دعا رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس خلال زيارته لبرلين إلى دعم سياسته للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وقال تسيبراس قبل محادثاته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن اليونان لا تريد أن تظل جزءا من الأزمة، بل تريد أن ينُظر إليها كجزء من الحل. وذكر تسيبراس أن هناك تقدما ملحوظا في الوضع الاقتصادي اليوناني، مشيرا في ذلك إلى توقعات بأن يحقق الاقتصاد اليوناني العام المقبل نموا بنسبة 2.7 في المائة، و3.1 في المائة في 2018. وأثار تسيبراس استياء الجهات المانحة بسبب خطط حكومته صرف منحة بمناسبة الأعياد للمتقاعدين اليونانيين الفقراء هذا العام، وكان وزراء مالية منطقة اليورو قد وافقوا الأسبوع الماضي على إجراءات خفض الدين العام لليونان. وأعلن متحدث باسم "آلية الاستقرار الأوروبية" في بيان أن "مؤسساتنا الحاكمة قررت وقف قراراتها بشأن الإجراءات قصيرة الأجل مؤقتا"، مضيفا أن الدائنين "يقيمون تأثير قرارات حكومة اليونان.. وسنقرر على أساس ذلك كيفية التحرك فيما بعد". ويبلغ الدين الوطني لليونان حاليا 315 مليار يورو بما يعادل نحو 180 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ولم تعلق ميركل على الجدل الدائر حول خطط الحكومة اليونانية صرف منحة بمناسبة الأعياد للمتقاعدين الفقراء، مؤكدة أن القرارات الآن في أيدي المؤسسات المعنية (البنك المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي). وأثار قرار رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس منح مساعدة لبعض المتقاعدين وللجزر التي تعاني من أزمة الهجرة، خلافا جديدا بين أثينا والجهات الدائنة وكشف انقساما متزايدا في منطقة اليورو وأبرز قطبين فيها، ألمانيا وفرنسا. وفيما يستعد البرلمان اليوناني للتصويت على إجراءات مساعدة لبعض المتقاعدين متجاهلا قرار منطقة اليورو التي جمدت إجراءات تخفيف ديون البلاد ردا على هذه الخطوة، تزايد التوتر بين تسيبراس والمتشددين في صفوف الجهات الدائنة لليونان وفي مقدمتهم رئيس مجموعة اليورو يورين ديسلبلوم. وأوضح تسيبراس أنه يجب تسوية الوضع بدون "ابتزاز" من جانب الدائنين، وأضاف رئيس الوزراء اليساري أثناء وصوله لحضور قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل: "أعتقد أنه بإمكاننا تحقيق تقدم بدون ابتزاز وبشكل يحترم سيادة كل دولة". ودافع تسيبراس عن "حقه" في القيام بمثل هذه المبادرة وذلك في ختام لقاء عقده مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز قبل القمة الأوروبية. وقال بحسب بيان أصدره مكتبه إن الحكومة اليونانية تملك حق اتخاذ إجراءات دعم المجتمع التي لا تخالف البرنامج ولا تهدد الوصول إلى الأهداف المحددة ضمن خطة الإنقاذ. ودخلت فرنسا على خط النقاش، إذ شدد الرئيس فرنسوا هولاند على ضرورة معاملة اليونان "بكرامة" في هذا الخلاف المستمر، لكن التوتر تصاعد حين اتهم متحدث باسم وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله أثينا باتخاذ قرارات "من جانب واحد وبدون إشعار مسبق". في ذات السياق، أعلن ناطق باسم رئيس مجموعة اليورو يورين ديسلبلوم تعليق إجراءات تخفيف ديون اليونان التي تم التوصل إليها في الآونة الأخيرة ردا على خطوة أثينا. وقال في بيان إن تصرفات الحكومة اليونانية، إعادة العمل بالراتب الـ 13 السنوي لبعض المتقاعدين، وإرجاء رفع الضريبة على القيمة المضافة، "لا تنطبق مع اتفاقاتنا". وأشار المتحدث باسم رئيس مجموعة اليورو التي تضم 19 دولة إلى أن هذا الأمر يمنع "تطبيق" إجراءات تخفيف الدين، وكان وزراء مالية مجموعة اليورو وافقوا في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) على إجراءات تخفف بشكل إضافي ديون اليونان. وتصاعد الخلاف خلال ساعات ونأى وزير المالية الفرنسي ميشال سابان والمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي بنفسيهما عن هذا القرار. وقال سابان إن البيانات الفردية لا تعبر بشكل جماعي عن مجموعة اليورو، لافتا إلى أن القرار لم يتخذ بإجماع الدول الأعضاء الـ19، ويلقى هذا الخلاف الضوء على تباين وجهات النظر بين برلين وباريس حول إجراءات التقشف الطويلة الأمد. ولطالما اتخذت فرنسا موقفا أكثر ليونة من ألمانيا حيال اليونان على مدى سنوات التفاوض حول خطة إنقاذ اليونان، ويشهد البلدان انتخابات السنة المقبلة، ويتخوفان من تزايد الخطاب الشعبوي الذي يمكن أن يعزز مواقف المشككين في الانتماء الأوروبي وأحزاب اليمين المتطرف. وتسيبراس الذي تراجعت مستويات التأييد له أكد أن على الجهات الدائنة "احترام الشعب اليوناني الذي قدم تضحيات كبرى في السنوات السبع الماضية باسم أوروبا". والإجراءات المطروحة أمام البرلمان تنص على تقديم مساعدة مالية تتمثل بإعادة راتب الشهر الثالث عشر السنوي الذي ألغي في إجراءات تقشفية سابقة، للمتقاعدين الذين يتلقون أجورا شهرية تقل عن 850 يورو. وبحسب الحكومة فإن الإجراء سيستفيد منه 1.6 مليون متقاعد وتبلغ كلفته 617 مليون يورو، وأعلن تسيبراس هذا الإجراء قبل أسبوع في إطار سياسية "تعزيز الوئام الاجتماعي" وتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها بعد سبعة أعوام من التقشف الصارم. وإلى جانب هذا الإجراء وعد أيضا بإرجاء الزيادة المتفق عليها مع الدائنين لضريبة القيمة المضافة في جزر شرق إيجه التي تستقبل حاليا أكثر من 16 ألف لاجئ ومهاجر، موضحا أن هذا التأجيل سيستمر ما دامت أزمة اللاجئين مستمرة.
مشاركة :