6 سنوات على الثورة التونسية.. لم ينجح أحد!

  • 12/16/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

6 أعوام مضت، تعاقب خلالها رئيسان و7 حكومات، منذ الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، في ثورة شعبية حاشدة، أشعلها الشاب محمد بوعزيزي في الـ17 من ديسمبر/ كانون الأول 2010، لا يزال التوانسة يؤكدون، أنه ينجح أحد في الحكم بلا استثناء، فلا كان الإسلاميون رجال المرحلة، ولا المستقلون استطاعوا رفع معاناة الشعب وضبط بوصلة البلاد. محللون وباحثون، اعتبروا أن التونسيين حصدوا العديد من المكاسب المرتبطة بالحريات العامة والتنظيم والاستقرار، والتي من أبرزها إطلاق حرية الرأي والتعبير، وعودة النشاط للمجتمع المدني، والتخلص من الدولة البوليسية، وكتابة دستور يجمع بين الحداثة والجذور التاريخية، إضافة لتحقيق التبادل السلمي للسلطة. وفي المقابل، شهدت الدولة التونسية، بعد 6 أعوام على الثورة، تأرجحا وتذبذبا، وعدم وضوح في الرؤية السياسية الخارجية، فضلا عن التعثر في تحقيق التنمية، خاصّة في ظلّ غياب رؤية واضحة لمصلحة البلاد. لكن ما لا شك فيه، أن مرحلة ما بعد الثورة، عرفت تحولا ديمقراطيا عسيرا، فهناك العديد من المكاسب والعديد من الخيبات، أما المكاسب فيمكن تلخيصها في تحقيق مساحة واسعة من الحريات كحرية الإعلام، وحرية التعبير، وتمكن المجتمع المدني من النشاط أكثر. ويبقى النهوض بالاقتصاد، حجر الزاوية في قياس نجاح الثورة، غير أن الاحتجاجات الفئوية تمثل معوقًا أمام نهضة الاقتصاد في تونس، حيث بدأت شركة بتروفاك البريطانية، في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي إجراءات مغادرتها للتراب التونسي بسبب الاحتجاجات المتواصلة للعاطلين في جزيرة قرقنة، شرق البلاد، وتسبّب ذلك في توقف عملياتها منذ مدة، الأمر الذي سيفاقم من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد التونسي، إذ توّفر الشركة ما يصل إلى ما بين 12 و13 % من احتياجات البلاد من الغاز. وأكد المتحدث باسم الحكومة التونسية إياد الدهماني في تصريحات صحافية، أن الشركة البريطانية أبلغت الحكومة بأنها بدأت إجراءات الإغلاق، إلّا أن الحكومة التونسية ستعمل على إقناع الشركة بالبقاء بعد التوصل إلى حل نهائي مع العاطلين الذين يطالبون بمناصب عمل في هذه الشركة التي تعمل بشراكة مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. وبدأت هذه الاحتجاجات  منذ يناير/كانون الثاني بعد فشل الحكومة في التوصل مع اتفاق للعاطلين الذين يتهمونها بالتهرب من توظيفهم، وفاقم من الاحتجاجات مطالب عدد من العمال في الشركة بتسوية أوضاعهم القانونية، وكان الاتفاق بين الأطراف قد نصّ على إنشاء شركة جديدة توفر مناصب للعاطلين، إلّا أن الشركة لم تر النور. وفي مدينة فرنانة من محافظة جندوبة غربي البلاد، انطلقت احتجاجات للمطالبة بنصيب المدينة من التنمية. وأكد المحتجون أن مدينة فرنانة تعاني من تأخر في التنمية وتفتقر لأبسط المرافق العمومية ومقومات العيش وتعاني من التهميش، مطالبين بضرورة تدخل عاجل لتنفيذ مطالبهم التي أعلنوا تمسكهم بها إلى حين تحقيقها. وفي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2016، قطع محتجون، طريق في منطقة القنطرة بولاية سليانة، كما قطع محتجون طريقًا أخرى في ولاية صفاقس، وتعطلت حركة المرور بشكل كلي في منطقة القنطرة بولاية سليانة، بعدما قطع محتجون الطريق الرابطة مع ولاية القيروان، وأقدم محتجون على إشعال الإطارات النارية، ما أجبر عددًا من مرتادي الطريق على البحث عن منافذ أخرى للتنقل إلى القيروان، وطالب المحتجون بإيلاء هذه المنطقة حقها من التنمية أسوة بمناطق أخرى في تونس تطمح الحكومة إلى تنميتها للحدّ من احتجاجات سكانها. وجاء الهجوم على متحف باردو، الذي خلّف أكثر من 20 قتيلا، بينهم سياح أجانب،  وتبناه فصيل تابع لتنظيم القاعدة الإرهابي، يعرف بـكتيبة عقبة بن نافع، في مارس/آذار 