لبنان: مطالب التوزير تحجب خلفيات سياسية وتؤخر الحكومة بعد الإصرار على توسيعها

  • 12/17/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تميل قوى سياسية عديدة معنية باتصالات تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، إلى الاعتقاد بأن العراقيل أمام ولادة حكومة العهد الأولى برئاسة الرئيس سعد الحريري، سياسية أكثر منها توزيرية أو متعلقة بالحقائب والأسماء، وأن العقد التي برزت قبل طرح الصيغة الثلاثينية وبعدها مجرد غطاء للأسباب السياسية، التي تكمن وراء تأخير ولادتها. وفي اعتقاد مصادر هذه القوى، وبعضها ينتمي إلى 14 آذار، أن فريق 8 آذار بقيادة التحالف الشيعي، ما زال على توجسه من تحالف الثنائي المسيحي، أي «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» من جهة، ومن التفاهم بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحريري من جهة ثانية. وترى هذه المصادر أنه قبل انتخاب الرئيس عون وبعده، عبّر الثنائي الشيعي عن هذا التوجس الذي ما زال قائماً على رغم نفي الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله التقارير الصحافية التي نشرت في هذا الصدد، من باب طمأنة الرئيس عون إلى أن لا ارتياب في توجهاته وتحالفه مع الحزب. لكن مصادر القوى التي تنظر إلى العراقيل التوزيرية على أنها ذات خلفية سياسية، تعتبر أن رئيس البرلمان نبيه بري كان عبّر عن رغبته في مواجهة تحالف عون- «القوات»، بالميل إلى السعي للحصول على الثلث المعطل في الحكومة من دون احتساب حصة عون في الحكومة، لأنه بات حليفا لـ «القوات»، مثلما كان عبّر عن غضبه حيال اتفاق الحريري مع عون على الرئاسة. ومفاعيل كل ذلك تجري ترجمتها في المناورات المتعلقة بتشكيل الحكومة الآن.   القضم خطوة خطوة وتضيف المصادر إياها لـ «الحياة» أن الثنائي الشيعي يعتمد سياسة القضم والخطوة خطوة في الحصول على مطالبه السياسية من الحكومة. فخاض بداية معركة الحؤول دون حصول «القوات» على حقيبة سيادية (الدفاع) ثم نجح في انتزاع حقيبة خدماتية كانت أعطيت لـ «القوات» هي وزارة الأشغال، لتصبح في يد من يمثل الحليف رئيس «المردة» سليمان فرنجية. والخطوة التالية هي اشتراطه و «حزب الله» توسيع الحكومة من 24 إلى 30 وزيراً من أجل تمثيل حلفائه الآخرين، أي «الحزب السوري القومي الاجتماعي» عبر النائب أسعد حردان (أرثوذكسي)، والنائب طلال أرسلان، فضلاً عن أن هذا التوسيع يكسبه وزيراً شيعياً سادساً، ما يجعل عدد وزراء الثنائي الشيعي 9، ويصبح 10 إذا صح أن الرئيس عون قد يسمي الوزير السابق يعقوب الصراف لحقيبة الدفاع التي باتت من حصته (وهو قريب من قوى 8 آذار) ما يعني الحصول على ثلث الوزراء في الصيغة الثلاثينية، فينقصه وزير واحد ليحصل على الثلث المعطل أي الثلث +1 قد يكون من بين وزراء أصدقاء للعهد ولقوى 8 آذار معاً، فيصبح الثلث المعطل مكسباً مقنعاً، له مفاعيله في التصويت داخل مجلس الوزراء في القضايا الأساسية، ومنها التعيينات الإدارية في الفئة الأولى (قائد الجيش مثلاً) التي تحتاج ثلثي عدد الوزراء، وهو ما ينص عليه الدستور. وفق هذه القوى التي تنسب العراقيل إلى الخلفيات السياسية، فإن سعي قوى 8 آذار إلى رفع عدد وزرائها يضاف إلى المشاكل التي يمكن أن تحشر الحليفين عون والقوات، والتي تنشأ عن توسيع الحكومة بعد أن كانت الحقائب توزعت، إثر أخذ ورد لأسابيع، على الفرقاء السياسيين في صيغة الـ24 وزيراً. فإشراك حزب «الكتائب» على رغم أنه ليس من قوى 8 آذار، مع مطالبته بحقيبة، يتطلب نزع حقيبة من وزراء عون أو «القوات». فضلاً عن أن ترشيحه الكاثوليكي الوزير ألان حكيم، يحول دون تحقيق رغبة عون بتوزير الكاثوليكي سليم جريصاتي. كما أن الرغبة في إسناد العدل لجريصاتي كادت تتسبب بخلاف مع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي أصر على أن تبقى في عهدة الوزير مروان حمادة. ونزع حقيبة من «القوات» أو عون لمصلحة الوزير القومي حردان يتسبب بمشكلة أيضاً... وهو ما دفع رئيس «القوات» سمير جعجع إلى التأكيد أنه ليس مستعداً للتخلي عن أي حقيبة. وتختصر مصادر القوى هذه الاضطراب الناجم عن توسيع الحكومة بالقول إنه يؤدي إلى مناوشات واشتباكات ومماحكات بين الحلفاء وبين القوى التي ستضمها الحكومة، فيؤخر قيامها. وترى المصادر أن قوى 8 آذار تتذرع بحجة أنها كانت تؤخر تأليف الحكومات السابقة من أجل تلبية مطالب الحليف العماد عون وتضامناً معه، فلماذا لا تفعل لمصلحة الحلفاء الآخرين الآن؟ ولا تكتمل صورة الأسباب السياسية للعرقلة عند هذه المصادر، من دون التشديد على الجانب الإقليمي منها، والمتعلق بالخلاف العميق بين الثنائي الشيعي و «تيــار المستقبل» والحريري، حول التطورات السورية ومأساة حلب، إضـــافة إلى عدم ارتياح النظام في دمشق و «حزب الله» إلى انفتاح المملكة العربية السعودية على العهد الجديد وسائر الدول، كعوامل أساسية وراء تأخير تأليف الحكومة، على رغم دعوة نصرالله إلى الفصل بين إنجاز الحكومة والوضع الإقليمي.   الأسباب الإقليمية وقانون الانتخاب وتخشى أوساط سياسية متعاطفة مع العهد والحريري، من أن يكون التوافق على قانون الانتخاب بات واحداً من العثرات أمام الحكومة لأسباب سياسية أيضاً، بعد أن ربطت كتلة «الوفاء لمقاومة» الاتفاق عليه «بموازاة» تشكيل الحكومة، في وقت يسعى «التيار الوطني الحر» عبر جولاته على الفرقاء السياسيين إلى فصله عن تأليف الحكومة عبر انكباب البرلمان على إقراره بحجة التسريع في هذه العملية واستدراك المهل القانونية لدعوة الهيئات الناخبة إلى الاقتراع قبل 3 أشهر من موعد الاقتراع في نيسان (أبريل)- أيار(مايو) المقبل، وباعــــتبار أن دراسة القانون كانت في عهدة المجلس النيابي منذ زهاء 4 سنوات، فالربط بين المسألتين يعني تأخير ولادة الحكومة في انتظار حصول هذا التوافق، وهذا الربط يصبح تعجيزياً طالما أن «حزب الله» يصر على قانون يعتمد النسبية بالكامل ولبنان دائرة انتخابية واحدة، أو المحافظات دوائر انتخابية، في ظل رفض فرقاء آخرين النسبية الكاملة وتفضيلهم الصيغة المختلطة بين النسبية والنظام الأكثري، على غرار مشروع بري (مناصفة بين النظامين) ومشروع «المستقبل» و»القوات» والحزب «التقدمي الاشتراكي» بانتخاب 68 نائباً على الأكثري و60 على النسبي). وإذا صح توقع المصادر هذه في شأن الخلفية السياسية للـــعراقيل، تبــــدو الحكومة متأخرة نظراً إلى إصرار الرئيس بـــري على توسيعها، على رغم أن من التقوا الرئيس المكلف في الساعات الماضية ينقلون عنه أنه أخذ لنفسه أياماً قليلة لحلحلة عقد الحكومة الثلاثينية، وأن التـــشكيلة سـترى النور قريباً. ويتابع الحريري اتصالاته بعيداً من الأضواء مع الأطراف كافة، بعد أن كان التقى أول من أمس النائب جنبلاط لتقويم الموقف. وعلمت «الحياة» أن لا مشكلة لدى الأخير في التخلي عن حقيبة للنائب أرسلان في الصيغة الثلاثينية. «التيار الحر» منفتح على كل الصيغ الحكومية و «لقاء الجمهورية» يحذر من المماطلة في التأليف لا تزال المساعي جارية على خط تأليف الحكومة اللبنانية بعد الجمود الذي عاد ليسيطر على الملف، ما بين صيغة الـ24 وزيراً وصيغة الثلاثين. وكان الموضوع الحكومي مدار بحث مساء أول من أمس بين الرئيس المكلف سعد الحريري، خلال زيارته رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط في منزله في بيروت، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري، في حضور أبناء جنبلاط تيمور وأصلان وداليا، وزير الصحة وائل أبو فاعور، النائبين مروان حمادة وغازي العريضي والنائب السابق أيمن شقير. والتقى الحريري امس، وفداً من رجال الاعمال اللبنانيين في السعودية. ونبه «لقاء الجمهورية» من «خطورة المماطلة في التأليف للإبقاء على قانون الانتخاب الحالي»، وأكد خلال اجتماعه برئاسة ميشال سليمان، أن «القانون النسبي بات ضرورة وطنية، والأنسب لجميع القوى لضمانه تعددية التمثيل». ورأى سليمان «أن خرائط المنطقة التي ترسم بالحديد والنار ستكون مزعجة للبنان إن لم يحسن إدارة تحييد نفسه عن ضراوة ما يحصل في محيطه المشتعل»، لافتاً إلى «أهمية إخراج لبنان من مستنقع المحاور وتجنيبه الانعكاسات السلبية الناتجة من زجه في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل». وأملت النائب بهية الحريري بأن «تتشكل الحكومة قريباً ويمارس رئيسها صلاحياته. وأن يجري العام المقبل تجديد الحياة الديموقراطية ضمن انتخابات نيابية تجرى في موعدها، لأن الجميع لديه هذا التوجه». وأكد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي وليد خوري، أن «بورصة التأليف رست على الحكومة الثلاثينية على رغم أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف كانا يرغبان بحكومة من 24 وزيراً». وقال: «توزيع الحقائب بعد التوسيع أدى إلى تأخير ولادتها، ولكن لا أشعر بأن الأمر سيشكل عقبة أساسية تحول دون تظهيرها»، متوقعاً ولادتها «قبل عيد الميلاد». لكن عضو الكتلة ذاتها ناجي غاريوس، شدد على أن «التأخير يعود إلى تمسك بعضهم بعقلية تحقيق ربح خاص»، لافتاً إلى أنه «لا يجوز اعتبار الحكومة حصة كما تجري العادة»، ومجدداً تأكيد «أن رئاسة الجمهورية لم تضع فيتو على أحد ومنفتحة على الصيغ الحكومية». ورأى «أن موعد إعلان التشكيل مرتبط باستعداد الأطراف السياسية للتعاون». ولاحظ حزب «الوطنيين الأحرار» بعد اجتماعه برئاسة النائب دوري شمعون، أنه «كلما اقترب التشكيل من الحسم تظهر ملابسات جديدة تعيقه وتعيد البحث إلى المربع الأول». ولفت الى أن «التأخير ينعكس سلباً على إنجاز قانون انتخاب، ويرفع حظوظ العاملين سراً على إبقاء قانون الستين»، مفضّلاً «حكومة تقوم على مبدأ الموالاة والمعارضة».   أحمد الحريري: لن نتخلى عن المناصفة وأمل الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري بأن يكون «التشكيل قبل رأس السنة، ومن بعدها ننطلق للعمل، ونحن ارتضينا في ظل الانقسام الحاصل، أن نحيد الأمور الخلافية عن مصالح الناس، وأن نقول رأينا وموقفنا بوضوح، وهنا أتكلم تحديداً عن حزب الله لا عن التيار الوطني الحر». السفير الإيطالي: لتسريع التشكيل أمل السفير الإيطالي لدى لبنان ماسيمو ماروتي بأن «تتشكل الحكومة اللبنانية قريباً، لكي تنهض بالبلد فتعود إليه حركته التجارية والاقتصادية وينعم بالمزيد من الاستقرار والأمن». وجدد الديبلوماسي الإيطالي، بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي تهنئة «الشعب اللبناني بانتخاب رئيس جديد للبلاد». ولفت إلى أن «الحديث تطرق أيضاً إلى ضحايا الزلزالين اللذين ضربا مناطق في إيطاليا، وأعرب غبطته عن حزنه وأسفه الشديدين لما أسفرت عنه هذه الكارثة الطبيعية».

مشاركة :