إلى المنسيين في كل بقاع العالم

  • 12/15/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إلى مواطن تداس كرامته في اليوم آلاف المرّات، لكنه لا يزال يدندن بحب الوطن. إلى رب أسرة لا يوجد ما يضمن قوته اليومي، لكنه وعلى الرغم من هذا لم يلجأ بعد إلى كسب قوته بطرق غير شرعية. إلى أم كانت تنتظر مولودها الأول، إلا أن الظروف المناخية المستعصية حالت دون وصولها إلى ذلك المستوصف الموجود بأعلى نقطة بالجبل في الوقت المحدد، فكانت النتيجة أن فقدت مولودها و"يا فرحة ما تمت". إلى زوجة تعيش شتى مظاهر العنف والحرمان، لكنها تتحمل من أجل صورتها في أعين مجتمع لن يملّ من نعتها بالمطلّقة في حال قرّرت الطّلاق كحلّ لإنهاء معاناتها. إلى طفل لم تتَح له الفرصة أن تكون أول كلمة ينطقها هي "ماما"، ذلك أن لا أُم له، فأمه توفيت بعد ولادته بدقائق قليلة نتيجة عدم توافر التجهيزات الطبية الكافية لإنقاذ حياتها. إلى فتاة شاءت الأقدار أن تكون المعيل الوحيد لأسرة تعيش كل مظاهر الذل، فتاة تبيع جسدها مقابل دريهمات تبعثها لأسرتها في البادية؛ لتضطر فوق كل هذا أن تتحمل قسوة مجتمع لم يكتفِ بنهش لحمها، بل إضافة إلى ذلك لا يفوّت فرصة دون أن ينعتها بالعاهرة. إلى مراهقة لم تستوعب بعد ذلك التغيير الذي يحدث على مستوى جسدها ونفسيتها معاً، حتى وجدت نفسها مضطرة -تحت تهديد أب متسلط- أن تتشارك سريراً مع رجل غريب أخبروها أنه زوجها، دون أن تعي هي معنى ذلك. إلى طفل لم تتَح له الفرصة أن يكبر وسط أسرة تضمن له متطلباته كباقي الأطفال في سنه، إلى طفل ينعت من قبل من هب ودب بـ"ابن الحرام"؛ ليدفع بذلك ثمن غلطة لم يرتكبها لا من قريب ولا من بعيد. إلى شخص أكبر أحلامه أن يعيش حياة عادية بعيداً عن تلك الخيوط والأجهزة الطبية التي تكبل تحركاته، وتذكره أن نبضه من المحتمل أن يتوقف في أية لحظة، فيتحمل آلامه ونظرات أحبائه بابتسامة تقول ما لا تستطيع الكلمات أن تعبر عنه. إلى ذلك الشخص الذي فقد عزيزاً كان يرى الحياة بعينه فصارت هذه الحياة بلا طعم، واكتشف أنه لم يعد من سبب مقنع للعيش عدا أن يوفي قدرَه، فأصبحت الأيام بالنسبة له مجرد أرقام تتزايد عند شروق شمس يوم جديد، إلا أن الذكريات أبت أن تتساقط تذكره بمن كان سبباً للعيش فصار في عداد المنسيين. إلى طالب كان يملك من العزيمة ما يجعله قادراً على رسم مستقبل بحبر من الأمل والدقة معاً، إلا أن وجوده في المكان الخطأ حيث النظام التعليمي يحبط تطلعات الطالب حال دون تحقيقه لطموحاته. إلى مواطن لا يزال ينتظر تحقق ما وعد به المترشحون أيام الدعاية في الانتخابات. إلى شاب عاطل حامل لشهادات جامعية يرى في جواز السفر حلماً سينتشله من وطن عاش فيه السيّئ ولا يزال يتوقع الأسوأ. إلى فتاة تم اغتصابها مرتين؛ مرة عندما كانت تمارس حقها الطبيعي في المشي في أزقة المدينة، ومرة عندما اتهمت من قِبل القبيلة بأن وجودها في الخارج هو السبب فيما حدث، فكانت النتيجة أن تم تزويجها لمغتصبها تفادياً للفضيحة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :