شقة في الحي الراقي

  • 12/16/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: أمين الجمال في مطلع صيف العام الجاري، جلست المهندسة ش.ح (43 عاماً) تقلب صفحات الجرائد، وتطالع على الشبكة العنكبوتية المواقع الخاصة بالإعلانات والدعاية العقارية بحثاً عن شقة لاستئجارها، وبعد طول فترة من البحث، وجدت إعلاناً في موقع دوبيزل الإلكتروني عن شقة في أحد الأبراج في منطقة داون تاون برج خليفة، وعلى الفور أخرجت هاتفها المتحرك من حقيبتها وطلبت رقم الهاتف المكتوب في الإعلان، لأنها لم تكن ترغب في إضاعة الوقت حتى لا تفوِّت على أسرتها فرصة العيش في شقة في هذا المكان الراقي في قلب دبي. اتصلت المهندسة ش.ح بصاحب الرقم ويدعى س. ب (إماراتي - 33 عاماً)، واستفسرت منه عن مواصفات الشقة وسعرها، فأخبرها بأنها مكونة من غرفتين، وصالة، وثلاثة حمامات، ومطبخ، وبإمكانها أن تذهب إلى الشقة وتعاينها بنفسها، أما قيمة إيجارها فتبلغ 115 ألف درهم سنوياً، قالت المهندسة في نفسها إن مسكناً بهذا الإيجار في مثل هذا المكان الراقي يُعد فرصة لا تفوت، فاتفقت مع صاحب الرقم على أن يتقابلا في المكان لمعاينته، وفي اليوم التالي ذهبت المهندسة برفقة زوجها إلى الشقة، والتقيا فيها بشخص يدعى م. و الذي أخبرهما بأنه وسيط عقاري، وهو مكلف من صاحب الشقة بأن يصطحبهما لمعاينتها، وسيقوم بإنهاء إجراءات الإيجار لهما إن رغبا في ذلك، ورحب بهما واصطحبهما إلى الداخل ليعاينا المسكن بكل تفاصيله وإطلالاته، وأخبرهما م. و أن هذه الشقة تعود ملكيتها إلى س. ب، وبعد اطلاع المهندسة ش.ح وزوجها على الغرف والصالة والحمامات والمطبخ والإطلالات، وجدا أن كل شيء فيها من دهانات وأدوات صحية ومطبخ جاهز، ومعد جيداً، فازداد تمسك المهندسة باستئجارها، ورأت أن هذا المكان يناسب وضع أسرتها الاجتماعي، فمن يترك شقة بهذه المواصفات وهذه المساحة؟ فضلاً عن إيجارها الذي يعد قليلاً بالنسبة إلى موقعها، وعلى الفور وبلا تردد، بعد جولة ليست بالطويلة داخل أروقة الشقة، أكدت ش. ح ل م. و أن المكان أعجبها تماماً، وأنها موافقة على استئجاره بالسعر المحدد نفسه 115 ألف درهم في السنة من دون أن تناقشه حول إمكانية تخفيض الإيجار، ولم تنتظر المهندسة طويلاً، إذ كانت أعدت عُدَّتها، وجهزت أوراقها اللازمة للاستئجار قبل أن تذهب برفقة زوجها إلى معاينة الشقة، حيث كانت قد أعجبت بها بشكل كبير من خلال ما قرأته في الإعلان على دوبيزل، ومن خلال كلام س. ب عنها عندما تواصلت معه لأول مرة. أخرجت ش.ح من حقيبتها صوراً من المستندات المطلوبة لإتمام كتابة عقد الإيجار، وسلمتها إلى م. و، فما كان لها أن تنتظر لليوم التالي خوفاً من أن يأتي مستأجر آخر فيفوِّت عليها فرصة الظفر بهذه الشقة الرائعة المبنى، والموقع، والسعر، وطلبت من م. و أن يتعجل في إنهاء إجراءات عقد الإيجار حتى يتسنى لها الانتقال إلى الشقة، فطمأنها م. و بأن كل شيء سيتم حسب رغبتها، فما يهمه في النهاية العمولة التي يتقاضاها كوسيط عقاري من المستأجر. وفي مساء اليوم ذاته ذهب م. و إلى سكن المهندسة ش.ح في منطقة مردف، وأحضر لها عقد الإيجار الخاص بالشقة الجديدة، فوقعت ش.