قال بنك «QNB» أمس: «إن العام 2016 شهد وضعاً اتسم بانخفاضات متعددة في أسعار النفط وعائدات السندات العالمية، بالإضافة إلى المفاجآت السياسية، متوقعاً حصول تغيرات واسعة لهذه المظاهر خلال العام الجديد. ولاحظ البنك تشكّل خمسة محاور رئيسية، توفر في معظمها قوة دافعة إيجابية للنمو في الاقتصادات المتقدمة، ولكنها قد تكون عوامل إعاقة للنمو في الأسواق الناشئة. أولاً: يتوقع «QNB» تحولاً في التركيز من السياسة النقدية إلى السياسة المالية في الاقتصادات المتقدمة. ثانياً: يتوقع سياسة مالية توسعية في الولايات المتحدة لدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية بوتيرة أسرع، وهو ما من شأنه زيادة العائدات الأميركية. ثالثاً: من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى زيادة مخاطر هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، رابعاً: ينتظر حدوث انتعاش في أسعار النفط العالمية مع قيام الأسواق بعملية إعادة توازن في توافق مع خفض الإنتاج من قبل منظمة الأوبك ومع النمو القوي في الطلب. خامساً: يتوقع تفاقم المخاطر السياسية مع ارتفاع موجة الشعوبية وإجراء انتخابات مهمة في أوروبا. التحفيز أولاً: سنتناول التحفيز المالي المتوقع في الاقتصادات المتقدمة في عام 2017. ففي الولايات المتحدة، وعد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع. وفي مناطق أخرى، وصلت السياسة النقدية حدودها القصوى مع انخفاض أسعار الفائدة لأدنى مستوى يمكن أن تذهب إليه وفقدان برامج التيسير الكميّ لفعاليتها. على سبيل المثال، بلغ سعر الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي %-0.4 كما أن البنك لا يجد ما يكفي من الأصول لشرائها بسبب القيود المفروضة على برنامج التيسير الكميّ. وقد ساعدت سنوات من التقشف المالي وانخفاض أسعار الفائدة على خلق حيز مالي يتسم بالمرونة، ويخطط الآن عدداً من الاقتصادات الكبرى لإدخال حوافز مالية للعام 2017. وفي أوروبا، تشير مشاريع الموازنات المقدمة إلى الاتحاد الأوروبي إلى ارتفاع في بنود التحفيز والإنفاق في سنة الانتخابات. كما أعلنت كل من اليابان والمملكة المتحدة زيادة في الإنفاق على البنية التحتية. ومن شأن الحوافز المالية أن تساعد الاقتصادات المتقدمة على زيادة النمو إلى %1.7% في عام 2017 من 1.6ً في عام 2016. العائدات وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن تؤدي التحفيزات المالية إلى زيادة النمو والتضخم، مما يعني تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. وهذا يقودنا إلى المحور الثاني من ارتفاع العائدات الأميركية. فقد ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنحو 50 نقطة مئوية منذ انتخاب ترمب بسبب توقع حوافز مالية كبيرة. وفي حال تم تنفيذ وعود ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والإنفاق على البنية التحتية، فمن المرجح أن تستمر أسعار الفائدة في الولايات المتحدة في الارتفاع. الأسواق الناشئة ثالثاً: من المرجح أن يشجع ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة. فبعد انتخاب ترمب، شهدت الأسواق الناشئة أسوأ شهر من حيث هروب رؤوس الأموال إلى الخارج في عام 2016، حيث بلغ صافي التدفقات الخارجة للمحافظ نحو 24 مليار دولار في شهر نوفمبر، بالإضافة إلى ذلك، وعد ترمب بعدد من السياسات الحمائية خلال حملته الانتخابية التي، في حال تم تنفيذها، ستؤثر سلباً على الأسواق الناشئة. ونتيجة لذلك، يمكن أن يكون عام 2017 عاماً صعباً للأسواق الناشئة مع توقعات بتباطؤ النمو من نسبة %4.2 المسجلة في عام 2016 إلى %4.0. تعافي النفط المحور الرابع هو التعافي في أسعار النفط العالمية. نتوقع أن تبلغ أسعار النفط في المتوسط ما بين 55 و60 دولاراً للبرميل في العام المقبل، اعتماداً على مدى تنفيذ اتفاق أوبك الأخير. وقد التزمت أطراف الاتفاق على خفض الإنتاج بـ 1.2 مليون برميل يومياً من داخل أوبك و0.6 مليون برميل من خارج أوبك. وبشكل عام، من المفترض أن تستفيد الأسواق الناشئة من ارتفاع أسعار النفط، بينما سيشكل ذلك عبئاً على النمو في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو بوصفهما مستوردان رئيسيان للنفط. لكن، من غير المحتمل أن يشكّل ارتفاع أسعار النفط تأثيراً يضاهي الأثر الإيجابي لدوافع النمو الأقوى المذكورة أعلاه. التطورات السياسية وأخيراً، ستكون التطورات السياسية خلال عام 2017 محط الاهتمام في ظل تزايد الشعوبية في 2016 حيث لوحظ ارتفاع الأصوات المناصرة للتوجهات القومية ومناهضة الهجرة والعولمة الذي تم التعبير عنه من خلال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترمب في الولايات المتحدة والتصويت برفض التعديلات الدستورية في إيطاليا. وفي 2017، ستكون المفاوضات المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي والانتخابات في كل من فرنسا وألمانيا وهولاندا واحتمال إيطاليا أيضاً بمثابة مخاطر تهدد النمو. فمن شأن فوز المرشحين الشعوبيين زيادة الانعزالية والحمائية بشكل يدعو للشك حول استمرار وجود الاتحاد الاوربي ومنطقة اليورو نفسها. ومن شأن ذلك زيادة حالة عدم اليقين والتقلبات في الأسواق المالية والتأثير بشكل سلبي على النمو. منذ الأزمة المالية، اتجه النمو العالمي نحو التراجع إلى جانب انخفاض التضخم وأسعار الفائدة، لكن من المرجح أن يشهد الاقتصاد العالمي تحولاً كبيراً في 2017 مع انتقاله من أكثر السياسات النقدية تيسيراً إلى سياسة التحفيز المالي ومع ترسخ التعافي في أسعار النفط. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى ما يشبه تحولاً في الاقتصاد العالمي، بدءا من الاقتصادات المتقدمة مع ارتفاع النمو والتضخم. وعليه، فإن عام 2017 قد يكون بمثابة محطة التغيير في الاقتصاد العالمي.;
مشاركة :