هل تتسع تونس لعودة أبنائها الإرهابيين بقلم: فاطمة بدري

  • 12/13/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هل تتسع تونس لعودة أبنائها الإرهابيين السلطات الرسمية تدعم عودة التونسيين المنخرطين في بؤر الإرهاب تحت غطاء إعلان التوبة، ورفض شعبي لتحول تونس إلى مصب نفايات للتنظيمات الإرهابية. العربفاطمة بدري [نُشرفي2016/12/13، العدد: 10484، ص(4)] لا مكان للإرهابيين في تونس تونس - أدى تضييق الخناق تدريجيا على الإرهابيين المنخرطين في تنظيم الدولة الإسلامية سواء في العراق أو سوريا وليبيا أيضا، إلى فتح سجال كبير في تونس حول مصير الأعداد الكبيرة التي انضمت إلى صفوف هذا التنظيم. وفيما يذهب الرأي العام إلى رفض عودتهم إلى البلاد كان للسلطات الرسمية موقف آخر مفاده القبول بعودتهم تحت مظلة قانون “التوبة”. ففي الوقت الذي تسير فيه معركة الموصل في اتجاه كسر شوكة التنظيم والقضاء على إمارته المزعومة هناك، ومع قرب حسم معركة حلب في سوريا والتي تعني أن المرحلة القادمة ستكون معركة الدولة الإسلامية والتي بدأتها قوات سوريا الديمقراطية، وبعد إعلان خلو سرت من “الدواعش”، انطلق الحديث عن مصير الآلاف من التونسيين المنضوين تحت لواء التنظيم يطفو على السطح ويأخذ منحى جديا يتصاعد من يوم إلى آخر هذه الفترة. وبينما ترفض عدة أحزاب وجانب كبير من مكونات المجتمع المدني فكرة إعادتهم إلى البلاد خوفا من أن يحملوا تجاربهم الجهادية إلى تونس التي مازالت تخوض حربها ضد الإرهاب الذي كان أحد أسباب تراجع اقتصادها، تتجه بعض الأصوات في السلطة إلى دعم فكرة إعادة إدماجهم في المجتمع بعد مبادرتهم بإعلان “التوبة” وعدم تورطهم في جرائم قتل وعنف وترويع في المناطق العائدين منها. ويبدو الأمر مثيرا للسخرية هنا نظرا إلى أنه لا توجد غاية أخرى غير القتل يمكن أن ترتبط بالعناصر الجهادية ولا سيما “الدواعش”. وأثارت تصريحات الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في لقاء صحافي في باريس والتي كان مفادها أن القانون التونسي لا يسمح بسحب الجنسية من التونسيين مهما كانت الجريمة المرتكبة، سجالا كبيرا في البلاد سواء على المستوى الشعبي أو السياسي، بل يقدر بعض المراقبين أنه قد يتم عرض الملف على الاستفتاء. وتقول بعض المصادر إن السبسي يريد تكرار التجربة الجزائرية التي أعلنها بوتفليقة فترة العشرية السوداء، بأن يتم العفو على الإرهابيين شرط إعلان توبتهم. ولكن هذا الطرح لا يجد التأييد الكافي في تونس لعدة اعتبارات لعل أهمها غياب ضمانات تكفل مصداقية “التوبة” المرجوة من هذه العناصر. ويحاول السبسي طمأنة الشارع التونسي عبر التأكيد على الجهوزية الأمنية للتعامل مع هذه العناصر في حال عودتها سواء عبر إيداعهم السجن أو عبر طرح فكرة “التوبة” وفق ما نص عليه الفصل الـ33 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2016 المؤرخ في 07 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال. وبحسب هذا القانون “يعد مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن، كل من يتعمد استعمال تراب الجمهورية أو تراب دولة أجنبية لانتداب أو تدريب شخص، بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية، داخل تراب الجمهورية أو خارجه”. المجتمع التونسي لن يكون على استعداد للاندماج مع هذه المجموعات الخطيرة، وستبقى الريبة وانعدام الثقة بل الرفض سيد الموقف ولا يبدو أن فكرة أو مشروع “التوبة” المنتظرة ستؤتي أكلها أو ستكون ذات جدوى قياسا للسياق الإجرامي الخطير الذي يميز