ح عليه، وسلمت م. و مبلغ 5 آلاف و750 درهماً، ثم سلمته شيكين صادرين من حساب زوجها تضمن الأول مبلغ 57 ألفاً و500 درهم، قيمة نصف الإيجار، ومستحق الدفع في اليوم نفسه، والشيك الثاني تضمن المبلغ نفسه كقيمة للنصف الثاني من الإيجار ومستحق بعد ستة أشهر من تاريخ الأول. أخذ م. و العقد بعد توقيع المهندسة عليه، كما أخذ مبلغ العمولة والشيكين، وانصرف بعد أن سلمها إيصالاً بالمبلغ المدفوع والشيكين، ثم قام بصرف قيمة الشيك الأول من البنك في اليوم نفسه، وكانت المهندسة تتواصل خلال هذه الرحلة من الإجراءات مع س. ب عبر الواتساب، وفي اليوم التالي التقت ش.ح بالوسيط العقاري م. و، وسلمها الأخير العقد بعد توقيعه من المالك، إضافة إلى صورة من جواز سفره وهويته وملكية الشقة، وقام م. و بإنهاء إجراءات توصيل الكهرباء، فرقص قلب المهندسة طرباً لأنها ظفرت بهذه الشقة الرائعة، ولم تمهل نفسها طويلاً حتى تنهي إيجارها في سكنها القديم أو توثق عقد إيجارها الجديد في دائرة الأراضي والأملاك في دبي، فقامت بنقل أثاثها وجميع متعلقات أسرتها إلى الشقة الجديدة. عاشت أسرة المهندسة في شقتها الجديدة أسبوعاً من السعادة في مكان نَدُر أن يجد فيه المرء شقة بهذه المواصفات، وهذا السعر البخس، مقارنة بمثيلاتها في المكان نفسه، لكن المهندسة وأسرتها استفاقت من غمرة سعادتها التي لم تطل أكثر من أسبوع على كارثة سقوطها في شباك عملية نصب حاكها س. ب بحرفية عالية، فحين توجهت المهندسة إلى دائرة الأراضي والأملاك في دبي لتصديق عقد الإيجار فوجئت بموظف تصديق العقود يخبرها بأن اسم مالك الشقة غير صحيح، حيث إن اسمه هو أ.س وليس س. ب، فاتصلت المهندسة بالأخير، لكنها وجدت هاتفه المتحرك مغلقاً، ثم تواصلت مع م. والوسيط العقاري، وأخبرته بما فوجئت به من معلومات عن مالك الشقة، فطلب إليها م. و أن تبلغ الشرطة بالواقعة، واكتشفت المجني عليها ش.ح أن صورة ملكية الشقة مزورة، حيث قام المتهم س. ب بوضع اسمه بدلاً من اسم المالك الحقيقي للشقة، ووقع على عقد الإيجار الذي تسلمته المهندسة. وبالبحث والتحري من جانب رجال الشرطة تم ضبط المتهم س. ب وتوقيفه، وبعد إحالته إلى النيابة العامة في دبي، اعترف بارتكابه تهمتي تزوير محرر غير رسمي (عقد ملكية الشقة)، واستعماله في الاحتيال للاستيلاء على أموال المجني عليها، وقال إنه خلال شهر يونيو/حزيران الماضي شاهد عن طريق المصادفة شقة في أحد أبراج منطقة داون تاون برج خليفة كانت مُشرَّعة الأبواب، ولم يكن فيها سكان، فانتهز الفرصة وكتب إعلاناً عنها في موقع دوبيزل الإلكتروني لتأجيرها، وضمن الإعلان مواصفات الشقة وقيمتها الإيجارية، إضافة إلى هاتفه الشخصي فتلقى عدة اتصالات من أشخاص مختلفين من بينهم المجني عليها يرغبون في استئجار الشقة، وفي الوقت نفسه شاهد أحد مندوبي العقارات وهو م. و الإعلان فاتصل بالمتهم وطلب منه أن يقوم بتخليص إجراءات تأجير الشقة فوافق المتهم على ذلك، ومن ثم قابل م. و المجني عليها وزوجها في الشقة خلال معاينتهما لها، وأنهى م. و جميع إجراءات التأجير وسلم المتهم س. ب شيكين بقيمة الإيجار وقام الأخير بتوقيع العقد ثم توجه إلى البنك وصرف قيمة الشيك الأول (57 ألفاً و500 درهم). من جانبها، أحالت النيابة العامة المتهم إلى محكمة الجنايات في دبي في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فأجلت المحكمة نظر القضية إلى جلسة 21 من ديسمبر الجاري.

مشاركة :