رحيل المفكرين المنفيين عن سوريا بعد أن دنسها الطائفيون - جاسر عبدالعزيز الجاسر

  • 12/15/2016
  • 00:00
  • 68
  • 0
  • 0
news-picture

لا أعرفه شخصياً ولم يسبق لي أن التقيته ولكن أعرفه تماماً فكرياً، فالمفكر العربي السوري الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية وبقي اسمه خالداً في عقول وضمائر العرب المثقفين عاشقي الحرية الدكتور صادق جلال العظم، يمتع كل من قرأه وأبحر معه في أحلامه وطموحاته بوصول أمته العربية الإسلامية إلى المكانة التي تستحقها. صادق جلال العظم مثل غيره من مفكري سوريا والعراق رحل وودع الدنيا وهو خارج بلده وفي بلاد الغربة، فقد حرم هذا المفكر من العيش في بلده وغادر الدنيا وهو خارج أرضها مثل الكثير من المفكرين والأدباء من رواة وشعراء ومثقفين، والذين فضلوا العيش لاجئين منفين من الاستسلام لحكم الطغاة والعملاء ومن استولوا على ناصية الحكم في بلادهم ممثلين للمستعمرين. ومأساة صادق جلال العظم ابن أسرة العظم التي قارع أبناؤها الاستعمار والمستعمرين وأذنابهم، أنه لم يفرغ من التصدي للاستعمار الفرنسي حتى نكب وابتلي باستعمار مركب مكون من الفارسيين والروس والطائفيين القادمين كأسراب الجراد من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان والهند وباكستان والشيشان. صادق جلال العظم مات كمداً وحسرة وهو يرى جحافل الشر من عصابات الطائفيين توسخ أحياء وشوارع دمشق التي عشقها ويسيل مسلحوا المليشيات الإرهابية الدماء في شوارعها التي كانت قبل وصول أسراب الجراد الإرهابية تفوح عطراً وشذى رواح الياسمين والبرتقال والليمون، واليوم تغط بروائح ممن يغطون رؤوسهم بعمائم الحقد والكراهية وتفرز أجسامهم روائح الفتنة الطائفية. مات صادق جلال العظم غادر بلاده وهو بهذا ينضم إلى قافلة من المفكرين والأدباء السوريين الذين فرض عليهم أن يودعوا هذه الدنيا وهم يحلمون بالعودة إلى وطن نظيف، ولكن يأبى عملاء الاستعمار وناشروا الطائفية عصابات الإرهاب إلا أن يحرموا هذه الكوكبة الطيبة من التمتع بوطنهم حراً أبياً، فيربطوا مصير سوريا الأبية بعملاء تحولوا إلى عبيد يخدمون الملالي في إيران وأكاسرة العصر الحديث ممن يحملون أحقاداً وأطماعاً تاريخية يترجمونها قتلاً وتدميراً لبلدين كانا منارتين للوهج العربي الإسلامي، سوريا مهد الدولة الأموية والعراق بلاد الخلافة العباسية. شرفٌ الصادق جلال العظم أن يرحل عن هذه الدنيا دون أن يدنسه احتلال الفرس والروس والطائفيين منضماً إلى قافلة من الشرفاء كوكبة الفكر الحر والإبداع الذي ترك ثروة رائعة من مؤلفات التنوير تزرع الأمل وتحرض على مواجهة الاستعمار وعملائه خدم الفرنسيين والفرس والروس والطائفيين.

مشاركة :