الطائرات الأسرع من الصوت تبعث مجد الكونكورد

  • 12/12/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مايكل سكيبنكر شركات الطيران التي اقتصرت خدماتها حتى الآن على خدمة النخبة من الأغنياء اضطرت إلى خفض عدد رحلاتها إلى النصف بسبب نقص الطلب عليها عندما تحطمت طائرة الكونكورد التابعة لشركة الطيران الفرنسية فوق فندق في باريس بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار شارل ديغول يوم 25 يوليو/ تموز عام 2000، ما أسفر عن مقتل 109 أشخاص كانوا على متنها، وأربعة على الأرض، بدا أن حلم الطيران المدني فائق السرعة قد انتهى. لكن الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية البريطانية، وهما: شركتا الطيران الوحيدتان اللتان استخدمتا طائرة الكونكورد، استمرتا في تسيير رحلاتهما عبر المحيط الأطلسي، لكنهما استسلمتا في عام 2003. يوم تحطمت طائرة كونكورد فوق باريس، تلقيت أول رسالة نصية على هاتف نوكيا بحجم قبضة اليد، وطلب مني العودة إلى المكتب. أما اليوم فإمكان أي شخص يملك هاتفاً متحركاً، مشاهدة الأخبار وهو يسير في الشارع. وإذا كان فضولياً يمكنه أن يبث الخبر للعالم. نحن نعيش في عصر توجه السيارات سائقيها إلى مواقف السيارات الشاغرة، عصر السيارات ذاتية القيادة. ومن مكتبك يمكنك متابعة ما يجري في غرفة المعيشة في منزلك. ويمكنك وأنت في الطريق إليه تنبيه الأضواء وجهاز التدفئة لتبدأ العمل فوراً بشكل تلقائي. ولكن في الوقت الذي تشهد الأجهزة الذكية تطورات يومية يتراجع قطاع الطيران إلى الخلف. فالكونكورد، التي بدأت التحليق عام 1976، نقلت النخبة من ذوي الرواتب المرتفعة من لندن إلى نيويورك في ثلاث ساعات ونصف. ويتوقع كثيرون اليوم أن تصبح مثل هذه الرحلات عادية جداً. في الستينات من القرن الماضي عندما كانت الحكومتان الفرنسية والبريطانية تمولان مشروع الكونكورد، توقعت إدارة الطيران الأمريكية أن يبلغ عدد الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت 200 طائرة خلال أقل من عشر سنوات. وستكون تلك الطائرات لركاب الدرجة الاقتصادية فقط، أما الأغنياء فسيكون لديهم طائرات فائقة السرعة خاصة بهم. واليوم تستغرق الرحلة من لندن إلى نيويورك حوالي ثماني ساعات. ولتوفير الوقود تطير الطائرات بسرعات أقل مما كانت عليه في الستينات.وبصرف النظر عن التقدم الذي طرأ على بعض الخدمات على متن الطائرة مثل شاشات ظهر المقعد بدلاً من الشاشات المركزية، فإن السفر جواً لم يشهد تغيراً جذرياً منذ عقود. ويمكن لأي شخص أن يضع حداً لهذا التخلف في صناعة الطيران؟ تقول شركة بوم الناشئة ومقرها دنفر، إن نموذجاً تجريبياً لطائرة ركاب أسرع من الصوت سوف ينطلق إلى السماء في نهاية عام 2017، بفضل دعم مجموعة فيرجن التي يقودها ريتشارد برانسون، التي تقدم الدعم التكنولوجي؛ حيث طلبت شراء أول 10 طائرات. وتأمل الشركة أن ترى طائراتها الجديدة تطير في رحلات تجارية عام 2023. لماذا تعتقد بوم أنها سوف تنجح؟ يقول بليك شول، الرئيس التنفيذي للشركة إن طائراته لا تقل تقدماً بمقاييس العصر عن تقدم الكونكورد في عصرها وصناعة الطيران تشهد تحولاً مستمراً. وسوف يدخل في صناعة الطائرة الجديدة مركبات الكربون التي هي أكثر قدرة على تحمل الحرارة من جسم الطائرة المصنوع من الألمنيوم كالكونكورد. وهذا سيسمح لطائرات بوم بزيادة سرعتها بنسبة لا تقل عن 10%. كما أن التقدم في تكنولوجيا المحرك يعني أنها لا تحتاج لحارق إضافي للدفع خلال اختراق حاجز الصوت ما يعني توفيراً كبيراً في استهلاك الوقود. ونظراً لتعرض الكونكورد لانتقادات شديدة بسبب الضجيج الذي تحدثه لدى اختراق حاجز الصوت، فإن رحلات الطائرات الجديدة ستتم في الأغلب عبر المحيط. ويقول شول إن طائراته سوف تقطع المسافة من سان فرانسيسكو إلى طوكيو في خمس ساعات ونصف أي نصف الوقت الذي تحتاج إليه الطائرات التقليدية. إلا أن الفارق الحقيقي حسب رأيه سيكون في اقتصاد استهلاك الوقود وفي عدد الركاب؛ حيث لا يتجاوز عدد مقاعد طائراته 45 مقعداً وكلها بنفس سعر درجة رجال الأعمال في الرحلات الحالية. إلا أن نجاح مشروع بوم غير مضمون، خاصة وأن الشركات التي اقتصرت خدماتها حتى الآن على خدمة النخبة من الأغنياء اضطرت إلى خفض عدد رحلاتها إلى النصف، بسبب نقص الطلب عليها، لكن شول يتهمها بأن أسعارها ليست منطقية، وأن رحلاتها لا توفر وقت المسافرين. ويؤكد أن الناس الذين يقدرون قيمة الوقت مستعدون لدفع الثمن. وبما أن البرهان على صحة كلامه يستغرق عشر سنوات فعلينا أن نتوقع مزيداً من التطور التقني في القطاعات الأخرى في حين يبقى قطاع الطيران متخلفاً عن غيره. وهذا يقودنا إلى الاعتراف بأن طائرة الكونكورد التي طارت أول مرة قبل أربعين عاماً كانت تجربة جديرة بالمتابعة.

مشاركة :