يتردد الشباب ممن هم مقبلون على الارتباط بشريكة الحياة الزوجية في اختيار زوجة المستقبل، فما بين ما تعلق في أذهانهم من فكرة الزوجة ربة البيت التي تهتم بالأبناء وبراحة زوجها، وما بين الواقع الذي يعيشونه والظروف الاقتصادية التي لعبت دورا مهما في ترجيح كفة الزوجة الموظفة، فالعديد من الشباب أصبح يعي أن الاستقرار النفسي مهم لكل الأشخاص وخصوصا للزوجين بعد الزواج، ومن أهم أسباب الاستقرار النفسي هو الجانب المادي المريح، فالفتاة العاملة في نظر بعض الشباب المقبل على الزواج هي بمثابة الرافد المادي الثاني للأسرة. ظروف صعبة يؤكد علي القرني -طالب جامعي- على فكرة الزواج من موظفة ويبرر أنه من الطبيعي في هذا الزمن الصعب أن يبحث الشاب عن زوجة موظفة تساعد على توفير حياة لائقة لها ولأولادها، فالشباب في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعيشها وغلاء الأسعار في ظل ضعف الرواتب لا يتحملون أعباء بناء أسرة لوحدهم والفتيات هذه الأيام لا يرضين بالقليل فهن دائما ما يطالبن بشراء ملابس على آخر موضة وماركات معروفة وماكياج وأدوات تجميل وما إلى ذلك فمن أين يوفر لها الشاب إذا كان راتبه لا يكفي مصروف البيت من مستلزمات وفواتير، فبداية على الشباب أن يؤمن كل شيء من تكاليف الزواج ومصاريف أخرى، خاصة أن بعض الأهالي لا يقبلون إلا بمهر عالٍ وحفلة في قاعة أو قصر أفراح فماذا سيفعل الشاب؟. قروض بنكية فيما يتفق محمد المسيعيد -طالب طب- مع هذا الرأي إلا أنه يؤكد ومن وجهة نظره بأن الزواج من موظفة لا يعني رمي كل مسؤولية الإنفاق على الزوجة، بل يقتصر راتبها الشهري على التشارك في نصف المسؤولية في المصروفات، ولاسيما أن غالبية الشباب في بداية حياتهم الزوجية يستعينون بالقروض البنكية لمساعدتهم على تكاليف الزواج، وبالتالي يحتاج الزوج لمساعدة الزوجة وتعاونها على اختلاف الحياة في الماضي حيث كانت وتيرة الحياة بسيطة ومتطلباتها محدودة. التفاهم والثقة أما الشاب فهد الغامدي -ماجستير إعلام- فيأخذ الموضوع بتعقل وتوازن ويقول: رغم أنني أفضل زوجة المستقبل أن تكون ربة بيت، لكن ليس لدي أي اعتراض على فكرة كون الزوجة موظفة، لكن بشرط ألا يشغلها عملها عن بيتها وأبنائها فهذا هو الأساس، أعتقد أنه من المهم أن تكون الزوجة متفهمة لاحتياجات بيتها وزوجها وأبنائها وعلى درجة عالية من الثقافة، وكذلك الزوج يجب أن يكون متفهماً لاحتياجات بيته وزوجته وأبنائه، المهم في مشروع الزواج هو التفاهم والثقة بين الزوجين، وعدم الإقدام على خطوة الزواج لمجرد أن الفتاة موظفة، ولكي تساعد في ميزانية البيت، بل يجب الظفر بذات الدين أولاً كما يحثنا ديننا الحنيف. البيت مسؤولية المرأة ولا يؤيد الشاب أيمن العمار -طالب هندسة معمارية- عمل المرأة ويبرر من وجهة نظره بأن المرأة العاملة لا بد وأنها ستُقصر في جانب الواجبات الأسرية التي هي أساسية بالنسبة لها، وهذا ليس تقصيراً منها ولكن ظروف العمل تحتم عليها أحياناً، حيث إن وقت العمل ومسؤوليته ستكون على حساب مسؤوليات البيت، وأريد زوجتي أن تتفرغ كلياً لتربية الأبناء ورعايتهم والاهتمام بالبيت، لأن تدبير المنزل أهم مسؤولية للمرأة، كما أن أغلب المشاكل بين الزوجة الموظفة وزوجها تدور حول طريقة صرف المال وأحقية كل فرد بدفع التزامات معينة. شباب اتكالي وتحدثنا السيدة أم مشعل العمار بقولها: شباب اليوم لا يعرفون سوى شعار (أريدها موظفة) وذلك لتفكيرهم في المادة فقط على