نريدها سعودة حقيقية بعيداً عن الوهم والتخيل! - رمضان جريدي العنزي

  • 12/15/2016
  • 00:00
  • 108
  • 0
  • 0
news-picture

التعامل مع السعودة كالتعامل مع الهواء في فج عميق لا تدري من أين يأتيك تياره، للسعودة من سالف الأحقاب محيط وارتكاز ومدار وتنوعات وتشعبات وألوان، الآن يا معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية الجديد، أصبحت ربان الوزارة وصاحب المقود والقيادة والعارف والمرشد والدليل، أعرف سلفاً بأن لك تصور وتخطيط للنهوض بهذا الهم والحمل الثقيل، لكننا نريد منك ونحن الحالمين أن تزرع حديقة السعودة بالخضرة والضوء والنور والنوافير الملونة، وأن تجعل القمر يجثو بجانبها، والنجوم فوانيس عشق لها، والغيوم ظلالها، وهفيف الأنسام يعبر جسدها، حتى تصبح روائحها زكية تنثال من هنا وهناك، والمواطنون يزورونها ويمشون بها للمؤانسة والأنس والمسرة، كي تصفو الحياة فيها أكثر، إن المواطنين يا معالي الوزير يريدون أن تكون سواقي السعودة عامرة بالماء، والأمكنة مضاءة، وحجرها والرصيف لونهما شفيف، فلقد ملوا كثيراً من التصحر وظروف المناخ الرديئة، ويبتغون دهشة السعودة وسحر مكانها ونرجسيته، وأن تكون أرضها أشبه بالدوالي عناقاً وتعريشاً وتآخياً وهمساً وجمالاً، أو مثل المياه حين تمشي نحو مصباتها وفق جريان لطيف، أو مثل قصيدة عذبة، أو مثل تحليقات طيور فوق ذؤابات الأشجار، ومثل ساقية متخفية بين الأعشاب والأشجار، أو كنثيث من رذاذ المطر الخفيف، يهمي على البلاد والعباد فيبعث الانتباه والصحو فيهم، أو مثل هالات الضوء دوائر من نور، تحوم حوله طيور لا شغل لها سوى الرفرفة والزقزقة، أو مثل شجيرات الورد والزيزفون وكروم العنب والشجيرات التي أشبه بالعرائش والأكواخ تتوازع المكان الفسيح وقد حاذى بعضها بعضا في قبب خضر تحركها الأنسام فتعلو وتنخفض مثل أردية عبئتها الرياح حراكاً، أعناقنا مشدودة إلى هذه السعودة المنشودة، وفق اشتعال سريع، وعمل دؤوب، ينفض الغبار من على المرايا العتيقة، سيما ونحن نعيش عصر السرعة والسبق والتحرك، لتعيد للسعودة زهوها وحسنها وهيبتها ورونقها، وأن توقظ النائمين من سباتهم العميق، وتهزهم ليفيقوا، وأن توقف العابثين الذين يريدون أن يخدشوا وجه هذه الحسناء الناعم الرقيق. إننا شركاء يا معالي الوزير بهذا القضية، فنحن نناصفك الحلم والهم والتطلع، يا معالي الوزير، السعودة بحاجة إلى من يبللها بالندى والعطر والتميز ويرميها بالورد الملون والبنفسج، وإلى من يجلب لها الهدوء، ويخفف عنها العبث، بحاجة إلى نقلة نوعية طافحة بالإبداع والابتكار والاسحداث. إن السعودة يا معالي الوزير تنتظر منك أكثر مما كانت عليه الآن، وأكثر مما كان في المخيلة، وفق تفكير مغاير، وأجندة عمل مغايرة، وقراءة عميقة لها بأبعاد مختلفة، بعيداً عن عقم التفكير، وجمود اللغة، ودهاليز المكاتب، ودون الاستماع لكل حلاف مهين، أو مشاء بنميم، أو غمازاً لمازاً، أو أنانياَ يبحث عن مصلحة آنية. إن السعودة يا معالي الوزير تمثل للوطن أهمية حيوية ومسارا كبيرا، لهذا نطمح أن تكون من أولوياتك بشكل حصري ومباشر، لأنك أصبحت الآن على قمة هرم الوزارة، وعندك الخيط والمخيط، والبوصلة والاتجاه، وتملك الأرض والبذرة والمحراث، ومن أجل هذا نطلب أن تكون ملاحم التغيير العاجل هو الفعل التاريخي الذي ستفعله. إن صاحب الهمة والقرار يستطيع بسهولة أن يجعل من السعودة شعلة ومنارة وحراكا وفعلا والتزاما، بكل شفافية ومهنية ومهارة. إن الأنظار كلها تتجه إليك، لمعرفة المحطة التي سترسو عليها، لتحول الراكد إلى فعل وحراك، وتلحق الهزيمة بالعابثين بكل أصنافهم وألوانهم وكتائبهم ووحداتهم وتشكيلاتهم، أعرف تماماً بأنك تستطيع الفوز، على كل قوى الأنانية هذه، وستلحق الهزيمة بهم، وستستطيع إعمار السعودة وبناءها من جديد، وفق أساس صلب ومتين لتحقق بها المنجزات الكبرى، وستخلق بيئة عمل وطنية خالصة، تساعد على تحقيق النماء والازدهار والتوازن في العيش وفي المسيرة، وستجعل ذلك معاشاً على أرض الواقع خلال فترة قصيرة، يقيني بأنك ستنجح وبتميز تام، بعد أن تحول النظريات إلى واقع عملي وملموس، بعيداً عن المحاباة والثرثرة والمجاملة. إن ظروف السعودة الحالية معقدة تتطلب همة قوية وصرامة عاجلة لتحريرها من قيودها المتشعبة لتصبح بعدها سعودة حقيقية فاعلة، بعيداً عن الوهم والتوهم والتخيل.

مشاركة :