نجحت شركة أسمنت الكويت باستخدام الإطارات المستعملة مصدراً للوقود التقليدي، دون أن ينجم ذلك عن متغيرات بيئية أو تشغيلية، في أول تجربة من نوعها تقوم بها شركة صناعية في الكويت. جاء هذا الإنجاز في برنامج تدريب أقيم في مصنع الشركة بالشعيبة وبمشاركة الهيئة العامة للبيئة والهيئة العامة للصناعة، وتحت إشراف معهد "فروانهوفر" للبيئة والسلامة وتكنولوجيا الطاقة، وهو أكبر منظمة بحوث تطبيقية في أوروبا، ومقره في ألمانيا. وأظهرت نتائج برنامج التدريب إمكانية الشركة في حرق نحو 20 ألف إطار مستعمل يومياً، في أفرانها، التي تعمل بدرجات حرق عالية جداً تتراوح بين 1200 و1400 درجة مئوية، مما يحول دون إنتاج انبعاثات سامة أو غازات ضارة. وبهذه التقنية المطورة، تستطيع شركة أسمنت الكويت استهلاك الأعداد المتراكمة للإطارات المستعملة في الكويت خلال ثلاث سنوات. وقال د. محمد داود الأحمد، نائب المدير العام لقطاع شؤون الرقابة البيئية في الهيئة العامة للبيئة، إن برنامج التخلص من الإطارات المستعملة بحرقها كمصدر للوقود، يعتمد منهجاً علمياً سليماً وصحيحاً، ويرفع أيضاً القدرات لدى الهيئة العامة للبيئة والهيئة العامة للصناعة في استيعاب آلية جديدة للتخلص من المخلفات في المحارق بشكل عام. وأضاف الأحمد، أن هذا النوع المتطور من الفهم والاستيعاب لمتطلبات الحرق من خلال برامج التدريب هذه أمر مهم جداً بالنسبة للكوادر الوطنية العاملة في الهيئات. وأثنى على جهود شركة أسمنت الكويت في التطوع وتحمل تكاليف برنامج التدريب المميز بالنسبة للمتطلبات البيئية والسلامة والصحة في حرق أي نوع من أنواع المخلفات. وقدم المعنيون من معهد "فروانهوفر" شرحاً مفصلاً عن استخدام موارد الإطارات المستعملة في توليد الطاقة بخط إنتاج الأسمنت، حيث شدّد المهندس مارتين ميلير من المعهد على أهمية تبني مثل هذه التقنية، التي أثبتت نجاحها على مستوى العالم، وهي تقنية آمنة كاملة، تقلل أيضاً من الأضرار التي يسببه تراكم الإطارات المستعملة تحت أشعة الشمس. وأبدى ميلير في ختام البرنامج ثقته الكاملة في قدرة شركة أسمنت الكويت على حرق الإطارات المستعملة والمساهمة في التخلص منها بفضل أفرانها المتقدمة. وأكد أن تحاليل مداخن الغاز والهواء المحيط بمنطقة تجربة حرق الإطارات لتوليد الطاقة، أظهرت عدم وجود تغيير ملحوظ قبل وخلال وبعد حرق الإطارات المقطّعة المستعملة، كما أثبتت عدم وجود أي انبعاثات تخالف القياسات العالمية المعتمدة. وتولت الشركة الوطنية للخدمات البترولية "نابيسكو" الرصد المستمر لمداخن الغازات والهواء المحيط، باعتبارها شركة خدمات بيئية مستقلة تحمل التصنيف "أ" كمستشار بيئي من قبل الهيئة العامة للبيئة في الكويت. من ناحيته، أكد د. مشعل الإبراهيم، مدير إدارة البيئة الصناعية في الهيئة العامة للبيئة، أهمية دعم شركة أسمنت الكويت والشركات العاملة في مجال التدوير واستخدام النفايات، وأيضاً على خلق وعي عن المشكلة وحلولها. وقال د. الإبراهيم، إن هذه التقنية ستساعد في القضاء على مشكلة كبيرة في تراكم الإطارات المستعملة والخطرة التي تعانيها دولة الكويت، وأيضاً يشكل حضور المعهد الألماني "فروانهوفر" دليلاً على فعالية البرنامج الذي تمت إقامته، لأن المعهد معروف في قدرته في التحكم على النفايات واستخدامها. من جهتها، تحدثت المهندسة سهى كرم من الهيئة العامة للبيئة عن تجربة البرنامج، "حيث كانت مميزة، وأعطى خلالها معهد "فروانهوفر" نبذة عن الإطارات المستعملة، وأضرارها وطرق التعامل معها من تقطيع وتدوير. وقالت كرم، إن المعهد يمتلك الخبرة في استخدام الإطارات وحرقها لتكون مصدراً للوقود في مصانع الأسمنت، موضحة أن نتائج تحليل شركة "نابيسكو" كانت مبهرة في خفض بعض الملوثات مقارنة بالوقود العادي. وتعليقاً على فوائد البرنامج، الذي أقامته شركة أسمنت الكويت، قال يوسف الوتار مدير إدارة مكتب المدير العام في الهيئة العامة للصناعة، إن لهذه التجربة مردوداً إيجابياً على دولة الكويت، وسرعة التخلص من النفايات وخصوصاً الإطارات المستعملة. وأضاف الوتار أن شركة أسمنت الكويت تمتلك اليوم الطاقة الاستيعابية للتخلص من أصعب النفايات والاستفادة منها في تشغيل مصنعها وتوفير استخدامها لأي مواد، موضحاً أن تبني هذه التجربة وتشجيع إنجازها هو دعم للعناصر الشبابية الوطنية والاستفادة مما يصب في مصلحة البلاد والتخلص من هذه النفايات. وتُصنف شركة أسمنت الكويت التي أسست عام 1968 واحدة من أعمدة الأساس في صرح الصناعة الوطنية وفي مشاريع التنمية والتشييد، إذ تستثمر في تقنيات حماية البيئة للحد من انبعاثات مصانعها، وهو ما نجحت الشركة خلاله في تحقيق معدل انبعاثات يبلغ 30 ميليغراماً لكل متر مكعب، وهو مستوى أقل بكثير من المعيار الأوروبي البالغ 50 ميليغراماً لكل متر مكعب، وتمتلك الشركة قدرة إنتاج للاسمنت تتجاوز خمس ملايين طناً سنوياً. وتعد دولة الكويت إحدى أكبر مواقع تكدس الإطارات المستعملة في العالم، حيث تشير التقارير إلى وجود أكثر من 20 مليون إطار مستعمل على أراضٍ مرتفعة القيمة في منطقة رحية. ويزداد هذا العدد يومياً بمعدل يصل إلى 3000 إطار يومياً، وتتسبب هذه الإطارات المستعملة بمخاطر على السلامة والصحة العامة في الكويت.
مشاركة :