في حوار استمر لقرابة عشرين دقيقة، تحدث جي بي بيريت الرئيس والرئيس التنفيذي لشبكة «ديسكفري» الدولية عن التغيرات القادمة في صناعة المحتوى في ظل التسارع الرقمي. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن العلامة التجارية مهمة ولا تقل عن أهمية صناعة محتوى جيد، وإن التخلي عن الـ«براند» أو التنازل عنه سيجعل أي وسيلة إعلامية متشابهة مع الوسائل الأخرى. بيريت يقول: إن مجموعة «ديسكفري» جاهزة لأي تغيرات في سلوك المستهلك الإعلامي، وضرب مثالاً بذلك حين قامت المجموعة باستحداث خدمة إخبارية على «فيسبوك» وهي «هذا الآن»، تحولت فيما بعد إلى أكبر مزودي خدمة الفيديو لموقع التواصل الاجتماعي الشهير. بيريت صرح أن عصر التلفزيون لم ينته بعد، ولن ينتهي، وأن هناك أكثر من 10 مليارات جهاز ذكي في العالم الآن يمكن عبرها مشاهدة المقاطع المرئية. * كيف ترى التحول الرقمي في الإعلام، وهل ديسكفري تشانل والمجموعة التلفزيونية جاهزة للثورة الرقمية الحالية؟ - لم نبدأ من الصفر، ونحن نعشق المبادرة والابتكار وهذا ما بدأنا به منذ أكثر من 30 عامًا. نؤمن بأن الأشياء بالتطور التدريجي «ديسكفري» مثلاً بدأت بقناة واحدة وسوق واحدة مستهدفة والآن 220 سوقا مستهدفة وقنوات منوعة ووسائط متعددة. كنا سابقًا نفاخر بالمنتج التلفزيوني، الآن بالمنتج التلفزيوني والرقمي والتطبيقات الرقمية لنا. ويجب علينا أن نواصل التطور التدريجي. أما عن سؤالك هل نحن مستعدون، نحن نقوم بكثير من الإجراءات والاستحواذات والخطط لمواجهة التغيرات في السوق الإعلامية. اشترينا مثلاً إحدى أكبر شبكات البث الرياضي في أوروبا ومن ثم قمنا ببيع منتجاتها عبر الكيبل التقليدي وقنوات أخرى، والآن تستطيع الاشتراك الرقمي لهذه الشبكة. هذا مثال بسيط على تنويع المنتجات والجاهزية المستمرة للتغيرات في الإعلام. * ماذا عن سلوك المستهلك، وتحديدًا المشاهد حيث أنتم متخصصون، هل هناك تغير ملحوظ أثر على نشاطات ديسكفري؟ في السابق كانت وسيلة المشاهدة التلفاز، الآن أصبح الهاتف الذكي هو وسيلة مشاهدة رئيسية. رأيك في هذا التغير وكيف ستواجهونه، وهل تتوقع أن ينتهي عصر التلفزيون كما يقول البعض؟ - أولاً نحن لسنا شركة تصنيع تلفزيونات، بل نحن شركة لإنتاج المحتوى التلفزيوني، ولهذا فإن هذا الأمر لا يقلقنا. لكن الإحصاءات مثلاً التي لدينا والدراسات المسحية هي أنه كل ما توفرت للمشاهد فرصة مشاهدة المنتج على الشاشة الكبيرة (التلفزيون) فإنه يفضل ذلك أولاً، ولا أظن أن عصر التلفزيون سينتهي لكنه يتغير فقط. الفرق في التغير فيما يتعلق بسلوك المستهلك مفيد للجميع، نحن مثلاً في السابق كنا نجهز المنتجات ونبيعها بافتراض مشاهدتها عبر التلفاز التقليدي، وهناك مليارات التلفزيونات في أنحاء العالم، الآن، نحن في عصر الأجهزة الذكية، من أجهزة كومبيوتر أو أجهزة لوحية أو هواتف، وهناك قرابة 10 مليارات جهاز ذكي في العالم يمكنك مشاهدة المحتوى المرئي «فيديو» عليه. ماذا يعني هذا؟ يعني أمرا إيجابيا بالنسبة لنا كشركة صانعة للمحتوى، أن العدد زاد، وإمكانية الوصول لأعداد أكبر أصبحت متوفرة، ويأتي السؤال: كيف يمكن الوصول إليهم وكيف يمكن إنتاج محتوى يناسب مختلف الاهتمامات. وهنا يأتي الحديث عن المحتوى التقليدي الطويل الذي ننتجه منذ سنوات، أو محتوى مختصر يناسب السرعة أو طبيعة المشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي أو الأجهزة الذكية. لدينا مثلاً على «فيسبوك» خدمة مقاطع مرئية إخبارية مختصرة اسمها «NOW THIS» تجاوز عدد مشاهدات الفيديو فيها إلى جانب منتجات أخرى تابعة لنا 4 مليارات مشاهدة. وهذا رقم كبير جدا. ومنتجات أخرى تستهدف شرائح مختلفة. * هل هذا يعني أنكم ستهتمون بالأجهزة الذكية والإنتاج القصير من ناحية مدة المحتوى؟ - سأكون صريحًا، هناك إشكالية في مسألة معرفة عدد المشاهدات عالميًا بشكل دقيق، وكأننا في القرن التاسع عشر. لا توجد أجهزة تستطيع معرفة ارتفاع أو انخفاض نسبة المشاهدات بشكل دقيق للتلفاز. ولكن أيضًا، إلى جانب هذا، هناك أناس يشاهدون محتوى التلفاز عبر أجهزة ذكية ولهذا فالمسألة يصعب الحكم عليها والأرقام تتراوح أيضًا. وفي كل الأحوال نحن مستعدون. * دعني أسألك مرة أخرى بشكل مباشر، ما هو مصدر القلق لكم وللمحتوى التلفزيوني الجديد في ظل التسارع الرقمي المهول؟ - هناك خيارات للوصول للمستهلك. محتوى مدفوع، محتوى مجاني. وبين هذين الخيارين هناك منطقة رمادية صعبة. وإلى جانب المحتوى، هناك نقطة مهمة وهي العلامة التجارية. الحفاظ على العلامة التجارية مهم جدًا مهما كان الثمن خصوصًا في زمن لديك خيارات لا نهاية لها كمستهلك أو قارئ أو مشاهد تبحث عن محتوى المهم أن يكون مميزا، وهذا هو المهم بالنسبة لنا أيضًا منتجات مميزة. وأعيد الحديث عن العلامة التجارية، هو ما سيبقى مع المحتوى الجيد. * هل لديكم خطط توسعية إعلاميًا في الشرق الأوسط، وتطوير المنتجات العربية التابعة لديسكفري في العالم العربي؟ - بالتأكيد لدينا، ومن الأمثلة البسيطة قناة «فتافيت» المهتمة بالغذاء والطبخ. نحن في الخليج العربي منذ 18 عامًا ولدينا 13 قناة، واستثمرنا في المحتوى المحلي لبعض الدول وسنواصل الاستثمار بشكل أكبر وأكثر الأيام القادمة والفترة المقبلة. نريد أن نلهم الشباب العربي عبر المحتوى المرئي. * لديكم شراكة مع السعودية فيما يتعلق بـ«رؤية 2030» ما هي؟ - أحد أسباب زيارتنا للسعودية هو أن نستطيع أن ننتج قصصا محلية أكثر للمملكة، وأيضًا إلهام الجيل الجديد من السعوديين بالتقنية والعلوم والهندسة عبر المحتوى المرئي. وهذا أحد عناوين عمل «ديسكفري» الابتكار والإلهام. * مجموعة إعلامية وقنوات تلفزيونية عالمية وشهيرة، لكن كيف يمكن الإسهام والعمل في الرؤية السعودية الجديدة؟ - هناك 3 طرق للعمل. الأولى التعليم بالإسهام بتقديم محتوى رقمي إثرائي أو كتب رقمية متخصصة في العلوم بطريقة ديناميكية، الطريقة الثانية هي استخدام مكتبتنا الثرية ثلاثية الأبعاد والإنتاج لتعليم ريادة الأعمال وأن نحكي القصص لإلهام الشباب كما قلت عن العلوم والهندسة. والطريقة الثالثة والأخيرة هي بالاستثمار في الإنتاج التلفزيوني لتوسيع دائرة البيئة الإبداعية كصناعة جديدة لتنمية المهارات وتمكين الشباب من جميع الأدوات العلمية والإعلامية. * سؤال أخير، هل ستفتحون أكاديمية تابعة لـ«ديسكفري» في السعودية أو الخليج؟
مشاركة :