أطفال الموصل ليسوا "حائطا" للإخوان المسلمين بقلم: أسعد البصري

  • 12/15/2016
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة هو أساس البلاء ورأس الإرهاب في الحقيقة. لقد مزقوا الشعوب وأثاروا الفتن بأموالهم الطائلة من الدول التي تدعمهم. العربأسعد البصري [نُشرفي2016/12/15، العدد: 10486، ص(8)] بتاريخ 11 ديسمبر 2016 رشح دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المنتخب، ريكس تيلرسون ليُصبح وزيرا للخارجية الأميركية ضمن إدارته القادمة. يُدير تيلرسون شركة إكسون موبيل منذ عام 2006 وهي خامس أكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقية. تيلرسون صديق مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث قلّده وسـام الصداقة عام 2012. تيلرسون وزير خارجية ومدير الشركة الاحتكارية للغاز القطري، ويقول “يجب أن نقوي حلفاءنا، ونؤكد على سيادة أميركا في العالم”. الجدير بالذكر أن شركة إكسون موبيل شريك كبير في الغاز الروسي الهائل أيضا. إذن هو الرجل المناسب لإدارة الصراع الحالي في الشرق الأوسط. بعد يومين من تسمية وزير الخارجية الأميركي الجديد أعرب مدير شركة الغاز الوطنية الإيرانية، حميد رضا عراقي، عن ثقته بقدرة روسيا وإيران على تأسيس سوق دولية للغاز، وإيران وروسيا تمتلكان أكبر الاحتياطات العالمية للغاز الطبيعي ولأول مرة يتم توقيع اتفاقية تعاون بين روسيا وإيران في المجالات المتعلقة بقطاع الغاز. موسكو تستثمر في حقلي نفط إيرانيين حاليا. المشكلة في هذا السباق هي أن كلا من قطر وإيران تشتركان في حقل غاز طبيعي واحد، فإذا سرعت قطر من إنتاجها سيكون ذلك من جيب المواطن الإيراني مباشرة؛ وهذا هو جوهر الصراع في الشرق الأوسط. فعدد سكان إيران حوالي 90 مليون نسمة، بينما عدد سكان قطر حوالي 300 ألف نسمة فقط. تعرضت السياسة القطرية لضربة كبيرة مؤخرا بتحرير الجيش السوري لمدينة حلب، وهذا يعتبر انهيارا للمشروع القطري في سوريا. الجميع يعلم بأن الدوحة تدعم المسلحين هناك وهو ليس رميا للمال في البحر. لا بد من هدف يستحق إنفاق كل تلك الثروات غير الأخوة الدينية والإنسانية. يقول الإعلامي أحمد منصور الذي يعمل في قناة الجزيرة القطرية “‫أهل حلب والموصل هم حائط الحماية والصد السكاني السني لأهل الخليج والجزيرة، وسقوط حلب هو سقوط لكل المدن السنية التي تقاعس أهلها عن نصرة أهل حلب” هذا العقل الإخواني الطائفي الذي تدعمه قطر يعتبر أطفال العراق “حائطا” لحماية أطفال الخليج. طفلة الفلوجة “جدار” لحماية المطربات الثريات في عرب آيدل، الطفلة ذات العيون البراقة المحمولة على الأكتاف، فلذة كبد القبائل الأنبارية، التي شوهدت آخر مرة تائهة في الصحراء بعد مقتل أبيها، تقول للصحافي إنها لا تعرف اسمها من الخوف وصدمة الحرب. هذه الأميرة “جدار” لحماية الدول المجاورة بنظر أحمد منصور. خرج الشيخ محمد العريفي مؤخرا بخطبة عصماء عن حلب ولكنه في عز الهجمة على الموصل خرج بتسجيل من عمان يأكل المنسف الأردني ويقول “آمنت بالله ثم آمنت بالمنسف” والجميع يضحكون فالموصل تقصفها طائرات أميركية لا يجوز الحديث عنها، ولكن السماء تهتز حين تقصف الطائرات الروسية حلب. أحمد منصور يقول إن سقوط حلب يذكره بسقوط الأندلس، ولا نعرف بماذا سيذكره سقوط الموصل؟ ربما سيذكره بهزيمة المغول على يد الظاهر بيبرس؟ القضية سياسية مفبركة، وإلا كيف يسمح إعلامي محترف لنفسه بالمبالغة حيث يدعي أن نساء حلب يُلقين بأنفسهن من المباني العالية حتى لا يتعرضن للاغتصاب في حفلات جنسية من قبل كتائب الأسد أو أن المجاهدين يطالبون بفتوى لقتل زوجاتهم خوفا من تعرضهن للاغتصاب. أيام تحرير الفلوجة لم نسمع لهم صوتا، كان هناك احتمال أن تنزلق الأمور إلى هولوكوست ومذبحة جماعية، لولا تدخل الخيرين العراقيين، وشخصيا خاطبت المثقفين الشيعة والسياسيين لمساعدتنا في الفلوجة وقد فعلوا. بينما قنواتهم كانت معنية بالتحريض أكثر من الوضع الإنساني. أعتقد بأن أنابيب الغاز لا تمر بالفلوجة لهذا لا داعي للحديث عن الاغتصاب. ما هو الفرق بين تحرير الموصل وتحرير حلب؟ هل هناك صلاة قنوت لأجل الموصل؟ هل الموصل غير مهمة بسبب داعش؟ ولو كانت فيها القاعدة وجبهة النصرة لكان الحال أفضل مثلا؟ بالعكس الأسد نظام قومي وحاكم علماني، بينما محنة الموصل أكبر بسبب وجود حكم مذهبي في بغداد. يبدو أننا في حنين إلى مهنتنا القديمة وهي دعم المجاهدين ضد الجندي الروسي. ثم ما معنى اعتبار سنة العراق وسوريا حائطا للصد؟ هل هذا تفكير وطني يخدم استقرار الدول العربية؟ ولماذا أطفال الموصل “حائط” لأطفال الدوحة؟ لماذا لا يكون أطفال الدوحة “حائطا” لأطفال البصرة؟ هل يعرف الإعلام القطري شعورنا حين يتكلم بالنيابة عن العراقيين بهذه اللغة المتعالية؟ نحن الحائط الذي ضُربَ عليه الحصار 13 سنة في التسعينات من القرن الماضي؟ بناتنا جائعات في الصيف وبناتكم في شلالات نياغارا، لقد رفعتم العاصمة بغداد من نشرة الأنواء الجوية بسبب خلاف سياسي مع صدام حسين. اليوم تخافون من أن تصبح بغداد مدينة الإمام الكاظم، وأن يكون علي بن أبي طالب حارس العراقيين، وأن يكون الحسين نواحنا الوطني المدمر الذي تحمله الدروب الحزينة إلى العالم. هذا كل ما يقلق السيد الإخواني ولا يهمه العراق حقا. حتى سوريا لعقود طويلة كانت تحت الحصار والجوع، لم يتم رفع الحصار عن دمشق حتى وافق حافظ الأسد على المشاركة في حرب الخليج 1991، وأرسل فرقة رمزية من الجيش السوري إلى حفر الباطن لضرب الجيش العراقي الذي غزا الكويت. عندها فقط تنفست سوريا الصعداء وتلقت بعض المساعدة. لنكن صريحين، ما هذا العشق المفاجئ للسوريين؟ العشق الذي كلف 300 ألف قتيل سوري؟ فلينظر الإخوان المسلمون إلى حلب بعيونهم التي لا يملؤها سوى التراب؛ هذا ثمن التحريض وتجارة السلاح؛ ضياع المدن الحبيبة التي كانت عيدا لأطفال الفقراء الآمنين من شر الإسلام السياسي ومشاريع الطاقة العالمية. أيام الحصار على العراق دخلتُ دمشق بهوية طالب، بلا جواز مشيا على الأقدام، وعشت وعملت وعشقت نساءها وتعلمت في مكتباتها وحاناتها. لم يسألني ضابط المخابرات السوري على الحدود “أنت سني أم شيعي؟” أوامر من الحكومة السورية باستقبال العراقيين بسبب معاناة الحصار. لو فعلت هذا مع دولة عربية أخرى لاتهموني بالإرهاب ولن أخرج من السجن. نحن لا نبرئ النظام السوري المتوحش من جرائمه بحق الشعب السوري، ولكن هذا لا يعني نسيان كل شيء والاستسلام لخداع الإخوان المسلمين. المنظمات العالمية لحقوق الإنسان تحدثت عن شبكات لشراء السوريات القاصرات في بعض الدول العربية من خلال سماسرة يزوجونهن مؤقتا للأثرياء مقابل مبلغ للعائلة. بينما في سوريا كانت هناك تعليمات من القيادة السورية بتعزيز التضامن الاجتماعي والعربي مع العراقيين اللاجئين ومساعدتهم حتى لا تأكل العراقية بثدييها. لا نؤيد سياسة إيران الإجرامية التي تمنح راتبا شهريا للاجئين الشيعة الأفغان على أراضيها وقدره 500 دولار شهريا، إضافة إلى إقامة ومدارس لعوائلهم، وبعد سنتين من القتال في سوريا يتم منح الأفغاني الجنسية الإيرانية، هذه سياسة إجرامية بلا شك، ولكن هل منحتم أنتم الجنسية والإقامة للاجئ السوري في قطر وتركيا؟ قال أنصار ترامب البيض العنصريون في حملته الانتخابية إن تقارير أميركية كشفت عن امتلاك دولة عربية لنصف مليون خيمة مجهزة بالكهرباء ووسائل الراحة، يمكنها استقبال مليوني لاجئ سوري، ولكنهم يفضلون تسليحهم ضد الأسد، وترك اللاجئين يشكلون ضغطا على أوروبا. مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة هو أساس البلاء ورأس الإرهاب. مزقوا الشعوب وأثاروا الفتن بأموالهم الطائلة من الدول التي تدعمهم. وهذا الصراع على الطاقة بين شركة إكسون موبيل، وشركة غاز بوم الروسية، يجب أن يبقى ضمن حدود السوق ولا يتحول إلى تجارة رقيق في الشرق الأوسط. لست متحدثا باسم الشعب السوري ولكن كمواطن عراقي لا أقبل أن يعتبرني الإخوان المسلمون حائطا بوجه أخي المواطن العراقي الشيعي لحماية الخليج والعرب السنة منه. ثم إن “وامعتصماه” تعني أن المعتصم يحمي الفتاة المستصرخة، وليست الفتاة المستصرخة “حائطا” لحماية المعتصم بثدييها. كاتب عراقي أسعد البصري :: مقالات أخرى لـ أسعد البصري أطفال الموصل ليسوا حائطا للإخوان المسلمين, 2016/12/15 في نقد العقل السني العراقي: قصور عن فهم الداخل وتصور خطر الآخر, 2016/12/13 قمة خليجية قبل إعلان التشيع دينا وطنيا للعراق, 2016/12/11 أنابيب الغاز المحرك الخفي للصراع في الشرق الأوسط, 2016/12/09 يوم الشهيد العراقي: هل أصبح التشيع مذهبا وطنيا للعراق؟, 2016/12/04 أرشيف الكاتب

مشاركة :