2015، بمثابة ضربة جديدة للاقتصاد التونسي، إذ نسبب في توقف الحركة السياحية، والتي تعد رافدًا مهمًا من روافد الاقتصاد. من جهته، طالب ديوان الإفتاء التونسي المواطنين أن يصرفوا جهودهم كاملة إلى الإقبال على العمل وعلى الدراسة وأن يجتهدوا في تحسين مردودهم وتطوير مجهودهم، وذلك عبر ترك الاحتجاجات العشوائية والاعتصامات المعطلة للعمل والإنتاج وسد الطرق والإضرار بالملك العام. وقال المفتي العام للجمهورية التونسية عثمان بطيخ، إن تونس تشهد صعوبات جمة، خاصة في المجال الاقتصادي، مع ما يؤثره ذلك على الوضع الاجتماعي العام، لافتًا إلى أن الظروف الحالية تحتم تكاثف الجهود بين الجميع وفي كل المناطق والجهات، والواجب المقدس في حماية الأطفال يفرض التوقف عن هذه الاحتجاجات، معتبرًا أن تونس اليوم في مفترق طرق، فإما أن نخلص الجهد لإنقاذها كلّ على قدر مسؤوليته، أو لا قدّر الله كنا كمن قال فيهم المولى عز وجل يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. وفي المؤتمر الدولي للاستثمار الذي انطلقت فعالياته في تونس أواخر الشهر الماضي، بلغت قيمة المساعدات والقروض العربية التي تحصلت عليها تونس، أربعة مليارات و50 مليون دولار، منها 2.55 مليار دولار من الدول الخليجية، إضافة إلى دعم أعلنه الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لتمويل مشاريع عمومية بتونس بقيمة 1.5 مليون دولار. وتعود المساعدات والقروض الخليجية بشكل أكبر لدولة قطر التي أعلنت منح تونس مليار و250 مليون دولار، وهو أضخم مبلغ تتقدم به دولة في المؤتمر، وأعلن أمير قطر، أن بلاده قرّرت منح تونس هذا المبلغ لدعم اقتصادها وتعزيز مسيرتها التنموية. وتأتي السعودية في المرتبة الثانية، إذ تعهد الصندوق السعودي للتنمية عبر نائب رئيسه يوسف البسام، بتوفير اعتمادات مالية لفائدة تونس تصل إلى 800 مليون دولار، 100 مليون دولار عبارة عن هبة، تخصص لإنشاء مستشفى متعدد التخصصات وترميم مسجد والمدينة العتيقة، و500 مليون لتمويل مشاريع تنموية و200 مليون لتمويل الصادرات السعودية إلى تونس. وأعلنت الكويت، منح قرض لتونس بقيمة 500 مليون دولار مقدمة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية على مدى خمس سنوات، وجاء الإعلان على لسان نائب رئيس الوزراء الكويتي أنس خالد صالح، مؤكدًا أن هذه القروض ميّسرة لأجل إنعاش الاقتصاد التونسي وتمويل المشاريع التنموية. وتأتي هذه القروض بعد قرض سابق أعلنت عنها الكويت لصالح تونس خلال الأشهر الماضية بلغ 74.8 مليون دولار. كما أعلن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي تمويل مشاريع عمومية بتونس بقيمة 3.3 مليار دينار 1.5 مليار دولار. وبعد مرور 6 سنوات على اندلاع الثورة في تونس، توقع تقرير المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن يتعافى نمو إجمالي الناتج المحلي في تونس تعافيا متواضعا ليصل إلى 1.8% بنهاية العام الجاري 2016. وكشف التقرير، أنه للمرة الأولى منذ عام 2011، تم احتواء عجز المالية العامة عند أقل من 5 % من إجمالي الناتج المحلي للعام الماضي 2015، وذلك نتيجة للهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية وانخفاض دعم الطاقة فعليا. وتراجع إجمالي الإيرادات إلى 23 % من إجمالي الناتج المحلي مقابل 23.9 % عام 2014، لكن بوتيرة أبطأ من النفقات، ما يعكس ضعف الأنشطة الاقتصادية. وظل الإنفاق العام يهيمن عليه الإنفاق الجاري، شاملا فاتورة الأجور، الذي زاد إلى 13.4 % من إجمالي الناتج المحلي، مقابل 12.8 % عام 2014، ليصل إلى نحو 50 % من إجمالي الإنفاق. واستمر تقليص الإنفاق الرأسمالي، بحسب موقع البنك الدولي على الإنترنت، ما ساهم في بطء تنفيذ الاستثمارات، وبلغ الدين العام 52 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2015، مقابل 40 في المائة عام 2010. شارك هذا الموضوع: اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :