ستراسبورغ (فرنسا) - قال خبراء مجلس أوروبا الجمعة إن القمع الذي مارسه النظام التركي اثر الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز، فاق ما يتيحه الدستور التركي والقانون الدولي. وانتقد هؤلاء الخبراء بالخصوص طرد عشرات آلاف الموظفين ضمن حملة التطهير الواسعة. وسجن نحو 36 ألف شخص بينما تم عزل أو وقف أكثر من 100 ألف من العاملين في القطاع الحكومي والجيش والقضاء ومؤسسات أخرى تخضع للتحقيق بتهمة التورط في الانقلاب الفاشل والارتباط بشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب التي قتل خلالها أكثر من 240 شخص. ولاحظ خبراء القانون الدستوري من أعضاء لجنة البندقية التابعة لمجلس أوروبا، أن تركيا واجهت بالتأكيد "مؤامرة مسلحة خطرة" وكان لديها بالتالي "أسبابا معقولة" لإعلان حالة الطوارئ. لكنهم أضافوا أن السرعة التي جرت بها عمليات الطرد الجماعي للموظفين لم تتح لهذه العملية "حدا أدنى من الضمانات الاجرائية". وقالوا "ان طريقة التطهير التي اتبعتها هذه للدولة تشبه كثيرا التعسف". وأوضحوا أن الموظفين تم طردهم وليس تعليق مهامهم، وفق اجراءات غير فردية بدا أن لا امكانية للطعن القضائي فيها. كما تم حل الجمعيات بدلا من وضعها مؤقتا تحت سلطة الدولة. كما انتقدت لجنة البندقية أيضا كون التهمة التي وجهتها السلطات التركية إلى الموظفين، وهي علاقات مفترضة مع الداعية فتح الله غولن، لا تبدو مبررة الدوافع بشكل كاف. واستهدف البعض دون أن تكون له "صلة مهمة" مع تيار غولن، بحسب مجلس أوروبا. وشدد الخبراء على أنه "حتى لو افترضنا أن بعض أعضاء حركة غولن شاركوا في الانقلاب" فإن ذلك لا يعني تحميل المسؤولية "لكل من كانت لهم صلة بهذه الشبكة في الماضي". كما أبدت لجنة الخبراء قلقها ازاء السماح لقوات الأمن بالاحتفاظ بمشتبه بهم قيد الاحتجاز دون مراقبة قضائية لفترة يمكن أن تفوق 30 يوما، ودون أن يتاح لهم الاتصال بمحام. وقال الخبراء بهذا الشأن إن التضييق على التواصل مع محامي يجب "أن يبقى أمرا استثنائيا ومبررا بوقائع محددة". ويواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان انتقادات غربية حادة بسبب حملة التطهير والقمع التي تسارعت وتفاقمت على اثر محاولة الانقلاب الفاشل. وهاجم إردوغان مرارا حلفاءه الغربيين واتهمهم بأنه قلقون على مصير الانقلابيين أكثر من قلقهم من محاولة الانقلاب. كما اتهم أوروبا بأنه تحولت إلى ملاذ آمن للجماعات الارهابية وأن قانونها يحمي الارهابيين، في اشارة إلى أنصار حزب العمال الكردستاني على الأراضي الأوروبية والمصنف ارهابيا.
مشاركة :