفصل بين مشروعيالقانونين يأتي كذلك استنادا إلىتفعيل المواد 70-71-72من الدستور،والتي تتناول حرية الصحافة والإعلام والضمانات القانونية التي تمنحها الصلاحيات،التي تؤهلهما للقيام بدورهما بما يضمن حق المواطن في وجودإعلام مهني ونزيه وفقا لمعايير الجودة العالمية،وبما يتفق مع دعم الهوية الثقافية المصرية،وحرية وحيادية المؤسسات الصحافية والإعلامية المصرية. بقي القول،إن حالة الجدل والخلاف حول قوانين الإعلام والصحافة الجديدة في مصرسوف تتواصل،وحتىبعد إقرار مجلس النواب المصري القانون الجديد بشكل نهائي. محمود بكري
مشاركة :