الرغم من إمكانية بعضهم على تحمل تكاليف مصاريف البيت والأبناء، واليوم بعض الشباب تدفعهم حاجة مادية للزواج من فتاة موظفة لسعيهم وراء مساعدتهم ودعمهم على تكاليف الحياة والبعض الآخر من هو بطبعه اتكالي فيجعل مسؤولية صرف التزامات البيت على المرأة، فهذا النوع من الشباب لا يسعى إلا إلى الارتباط براتب شهري مساند له كنوع من الاعتماد على راتب الزوجة دون التفكير في العواقب التالية للزواج، لأن هدفه من الزواج مادي، كما أن نتائج هذا الزواج تنعكس على الأبناء طالما أن الأم هي من ترعى شؤونهم ومتطلباتهم. التضحية والتنازل أما الشابة نورة عبدالرحمن فلها وجهة نظر مختلفة وتقول: أصبح كثير من الأزواج الآن يطالب براتب الزوجة ويجد أن هذا حق من حقوقه طالما سمح لها بالعمل وتنازل عن بعض حقوقه وهو بقاؤها في البيت ورعاية شؤون البيت والأولاد فله كل الحق بالمطالبة بالراتب، أنا أعمل في سلك التعليم قبل أن أتزوج وراتبي لي وحدي وليس لزوجي الحق فيه وهذا أمر اتفقنا عليه منذ البداية ولكن هذا لا يعني أنني أمنعه من أن يأخذ في حال احتاج ذلك أو إذا رغبت أنا في الصرف على أبنائي فلي حرية التصرف براتبي مع تقسيم المسؤوليات والالتزامات فبعض الأزواج يكون مسروراً في أن يتخلص من الأعباء حتى لو كان من راتب زوجته. الاتفاق على المسؤوليات السيدة أريج الشيباني ترى بأن الزوجة إذا كانت موظفة فهي زوجة ناجحة لمستقبل الأبناء كونها متعلمة ومثقفة، وبالتالي ستهتم بتربية الأبناء بصورة متحضرة كما أن عقليتها ستكون متفتحة بالنسبة لمسؤولية الزواج والتعاون مع الزوج في تنظيم الوقت والاتفاق على تقسيم المسؤوليات، وهذا من واقع تجربة، فأنا أعمل مدرسة ووقتي منظم جداً للعمل والأبناء وزوجي، وطبيعة عملي تجعلني أعود مبكراً للبيت قبل عودة زوجي بثلاث ساعات فأقوم بإنهاء جميع متطلبات الأبناء والبيت، وأعتقد نظرا لعملي لا نجد مشاكل في فرق التفكير فهناك نقاشات وتبادل آراء فيما بيننا بخصوص عملنا ومختلف الأحداث الجارية، كما أن المرأة تعتبر العمل بالنسبة لها متعة وإضافة إيجابية خاصة أنها شريك أساسي للرجل في التنمية والتطوير قبل أن يكون عملها فقط كمشاركة في مصاريف الأسرة. رغبات محددة وأوضحت السيدة أم سطام -خطابة- بأن الشباب هذه الأيام يطلبون منها البحث لهم عن فتيات موظفات للزواج، وبعضهم يطلب أن تكون معلمة أو موظفة قطاع خاص لا يقل راتبها عن مبلغ 5 آلاف ليناسب إمكاناته وظروفه، الأمر الذي يعرضها للحرج، بل إن هناك سيدات يعرضن مبالغ مغرية لها في حالة استطاعت العثور على زوجة لابنها أو شقيقها تكون موظفة براتب عالٍ. وتوضح نادية المقبل -مدربة تنمية بشرية- بأن الارتباط بزوجة عاملة أو ربة بيت يعتمد على شخصية الشاب المقبل على الزواج ونظرته الخاصة للكيان الأسري، فهناك من الشباب من يختار الزوجة الموظفة، وذلك لكي تشاركه المسؤولية وعبء الحياة والتزاماتها بكل التفاصيل لاعتقاده الكامل بأن الزوجة شريك أساسي في الحياة ولها دور لا يقل أهمية عن دور الزوج، وأيضا لتساعده في زيادة الدخل الشهري ومواجهة متطلبات الأسرة والأبناء أو تكتفي ذاتيا عنه على أقل تقدير، وهناك من ينظر للزوجة العاملة بأنها أكثر مراعاة لعمل زوجها اليومي المتعب، فبالتالي لن يكون لديها عتاب مستمر بعدم خروج الزوج معها في نهاية الأسبوع أو السفر، كما أن هناك من الشباب من ينظر للزوجة العاملة بأنها واسعة النظرة للأمور وبعيدة عن السطحية في المناقشات.
مشاركة :