"خلافات" روسية-سورية تؤجل إجلاء الجرحى من حلب الشرقية

  • 12/14/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مقاتلو المعارضة السورية للانسحاب من حلب الأربعاء بعد اتفاق لوقف إطلاق النار أنهى أعواما من القتال بالمدينة، ومنح الرئيس بشار الأسد أكبر انتصار يحققه حتى الآن خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من خمسة أعوام. لكن بحسب مصادر في المعارضة السورية، ورغم هذا الاتفاق، فقد أجلت خلافات بين ضباط من الجيش الروسي ونظرائهم السوريين عملية إجلاء الجرحى من أحياء حلب الشرقية. وقالت مصادر ميدانية في المعارضة السورية بمدينة حلب في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء إن عملية إجلاء الجرحى إلى ريف حلب الغربي أجلت إلى موعد لم يحدد بعد بسبب "خلاف بين ضباط من الجيش الروسي وآخرين من النظام وإيرانيين مع بقاء وقف إطلاق النار". وأكدت نفس المصادر خروج عدد من الجرحى أغلبهم نساء وأطفال من منطقة جسر الحج في أحياء حلب الشرقية والتوجه إلى الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية. وقال مسؤولون حكوميون أتراك إن اتفاق لوقف إطلاق النار جاء بعد محادثات بين روسيا حليفة الأسد الرئيسية وتركيا أحد الداعمين الرئيسيين لمقاتلي المعارضة. وصمت دوي الأسلحة في وقت متأخر من ليل الثلاثاء في حلب. وقال شاهد عيان في المدينة إنه لم يسمع دوي انفجارات بعد القصف شبه المستمر على مدى أيام. ويكلل هذا أسبوعين من التقدم السريع للجيش السوري وحلفائه مما أجبر مقاتلي المعارضة على لتقهقر إلى جيب صغير جدا من المدينة في ظل الضربات الجوية المكثفة ونيران المدفعية. وباستعادة السيطرة على حلب بالكامل يثبت الأسد قوة تحالفه العسكري بينما يتمتع بدعم من سلاح الجو الروسي ومجموعة من الفصائل الشيعية المسلحة التي تدعمها إيران. وتحظى جماعات المعارضة بدعم من الولايات المتحدة وتركيا ودول خليجية لكن هناك أيضا جماعات إسلامية متشددة لا تساندها هذه الدول. ولا يزال الأسد بعيدا عن الانتصار في الحرب السورية المعقدة حتى بعد استعادة حلب ذات الأهمية الاستراتيجية. ويواصل مقاتلو المعارضة القتال من معاقل في أجزاء أخرى من البلاد منها مناطق في الشمال الغربي وأخرى إلى الجنوب من دمشق. انتصار حلب محوري وكان الأسد قال إن الانتصار في حلب سيكون نقطة تحول في الحرب لكن يجب أن يواصل جيشه الزحف على المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة المعارضة. وبينما يواجه تنظيم الدولة الإسلامية هزائم في شمال سوريا ويعاني من خسارة الكثير من قياداته خلال ضربات جوية ويتعرض لهجمات في العراق فإنه تمكن هذا الأسبوع من استعادة مدينة تدمر من قبضة الجيش السوري. وتعتبر روسيا سقوط حلب انتصارا كبيرا على "الإرهابيين" وهو التعبير الذي تصف به موسكو والأسد كل جماعات المعارضة المسلحة الإسلامية المتشددة والمعتدلة التي تسعى للإطاحة به. لكن في الأمم المتحدة وصفت الولايات المتحدة العنف في المدينة المحاصرة والتي تتعرض للقصف منذ شهور بأنه يمثل "الشر الحديث". واتهمت واشنطن الثلاثاء الحكومة السورية وحلفاءها بالوقوف وراء "مذابح" حلب، بينما ردت موسكو بالقول "تذكروا سجلكم أولا". وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور لمجلس الأمن الدولي الثلاثاء إن الحكومة السورية وحليفتيها روسيا وإيران يقفون وراء "الغزو والمذابح في حلب". وأضافت خلال جلسة طارئة للمجلس بشأن