تجار الوهم! - رمضان جريدي العنزي

  • 2/11/2017
  • 00:00
  • 139
  • 0
  • 0
news-picture

تجار الوهم فاشلون ومحبطون وكسالى، يجيدون النفث والنفخ ومشاغبة الجن، خرافيون يتشبثون بذيول الخرافة، دجالون يبحثون عن المال بأيسر الطرق وأسرعها، مطففون يكتالون على الناس وهماً وزوراً وبهتاناً، فعلهم غير أنيق، وعملهم غير مباشر، يحاولون أن يكونوا أندلسيين يستنطقون الرياض والأزهار والفراشات والركض مع الربيع، لكنهم ما دروا بأنهم خفافيش يعيشون في دهاليز الظلام، متأرجحون ليس لهم دلالات ولا إشارات ولا آثار ولا رموز وامضة، عباراتهم ليس لها أبعاد، وألسنتهم تلوك، ولأفواههم رائحة تشبه رائحة العوادم والمياه الآسنة، ليس لهم مهارة ولا ذرابة وعنفوانهم غير متألق، يجيدون سرد الدجل، وعقالهم بالبهت منفلت، يتماهون بالزيف وطقوس الخرافة، يعتمدون على توظيف الوهم، وأعمالهم بهذا نافرة، يتربصون بالناس، ولعابهم للمال يسيل، يتقاسمون الأدوار بينهم، يجيدون السرد، لكن تنقصهم الحبكة الكاملة، زئبقيون، يتسورون الكذب احترافاً، لهم رغبة بأن يكونوا غيماً، يضاجعون العشب، ويهامسون المدى، ويستريحون في ظلال الشجر، وانسياب السلسبيل، لكنهم ما أجادوا التعبير، ولا عرفوا مقاييس الجمال، ولا أدبيات الكلام، وكلما مروا بالمرايا شاهدوا بالوجه كآبة، ما عندهم دهشة، والبقع السوداء في أعمالهم بائنة، أفعالهم مقبرة صماء، ونفثهم خرابة، بنيتهم الثقافية انزياحية ليس لها سياق فني، وأنماطهم تقليدية، ثائرون وساخطون على واقع الحياة، ولا عندهم ارتقاء، وطموحهم يشبه لون الكآبة، حسهم غير مرهف، عتمتهم خرساء، والنجم غاب عنهم أنثنى ومال، والمال فردوس أحلامهم العامرة، ما عرفوا الورد، ولا شكل السنبلة، ولا الجنائن المعلقة، واقعهم مؤلم، وقصصهم فاجعة، أوقاتهم ضائعة، تركوا للغير العمل والإنجاز والاختراع والابتكار، وتشبثوا بالجن والعفاريت والحكايات اليائسة، والكلمات العابسة، وكيف يكون التلبس، أو يتمثل بشر، وأشاعوا بين الناس مرض الوهم والتوهم والخرافات البالية، وشحنوهم باليأس والحزن والرتابة، وأخذوهم إلى جزر نائية من الويل والثبور وعاقبة الأمور إن لم يصدقوهم، أو ينقادوا إلى ما يريدون ويبتغون ويشتهون، هيأوا لأنفسهم قناعات واهية، وانثيالات باهتة، تجاربهم مضنية، وحقائبهم الزمنية ما حط بها الضياء، منظورهم ضيق، ورؤاهم غير ثاقبة، محبطون للهمم، ويهوون تكسير المجادف، أضاعوا الطرق وضاعوا، لهم تنامٍ غريب في تشكيل الكلام، وإن كانت تعبيراتهم غير متناغمة، ليعرفون قطف العنب، لكنهم يرمونه بالحجر، فكيف يكون شكل العنب بعد أن يرمى بالحجر؟ يجيدون حبك الأكذوبة، مثل غراب لعوب، يريد أن يعبث بقلب حمامة، موغلون بالرماد والقدم، ونصوصهم بائدة، فيا بائعي الوهم، وتجار التوهم، اقصدوا الماء، وأغتسلوا من أدرانكم قبل أن تموتوا، فالماء يزيل أدرانكم الكثيرة، ووراءكم الله الذي يحصي خطاياكم الكثيفة، فلا تبخسوا الناس أموالهم بالدجل.

مشاركة :