رحيل الفنان أحمد راتب أشهر أبطال الأدوار الثانية شيعت عصر، أمس الأربعاء بالقاهرة، جنازة الممثل المصري أحمد راتب، الذي وافته المنيّة عن عمر ناهز 67 عاما، إثر أزمة قلبية بعد مكوثه بالمستشفى لعشرة أيام بغرفة العناية المركزة، تاركا عددا من الأعمال السينمائية التي كان في الكثير منها شريكا للنجاح مع الفنان عادل إمام. العربسارة محمد [نُشرفي2016/12/15، العدد: 10486، ص(16)] أحمد راتب يلوح بالوداع لــ"الجماعة" ودعت الساحة الفنية المصرية الأربعاء الفنان أحمد راتب، وهو من مواليد حي السيدة زينب بالقاهرة، وقد عشق التمثيل منذ طفولته، إلى الدرجة التي دفعته لاستكمال دراسته بالمعهد العالي للفنون المسرحية بعد حصوله على بكالوريوس الهندسة، وينطلق بعدها في رحلة فنية بدأت بالكوميديا. وكانت أبرز المحطات في مسيرته الفنية مشاركته الفنان الراحل فؤاد المهندس في مسرحية “سُك على بناتك”، التي قدمت عام 1980، وشكلت مرحلة هامة في بداية مشواره من خلال شخصية الباحث العلمي سامح عبدالشكور، التي مازالت محفوظة في ذاكرة المشاهد، لكن ذكاء الراحل، لم يجعله يستسلم لطراز الشخصية الكوميدية في أعماله، وبالرغم من مشاركته عادل إمام في الكثير من أعماله على مستوى السينما والمسرح، إلّا أنه انجذب معه لتقديم شخصيات أكثر عمقا، كانت تمثل الركيزة الأساسية لطبيعة الموضوعات والقضايا الشائكة التي قُدّمت في أوقات حرجة مرّت بها الدولة المصرية وأبرزها قضايا الإرهاب. ورغم تعدد الشخصيات التي لعبها الراحل، لكن يبقى “الشيخ سيف”، زعيم التنظيم السياسي في فيلم “الإرهابي” واحدة من أبرز وأعمق الشخصيات، التي قدمها في مشواره الفني، خصوصا وأن الفيلم تزامن مع وقوع عدد من الحوادث الإرهابية، وتصاعد التيار الديني المتشدد في مطلع التسعينات من القرن الماضي، حتى أن عبارة “لا تجادل ولا تناقش يا أخ علي”، مازالت محفوظة لدى المشاهدين. كذلك من الشخصيات التي كانت أكثر إشراقا في مشوار راتب شخصية المواطن الذي يعيش “محايدا”، بين أهم تيارين سياسيين مسيطرين على الساحة السياسية (الحزب الديمقراطي والإخوان المسلمين) في فيلم “طيور الظلام” مع عادل إمام أيضا. راتب كان من الفنانين، الذين كلما تقدم بهم العمر ازدادوا وهجا وإتقانا للأعمال التي يقدمونها، وأبرز ما ساعده على هذا أداؤه الصادق للشخصيات التي كان يلعبها، بالإضافة إلى تركيزه على الأدوار التي تعالج الظواهر المجتمعية، وأشهر هذه النماذج شخصية “السُحت” التي قدمها في جزأين ضمن مسلسل “المال والبنون”، الذي لا يزال محفورا في ذاكرة الجماهير. هذه الشخصية التي جسّدت فكرة قلب الموازين وصعود الكثير من النماذج الضحلة في المجتمع إلى القمة، من خلال دور “الشحاذ” الفقير الذي صعد على أكتاف أرزاق الآخرين، إلى أن أصبح رجل أعمال ثريا في الجزء الثاني من الأحداث. ممثل بدرجة معلم وتركيز الراحل على استهداف الطبقة المتوسطة في أعماله كان نوعا آخر من الذكاء التمثيلي الذي جعله أكثر قربا وتأثيرا في المشاهدين، ولذلك كان الدور “الثاني”، الذي ظل يلعبه في أعمال الزعيم، دورا حيويا ضمن الأحداث، بل إنه كان الشخصية الدرامية المحركة في الكثير منها. ولأن أحمد راتب كان من الشخصيات المتطورة في الأداء فقد احتفظ بمكانته في سينما الشباب وأعمالهم التلفزيونية أيضا، حيث عمل مع قطاع كبير منهم وعلى رأسهم أحمد حلمي وهاني رمزي ومنّة شلبي ومحمد سعد وهاني سلامة وظافر العابدين وآخرون، بعكس غيره من أبناء جيله الذين توقف إبداعهم عند مرحلة معينة واختفوا من المشهد مع الألفية الجديدة. ملامح الراحل، التي حملت قدرا ملحوظا من الشر والقوة في عينيه الجاحظتين قليلا وأنفه الحاد، لم تمنعه من تجسيد بعض الأدوار التي اتسمت بقدر من العطف والحنان، كان آخرها على سبيل المثال فيلم “نوّارة” الذي جسد خلاله شخصية حارس لقصر أحد رجال الأعمال المنتمين إلى الحزب الوطني والذين يهربون خارج البلاد حتى لا يقعوا في الاتهام والسجن، وأيضا دور الأب “لواء شرطة متقاعد” الذي لعبه في مسلسل “الخروج” الذي عرض في رمضان الماضي. في المقابل، لم يمهل القدر أحمد راتب فسحة من الوقت ليحصد نجاح مسرحيته الأخيرة التي افتتحت مطلع ديسمبر الجاري بعنوان “بلد السلطان”، والتي كانت أحداثها تدور حول الصراع السياسي طارحة تساؤلا: هل هذا بلد السلطان أم بلد الشعب؟ وذلك في إطار كوميدي استعراضي غنائي، ويبدو أن الفنان كان يشعر بأن هذه هي أيامه الأخيرة، حيث طلب من مخرج العرض إحضار بديل له نظرا لشعوره بالإرهاق. وكان من المقرر أن يشارك راتب في الجزء الثاني من مسلسل “الجماعة” الذي سيعرض في رمضان المقبل، وفي غيره من المشاريع التي كانت تنتظره، حيث لم يكن الموسم الرمضاني لينطلق دون وجود بصمته على عمل أو اثنين بحدّ أدنى. خلّف راتب مجموعة ضخمة من الأعمال التلفزيونية التي تخطت الخمسين عملا ومثلها في السينما، إضافة إلى رصيد مسرحي مثير للاهتمام، وافتقد الوسط الفني برحيله فنانا من طراز خاص لديه الكثير من الوعي والقراءة الآنية للحظة الراهنة. من أشهر أعمال الراحل أفلام “الإرهابي”، و”بخيت وعديلة”، و”طيور الظلام”، و”مطب صناعي”، و”نوارة”، و”الإرهاب والكباب”، و”المنسي”، و”اللعب مع الكبار”، و”عمارة يعقوبيان” و”واحد من الناس”. ومن المسلسلات “أستاذ ورئيس قسم”، و”سِكة الهلالي”، و”العائلة”، و”سارة”، و”سقوط الخلافة”، و”لحظات حرجة” و”رأفت الهجان”. :: اقرأ أيضاً الثقافة المصرية في 2016.. افتقاد العمالقة رحيل زبيدة ثروت سيدة الرومانسية في السينما المصرية
مشاركة :