أكد خبراء ومحللون سياسيون على المكانة الدولية التي اكتسبها جهاز الاستخبارات السعودي ونجاحه في محاربة الإرهاب ومحاصرته وتجفيف منابعه، مؤكدين أن شهرة هذا الجهاز تجاوزت المحلية، وبلغت العالمية، مستشهدين على ذلك بما جاء على لسان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي؛ في فعاليات القمة الخليجية التي اختتمت في مملكة البحرين أمس، بأن السعودية ساعدت بريطانيا، وقدّمت لها معلومات استخباراتية أنقذت حياة آلاف الأشخاص البريطانيين، وقالت ماي: "سنستخدم خبراءنا لمواجهة الجرائم الإلكترونية". - الاستقرار الأمني فمن جهته أكد سلمان الأنصاري رئيس لجنة العلاقات السعودية ـ الأمريكية (سابراك) أن جميع الدول العظمى وبريطانيا بالتحديد، تعلم مدى أهمية الجهاز الإستخباراتي السعودي في تعزيز الاستقرار الأمني العالمي. وقال لـ " سبق " : "رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بحكم منصبها السابق كوزيرة داخلية، تعتبر من أكثر المدركين للأهمية القصوى للتعاون السعودي ـ البريطاني المشترك، فيما يتعلق بتبادل المعلومات الإستخباراتية"، مبينا أن "دول الخليج، وبالأخص السعودية لديها خطوط تعاون استخباراتي وأمني عالي المستوى مع حكومة بريطانيا ومع الدول الصديقة حول العالم". وأضاف "من وجهة نظري، أرى أن الرياض ولندن لديهما علاقة استثنائية ومميزة جدا، ومبنية على الثقة التاريخية المتبادلة، والمصالح الحيوية المشتركة، إذ تعلم بريطانيا تماما أن السعودية ودول الخليج بشكل عام، لديها مقومات وامكانات استراتيجية، تتخطى مواضيع الطاقة والنفط بكثير، وعلى سبيل المثال؛ الموقع الاستراتيجي لهذه الدول، والمعابر البحرية كمضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس، تعطي ثقلا استراتيجيا هائلا لدول الخليج، بحكم أن هذه المعابر تمر من خلالها أكثر من 10% من التجارة العالمية". وأضاف الأنصاري أن "بريطانيا منذ القدم وهي ترسم خططها من خلال التركيز على المعابر البحرية، لما لها من أهمية استراتيجية أمنية وعسكرية واقتصادية". - عمق التعاون الأمني: ومن جانبه، قال المحلل السياسي الدكتور نبيل العتوم لـ " سبق " : "ما صرحت به رئيسة الوزراء البريطانية يعكس عمق التعاون الأمني بين المملكة وبريطانيا، لا سيما وأن الرياض بات لديها قدرات استخباراتية كبيرة على رصد وتتبع واختراق التنظيمات الإرهابية، التي تسعى إلى إثارة الفوضى والقتل والدمار في العالم". وأضاف "حديث رئيسة الوزراء، يعكس اهتمام، بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وحكومته على مواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله ومحاصرته، والتعاون مع كافة القوى الإقليمية والدولية لتبادل المعلومات والخبرات لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، التي تسعى إلى تقويض السلم والأمن الدوليين". وتابع العتوم: "في هذا الإطار، كانت المملكة من أولى الدول التي اقترحت انشاء إدارة تتبع للأمم المتحدة، ودعمتها بـ150 مليون دولار، لتكون أحد أذرع الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، كما سعت المملكة إلى تشكيل التحالف الإسلامي المكون من 34 دولة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي باتت أحد أبرز التحديات التي تسعى لتقويض الأمن الإقليمي والعالمي، إلى جانب انتهاج المملكة لدبلوماسية الردع الوقائي لمحاربة الإرهاب، ومحاولة تجفيف منابع الإرهاب المالية واللوجستيه. - جهود سعودية في محاربة الإرهاب: يذكر أن المملكة قد ركزت في الفترة الأخيرة على الاستعان بجهود رجال الاستخبارات، في التصدي للإرهاب، بجميع صوره وأشكاله، سواء كان صادراً من أفراد أو جماعات أو تنظيمات أو مليشيات، أو دول، مما جعلها تحظي بإشادات إقليمية ودولية عدة، حيث دعمت السعودية كل المبادرات الدولية التي تصب في محاربة الإرهاب في أجزاء متفرقة من العالم. كما أثبتت بالقول والفعل، أنها في مقدمة دول العالم التي تحارب الإرهاب، إذ شددت الرياض على رفضها وإدانتها وشجبها للإرهاب بأشكاله وصوره كافة، وأياً كان مصدره وأهدافه من خلال تعاونها وانضمامها ومساهمتها بفاعلية في الجهود الدولية والثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله، والتزامها وتنفيذها القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. وصادقت المملكة أيضاً على العديد من الاتفاقات الخاصة بمكافحة الإرهاب، كما صادقت على جملة من الاتفاقات الدولية ذات العلاقة، وانضمت إلى اتفاقات أخرى ومعاهدات إقليمية في مجال مكافحة الإرهاب، ووقعت اتفاقات أمنية ثنائية مع عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة تتضمن بين بنودها مكافحة الإرهاب والتعاون في التصدي له ومحاربته.واستضافت جدة بداية عام 1436هـ أعمال الاجتماع الإقليمي الذي خُصص لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة. أيضا كانت المملكة أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي في مايو 2000. كما كانت سبّاقة في حض المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره. ودعت المجتمع الدولي إلى تبني عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها. وتوجت هذه المساعي باستضافة المملكة العربية السعودية للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في فبراير 2005 بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية. - التحالف الإسلامي: وبعدما بات الإرهاب داءً تداعت له الكثير من الدول الإسلامية والصديقة وقضّ مضاجع أركانها وأرهب مواطنيها، أعلن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان تشكيل تحالف إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب. وساهمت المملكة بفاعلية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها الرياض، واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع إلى أشد العقوبات، إلى جانب تعزيز وتطوير المملكة للأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وتحديث وتطوير أجهزة الأمن وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب. يذكر أن رئاسة الاستخبارات العامة السعودية هي هيئة حكومية، تعني بالمعلومات الاستخباراتية في المملكة، وتهدف بالدرجة الأولى إلى توفير الأمن والاستقرار، وتعمل على المحافظة على مكتسبات الوطن والمواطن داخل المملكة وخارجها. وهي تكوين إداري له هيكل تنظيمي محدد، وله مجموعة أهداف وإستراتيجيات واضحة، يسعى إلى تحقيقها وفق مبادئ وأسس ثابتة تتوافق في مضمونها ومحتواها مع الثوابت التي تقوم عليها المملكة العربية السعودية. واكتسبت الاستخبارات السعودية في السنوات الأخيرة خبرات متراكمة من دورها في محاربة الإرهاب في المملكة، وخارجها، ونجحت الاستخبارات في تعزيز تعاونها مع عدد من أجهزة الاستخبارات الدولية.
مشاركة :