حلب، أن الدول الثلاث مسؤولة عما وصفه المتحدث باسم المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة ينس لايركه بـ"الانهيار الكامل للإنسانية" دون إبداء أي بادرة رحمة بالمدنيين على الأرض. ورد المندوب الروسي فيتالي تشوريكين على باور قائلا إنها أدلت ببيان "وكأنها الأم تريز". وقال تشوركين "تذكروا من فضلكم أي دولة تمثلون - تذكروا سجل بلادكم ومن ثم يكون بإمكانكم البدء في إبداء رأيكم من موقف التفوق الأخلاقي". وقال فيتالي تشوركين في الاجتماع الساخن لمجلس الأمن "حصلنا في الساعة الماضية على معلومات بأن الأنشطة العسكرية في شرق حلب توقفت.. لقد توقفت.. الحكومة السورية أحكمت سيطرتها على شرق حلب". وفي واشنطن، تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي عن بعض التقارير "المقلقة حقا" التي تأتي من حلب. وقال كيربي "أعني أننا نرى حاليا تقارير عن أشخاص يتم إعدامهم في الشوارع، ويتم قتلهم لمجرد أنهم موجودون هناك، وهذا أمر حقير". ولحق دمار هائل بالمدينة التي كانت مركزا اقتصاديا مزدهرا ذات يوم بمواقعها الأثرية الشهيرة خلال الحرب التي قتل خلالها مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة لاجئين على مستوى العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية. ومع تطور المعركة من أجل حلب تزايدت المخاوف الدولية إزاء معاناة ما يزيد على 250 ألف مدني كان من المعتقد أنهم ما زالوا في القطاع الشرقي الخاضع لسيطرة المعارضة قبل بدء تقدم الجيش المباغت في نهاية نوفمبر تشرين الثاني. وفر عشرات الآلاف منهم إلى أجزاء من المدينة تسيطر عليها الحكومة أو فصائل كردية بينما انسحب عشرات الآلاف غيرهم إلى الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من المدينة والذي تقلص سريعا في ظل تقدم الجيش. وبعد طرد مقاتلي المعارضة من الأراضي الخاضعة لسيطرتهم في حلب تدفقت أعداد هائلة من المدنيين المذعورين والمقاتلين وسط طقس سيء وهي أزمة قالت الأمم المتحدة إنها "انهيار تام للإنسانية". وهناك نقص في الغذاء والمياه بالمناطق التي تسيطر عليها المعارضة بينما أغلقت جميع المستشفيات. وكانت الأمم المتحدة أعلنت الثلاثاء أن لديها تقارير تفيد بأن الجنود السوريين والمقاتلين العراقيين المتحالفين معهم قتلوا 82 مدنيا رميا بالرصاص في الأحياء التي استعادوا السيطرة عليها في شرق حلب. ونفى الجيش السوري تنفيذه عمليات قتل أو تعذيب بحق من ألقي القبض عليهم. وتقول حليفته الرئيسية روسيا إن قوات المعارضة "احتفظت بأكثر من 100 ألف شخص كدروع بشرية". وساد الخوف شوارع المدينة. وخاض بعض الناجين في الوحل تحت المطر ليمروا أمام الجثث إلى الغرب الخاضع لسيطرة الحكومة أو الأحياء القليلة التي لا تزال في قبضة المعارضة. والتزم آخرون منازلهم انتظارا لوصول الجيش السوري.. بالنسبة لهم جميعا أُضيف لرعب القصف اليومي الخوف من الاعتقال أو الإعدام بلا محاكمة. وقال أبو مالك الشمالي الذي يسكن في حي سيف الدولة وهو أحد آخر الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة "الناس يقولون إن القوات لديها قوائم بأسر المقاتلين وتسألها إن كان لها أبناء مع الإرهابيين.. بعد ذلك إما يتركونهم أو يطلقون عليهم الرصاص ويتركونهم ليموتوا". ووصف سكان المدينة أوضاعا شديدة السوء. وقال الشمالي إن الجثث ملقاه في الشوارع. وأضاف "هناك العديد من الجثث في الفردوس وفي بستان القصر ولا يوجد من يدفنها".

مشاركة :