قال الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا سابقا، إن حسم الأوضاع في حلب «قد يعزز نظام بشار الأسد، ولكنه لن ينهي الأزمة»، مشيرا في تصريحات إلى أن ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، كانت انتفاضات وهبَة غضب شعبية «ولم تكن مؤامرات حيكت من الخارج»، لكنه أشار إلى أن التدخل الخارجي في ليبيا «كان فجَا ولم يراع مصلحة الشعب». وأوضح أن إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، قبل 22 سنة «ليس له أي مبرر». ودعا الإبراهيمي إلى «إحداث التغيير في سوريا، التي لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه بعد مقتل 300 ألف سوري وتشريد نصف الشعب». وأفاد الدبلوماسي الجزائري في مقابلة أمس مع وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، بأن «بشار الأسد (رئيس النظام السوري) قد يكون عقبة أمام علاج الأزمة، كما قد يكون جزءا من الحل. وفي كل الأحوال لا يمكن لسوريا أن تعود إلى ما كانت عليه قبل، فالنظام العائلي يدوم منذ 40 سنة ولا بد من أن يحصل تغيير جوهري في البلاد». وذكر الإبراهيمي أن «بناء سوريا جديدة أصبح أمرا ضروريا، مع المحافظة على وحدتها لأنها شيء أساسي جدا». وألحَ على أن «التغيير لا يمكن التملص منه ولا رفضه أو نكران الحاجة إليه، لا بد من حل سياسي يرضي الشعب السوري». وأضاف: «الأزمة في سوريا لم تكن مفتعلة، كان هناك تذمر شعبي ومطالب بالحرية والكرامة، وهؤلاء المتذمرون لم يأخذوا أموالا لا من الروس ولا من الأميركيين حتى يثوروا ضد النظام، الذي لم يتعامل مع الأحداث بحكمة في بدايتها». وبرأي مهندس «اتفاق الطائف» (1989)، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان: «حصلت تدخلات أجنبية بعد الانتفاضة، لم تكن في مصلحة الشعب السوري». وعلى عكس الإبراهيمي، يبدو الخطاب الحكومي الجزائري داعما للنظام في سوريا أو على الأقل، لا يعتقد المسؤولون في البلاد بأن نظام الأسد هو سبب التقتيل والدمار الذي لحق بسوريا. ويقول الإبراهيمي أن ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، كانت انتفاضات وهبَة غضب شعبية «ولم تكن مؤامرات حيكت من الخارج». وعدَ الإبراهيمي، الذي كان وزير خارجية الجزائر مطلع تسعينات القرن الماضي، الأوضاع في ليبيا «كارثة بكل معاني الكلمة، فما يتعرض له الشعب الليبي ظلم شديد، وقد كان التدخل الخارجي في هذا البلد فجَا ولم يراع مصلحة الشعب». مشيرا إلى أن تونس والجزائر ومصر ودول الساحل الأفريقي، هي البلدان الأكثر تضررا من الأزمة الليبية «التي لا يمكن أن نقفل عليها إلى الأبد داخل الحدود، دون أن تكون لها تداعيات على البلدان المجاورة، تماما مثل الأزمة السورية». وكان الإبراهيمي صرح الأحد الماضي، بالعاصمة بأن إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، قبل 22 سنة: «ليس له أي مبرر، وقد تسبب في تعطيل بناء المغرب الكبير»، وانتقد «استمرار جمود العلاقات بين أعضاء الاتحاد المغاربي». وعبَر الإبراهيمي عن «ألمه الشديد لما آلت إليه العلاقة بين الطرفين، خاصة للتكلفة الاقتصادية الباهظة التي تؤديها الدولتان بسبب غياب التعاون بينهما». وأضاف بأن «جمود الاتحاد المغاربي يأتي في ظرف تعمل فيه الكثير من دول العالم، على إنشاء تكتلات إقليمية تدافع فيها عن مصالحها». داعيا إلى «ضرورة استثمار الاستقرار النسبي الذي يميز المنطقة المغاربية، باستثناء ليبيا، لأجل بعث التعاون، أما إذا استمر الجمود فهذا الاستقرار سيكون مهددًا». وقال أيضا إن البلدين المغاربيين الكبيرين «مدعوان إلى استنساخ تجربة الهند والصين، بما أن هاتين الدولتين اختلفتا في قضايا جوهرية حول الحدود، لكنهما أرستا تعاونا اقتصاديا مهما بينهما». وأضاف بأن «قيام الاتحاد المغاربي لن يكون ممكنا دون إنهاء التوتر بين الجزائر والمغرب». يشار إلى أن الحدود تم إغلاقها بقرار من الجزائر احتجاجا على فرض الرباط تأشيرة الدخول إلى المغرب على الجزائريين، على إثر اتهام المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء عملية إرهابية، استهدفت فندقا بمراكش في أغسطس (آب) 1994.
مشاركة :