الأسرة أولاً / أيها الزوجان... «هوناً ما» - ثقافة

  • 12/18/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من النصائح الذهبية في الحب هذه النصيحة النبويـة للاعتدال فيه، وكذلك الاعتدال في البغض. والحكمة في ذلك أن الاعتدال ينجينا من الحرج إذا تغير الحال بعد ذلك حين ينقلب الحب بغضاً أو البغض حباً. يقول النبي في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه وأخرجه الطبراني عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً عن علي رضي الله عنه: (أحب حبيبك هوناً ما ؛ عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما). إن الذي يندفع في مشاعر الحب، فيقول كلاماً مبالغاً فيه، وقد يكون فيه تجاوز لحدود كثيرة، قد يندم حين يذهب الحب ويحل البغض محله. وكذلك الذي يندفع في مشاعر البغض فيسيء إلى من يبغضه في الفعل أو القول ؛ فإنه لا شك سيندم على ما صدر عنه من فعل أو قول فيهما من السوء ما فيهما؛ حتى إنه ليتمنى لو لم يقله، أو أن ينساه حبيبه الذي كان قد أبغضه. ولعل أكثر من يهمل هذه الوصية النبوية الأزواج والزوجات، فهم يندفعون في التعبير عن مشاعر الحب والبغض بكلمات ما ينبغي لهم أن يقولوها، ولعل يوماً يأتي يندمون فيه على قولها، وكذلك يقومون بأفعال تدفعهم إليها هذه المشاعر وما ينبغي لهم أن يقوموا بها، ولعلهم يندمون على فعلها حين تتبدل هذه المشاعر من بغض إلى حب أو من حب إلى بغض. وهذه بعض الإضاءات اقتبسها من ذاك النور النبوي: - ينبغي أن يذكر كلا الزوجين أن حب الله تعالى ورسوله يجب أن يـكون قبل أي حب آخر. قال النبي (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) متفق عليه. ولهذا فإن على الزوجين أن يحب كل منها صاحبه حباً لا اندفاع فيه، وألا يكون حبهما أكبر من حبهما لله ورسوله، بل إن حبهما الله ورسوله أولاً يوجه حبهما المتبادل فيجعله أدوم وأقوم. - أكثر ما يـدفع من يحمل البغض من الزوجين إلى قول كلام قد يندم عليه مستقبلاً هو الغضب، ولهذا أمر النبي من يغضب بالسكوت فقال (إذا غضب أحدكم فليسكت) حديث صحيح أخرجه أحمد عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه. لهذا أنصح من يغضب من الزوجين أن يمسك لسانه ويمنعه من إطلاق كلام يؤذي صاحبه ويندم هو عليه. - في هذه الدعوة النبوية إلى الاعتدال في مشاعر الحب والبغض... دعوة أخرى إلى تغليب العقل وجعله متحكماً في المشاعر كلها، مراقباً لها، مانعاً إياها من الانطلاق غير المعتدل. ويؤكد هذه الدعوة حديثه الذي أخرجـه البخاري في صحيحه وقال فيه (سددوا، وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيئاً من الدلجة. والقصد القصد تبلغوا) متفق عليه. قال ابن حجر: (القصد القصد) أي الزموا الطريق الوسط المعتدل، وتكرار اللفظ للتأكيد. ولعل هذا يفسر ما أكدته الإحصاءات من أن حالات الطلاق في الزواج الناتج عن الحب ثلاثة أضعاف الزواج الناتج عن الخطبة التقليديـة القائمة على الاختيار الذي يشارك فيه الأهل ويوافقون عليه.

مشاركة :