الإرهابيين التابعين لتنظيم الدولة الإسلامية. وسيكون من الصعب بل من المستحيل على الأشخاص الذين دأبوا على الإجرام كسلوك يومي وسفك الدماء وقطع الرقاب كهوية لسنوات أن ينخرطوا من جديد داخل منظومة مدنية وفكر مواطنة يتعارض تماما مع أبجديات الفكر الذي آمنوا به ودافعوا عنه بمستويات مختلفة من الوحشية. هذا وتؤكد جملة من التقارير أن تونس تنام على مخازن سلاح غير معلومة من الدولة، وأنه في حال وقوعها في أيدي هذه العناصر التي تدربت على مختلف فنون القتال وآليات التعاطي مع أنواع مختلفة من السلاح، فإن النتائج ستكون كارثية ولن يكون بمقدور أي حكومة إنقاذ الموقف آنذاك. من جهة أخرى تبذل تونس اليوم جهودا كبيرة من أجل إنقاذ اقتصادها سواء بتشجيع المستثمرين على دخول السوق التونسية، أو بالترويج من جديد للسياحة عبر طمأنة السياح أمنيا، ويؤكد المراقبون أن كل هذه الجهود قد تتبخر في حال عودة الإرهابيين. فالجانب الأمني كان أحد الأسباب المركزية التي أبعدت المستثمرين، وأوقفت تدفق السياح إلى البلاد. والأكيد أن نبأ عودة “الدواعش” لن يكون الخبر المنتظر للمستثمرين الذين بدأوا يسلطون الضوء على السوق التونسية، ولن يكون الإعلان الأمثل لعودة الملايين من السياح. كما أن المجتمع التونسي لن يكون على استعداد للاندماج مع هذه المجموعات الخطيرة، وستبقى الريبة وانعدام الثقة بل الرفض سيد الموقف، لا سيما وأن العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد قد خلقت موجة حقد ورفض كبيرة لكل فكر إرهابي. ويتراوح عدد التونسيين المنتسبين إلى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في سوريا والعراق، بين 2500 و3000 شخص، فيما يقدر عددهم في بؤر التوتر الأخرى التي تشمل بالأساس ليبيا واليمن ومالي بين 2300 و2800 شخص. ووفق تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة المكلف بمتابعة ملف المرتزقة، فإن عدد المقاتلين التونسيين الجهاديين والمرتزقة الذين التحقوا ببؤر التوتر يبلغ حوالي 5800. ويتوزع المقاتلون التونسيون بين 4000 توجهوا إلى سوريا، في حين تحول إلى ليبيا ما بين 1000 و1500 مقاتل، و200 إلى العراق، و60 إلى مالي، و50 مقاتلا يوجدون باليمن. ورافق الجدل المتصاعد حول عودة الإرهابيين تسليط الكثير من المتابعين الضوء على أموال قطر وتركيا التي تدفقت في مؤتمر الاستثمار على تونس سواء في شكل هبات أو ودائع، معتبرين أنها بمثابة الثمن المدفوع من قبل الدولتين الأكثر تورطا حسب عدة تقارير في دعم وتمويل تنظيم الدولة الإسلامية. ويقول هؤلاء إنه بعد أن بدأت مؤشرات هزيمة التنظيم تتضح في أكثر من بؤرة توتر، بدأت الدول التي مثلت معبرا آمنا لمرور الإرهابيين، وملاذات التمويل بالنسبة إليه تفكر في مآلات هذه العناصر بعد سقوط التنظيم. ويبدو أنها خلصت إلى أن تونس التي تكابد من أجل تحريك اقتصادها يمكن أن تتحول إلى “مكب نفايات” لهذا التنظيم الإرهابي. ويعلل هؤلاء موقفهم بتوقيت إعلان الدولتين دعمهما المادي لتونس التي يعلم الجميع بأزمتها الاقتصادية منذ ثلاث سنوات على الأقل، ولكن لم تصدر عن البلدين أي خطوات تصب في اتجاه دعم اقتصادها أو مد يديهما لها طيلة هذه الفترة، وانتظرا موعد بدء العد التنازلي لنهاية التنظيم لتعلنا عن دعمهما للتجربة التونسية كما تم الترويج له. :: اقرأ أيضاً صراع المالكي والعبادي يهدد بانشقاق حزب الدعوة انهيار المعارضة في حلب يخلط الأوراق بريطانيا تحمّل الطلاب الأجانب فاتورة الهجرة كاملة السيسي يكشف هوية مرتكب حادث الكنيسة البطرسية

مشاركة :