لم تكن الجزيرة العربية قبل تأسيس الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه أو المملكة بعد ذلك دولة متجانسة في يوم من الأيام، وهذا لا يعيبها أبداً، فهي أرض متنوعة الثقافات والأعراق والمذاهب واللهجات وحتى التاريخ، وعدم التجانس لا يعني عدم قدرة مكوّناتها المختلفة على الوئام. ذلك الاختلاف الذي يحاول بعضهم (تغطيته)، قاعدة صحية لبناء الحضارات ونضجها، ولكي يكتمل ذلك البناء لابد أن يُدرك أنه من الضروري في صناعة القرار أن يتسق مع المكون الديني لا العكس. ولن تكتمل الصورة وتترسخ إلا من خلال البدء بتنويع أفكار ومذاهب هيئة كبار العلماء 16 عالما منهم حاليا من 21 ينتمون لمنطقة واحدة ليتسق مع واقع إنسان المملكة ليشمل أعضاؤها جميع الطوائف والمذاهب، سنية كانت أو زيدية أو صوفية أو كيسانية، الجعفرية أو الإسماعيلية واثني عشرية. من حق المُكون البشري على هذه الأرض المباركة التي أشغلت العالم بحكمتها وحزمها مهما كان إرثه الثقافي والديني والفكري أن يأنس بفتواه ورجال دينه الذين يحكمون بما يتفق مع ذلك الإرث من داخل المؤسسة الحكومية، من خلال ممثلين له في هيئة كبار العلماء التي يجب أن تطعم بالعنصر النسائي ورجال الدين (المجتهدين) وليس ناقلي النصوص فقط، وبالتعليم الذي يؤصل ذلك الاختلاف المحمود، وأن لا تكون منابر مساجدنا وهيئاتنا الدينية وكتبنا حكراً لطائفة أو مذهب بعينه. لقد حان الوقت لتجاوز التراكمات التاريخية للوصول إلى صيغة تقارب بين جميع فئات المجتمع، تتفق مع رؤية المملكة الحديثة التي جعلت من إنسان هذا البلد هدفاً للتطوير والتغيير ومع فكر قادة هذا الوطن.
مشاركة :