«من قال ماذا؟»... عرض عبثي بنكهة مسرح الكاتب الكبير الراحل توفيق الحكيم، ويجسد قضية الصراع الأزلي بين الخير والشر. العرض الذي قدمته فرقة المسرح الكويتي مساء أول من أمس على خشبة مسرح الدسمة، ضمن منافسات مهرجان الكويت المسرحي السابع عشر، طرح فكراً معبراً عن العنصرية والفئوية، وهو من تأليف وإخراج سامي بلال وتمثيل أحمد الحليل وعلي الحسيني. يأخذ العرض الجمهور إلى حكاية شخصين يلتقيان في ظروف غير عادية، أحدهما هارب من ثورة نتاجها اضطهاد عنصري، حيث ينتهي به محبوساً في مكان ما مع الشخص الآخر وهو أحد خصومه. وبذل المخرج، وهو نفسه المؤلف سامي بلال، جهداً في عرضه لتفتيت المشاكل التي طرحها كمؤلف في نصه، وسعى كمخرج إلى قتل المؤلف من خلال الرؤية الإخراجية، والتي ساعدته على طرحها الديكورات والأزياء والإضاءة وغيرها من العناصر التي لعبت دوراً مهماً في إيصال رؤيته. وكانت هذه العناصر مجتمعة من النجوم الأساسيين في العمل المسرحي، جنباً إلى جنب مع بطلي العرض اللذين قاما بتولي طرح الفكر الأساسي لرؤية المخرج. وتمكن المخرج من استغلال جميع عناصر المسرح في خدمة رؤيته، ومنها الديكورات التي كانت تتنقل بشكل ديناميكي بالدخول والخروج على خشبة المسرح، والتي كانت أيضاً تبرز التغير بالزمان والمكان، والتنقل لوضع الكتلة من الفراغ على خشبة المسرح وزادت المؤثرات الصوتية من ارتباط هذه الحركة من خلال الموسيقى التي تواترت وتزامنت مع الأحداث. واستطاع كل من الماكيير ومصمم الأزياء أن يؤديا دوراً مهما في تجسيد أحداث العمل، لإبراز مبدأ العنصرية بسواد البشرة وبياضها، والمكانة الإجتماعية التي يعيشها الخير والشر، وعدم التنصت على الاختلافات الباطنية أو عقلية المجتمع. لكن كان المشهد المسرحي يحتاج إلى التقليص بعض الشيء لوجود التكرار، والذي سبب الرتابة، وإن كانت احترافية الممثلين تغلبت على هذا العائق، إذ نجحا في التصاعد بالعمل والتخلص من الرتابة. ويحتاج العرض إلى تقديمه مراراً وتكراراً ليتجنب القائمون عليه بعض الأخطاء، لكن يستحق الكاتب أن نشد على يده لشجاعته في طرح أفكار قد تخيفنا أحياناً. يذكر أن السينوغرافيا لفيصل العبيد، الإضاءة لعبدالله النصار، الديكور لمحمد الرباح، موسيقى ومؤثرات صوتية لمحمد الزنكوي، تقنيات عبدالله الراشد، عبدالعزيز العبيد وفاضل السلمان، مدير الإنتاج مهدي السلمان، والإشراف العام لأحمد السلمان. الندوة التطبيقية أعقبت العرض ندوة تطبيقية بقاعة الندوات بحضور كل من المعقب الدكتور جمال حماد ومدير الجلسة نايف البقمي ومؤلف ومخرج المسرحية سامي بلال، استهلها الدكتور جمال حماد مشيداً بالممثلين المتميزين اللذين شكلا رمزين يتصارعان، في نص فكري يُذكِّر بنصوص العملاق توفيق الحكيم. وقال: «إن النص حمل الكثير من الدلالات الفلسفية والذهنية، حيث الممثل الأبيض يمثل السلطة والسلاح، أما الأسود فهو ينتصر في النهاية». ولفت حماد إلى أدوات متميزة للمخرج سامي بلال، منها الإضاءة التي جسدت صراعاً بين الظلمة والنور، مجدداً الإشادة بأداء الممثلين، قائلاً: «للمرة الأولى أشاهد نجمين حقيقيين على خشبة المسرح». من جانبها، لفتت نقيبة الفنانين المحترفين في لبنان شادية زيتون إلى أن الجهد المبذول في الديكور واضح، ولكن كان فيه إقحام للكتل، أما الاضاءة فجاءت حميمية ولعبت الموسيقى دوراً درامياً وجاءت الأزياء متلائمة مع الممثلين، فيما تساءل نقيب الفنانين في مصر وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية بمصر الدكتور أشرف زكي عن مدى حاجة مجتمعنا إلى طرح مثل هذه القضايا؟ ورد المؤلف والمخرج سامي بلال الذي تحدث قائلاً: «يعتبر هذا العرض الأول لي وسيكون في طور التطوير وسأضع جميع الملاحظات في الاعتبار».
مشاركة :