الرجال الأكثر فقرا هم الأقل إقبالا على الزواج. الانفتاح في المجتمعات وحرية الشاب في إقامة علاقات عاطفية مع العديد من الفتيات والحديث مع فتيات من مختلف الدول العربية والأوروبية عن طريق الإنترنت جعلته يعزف عن الزواج ويفضل الصداقة بدلا من عبء المصاريف وفي هذا السياق، تقول عبلة إبراهيم، استشارية العلاقات الاجتماعية والأسرية في مصر إن عنوسة الرجل تختلف عن عنوسة المرأة لأنها تعد مسألة اختيارية بالنسبة إليه، لأن مسألة الزواج في الأساس هي أمر بيد الرجل، حيث يستطيع أيّ شاب أن يدخل أيّ بيت ويطلب يد أي فتاة للزواج، على عكس الفتاة التي تنتظر اختيار الشخص المناسب بالنسبة إليها، لافتة إلى أن أسباب ارتفاع سن زواج الشباب أو ما يُعرف باسم "عنوسة الرجال" له أبعاد مختلفة، فهناك رجال يختارون العنوسة بمحض إرادتهم، إما لأنهم يبحثون عن فتاة بمواصفات خاصة ولا يتنازلون عن هذا النموذج وكلما دخلوا في تجربة عاطفية ولم تنطبق الشروط على الفتاة تركوها وبدأوا في البحث عن غيرها، أو لأنهم يخافون من مسؤولية الزواج وتحمّل متاعبه من زوجة وأبناء ومصاريف وتكوين أسرة لذلك نجد أن الشاب المتهور المستهتر هو من يهرب من فكرة الزواج جملة وتفصيلا. وتلفت عبلة إلى أن هناك فئة أخرى من الشباب التي تهرب من الزواج بسبب مرورهم بالعديد من التجارب العاطفية التي باءت بالفشل، وتركت في نفوسهم عقدة من الحياة الزوجية، أو مرّوا بتجارب حياتية مؤلمة مثل انفصال الوالدين، أو حدوث مشاكل وخلافات مستمرة بينهم، مما ترك في عقلية الشاب أن الزواج يعتبر تجربة حياتية فاشلة ولا داعي لخوضها، لذلك يفضّل هذا النموذج تكوين علاقات وصداقات مع الفتيات بدلا من الزواج خاصة مع الانفتاح الذي نعيشه هذه الأيام، إضافة إلى تغير الكثير من العادات والتقاليد بالنسبة إلى الفتيات وتأثّرهم بتعاليم الغرب، لافتة إلى أن هناك مجموعة من الأسباب التي يكون فيها الشاب مجبرا وليس مخيرا للوقوع في شبح العنوسة، حيث لا يجد قطاع كبير من الشباب فرصا للعمل لتوفير شقة وتجهيزها وتحمّل مصروفات زوجة وأبناء، وهنا تحكم عليه ظروف الحياة بالعنوسة وبتأجيل فكرة الزواج، مؤكدة أن طرق علاج عنوسة الرجال تختلف باختلاف الأسباب، وكلها تحتاج إلى تدخل الأهل والوقوف بجانب الشباب. وحول الصفات النفسية للرجال العازفين عن الزواج، توضح هبة العيسوي، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس، أن الإنسان الذي يرفض الزواج تكون لديه مشاكل في المهارات الاجتماعية والذكاء الوجداني، مصنفة شخصيات هؤلاء الرجال إلى الشخصية النرجسية، وهي التي تشعر بذاتها بشكل لا يحتمل، والشخص الهستيري الذي يريد أن يظهر نفسه ولكنه لا يريد الارتباط، والشخصية البينية التي ترتبط بشدة، وفجأة تبتعد وتختفي. مشيرة إلى أن أغلب الرجال الذين يعزفون عن الزواج بسبب مجموعة من الشروط التي يضعونها في مخيلتهم يشعرون بالندم بمجرد الوصول إلى سنّ الخمسين حين يرون من حولهم لديهم أولاد وأحفاد. وتضيف العيسوي أن هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار العنوسة بين الرجال، وهي اختلال قيمة الزواج المبكر، نتيجة عدم الإحساس بأهميته وخوف الشاب من التقيد بمسؤوليات الزواج والالتزامات المالية والاجتماعية المتعلقة به، لافتة إلى أن الانفتاح على العادات والثقافات الأخرى جعل من الشاب والفتاة من نفس البلد خيارا أخيرا للزواج، والبحث عن الارتباط من جنسيات أخرى، بالإضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي كوّنت عالما افتراضيا للشاب وبدأ يعيش فيها نفسيا وعاطفيا واستغنى عن الحياة الواقعية.. :: اقرأ أيضاً موضة ثمانينات القرن الماضي بأسلوب عصري المدرب الخاص يعزز الحماس والرغبة في الاستمرار
مشاركة :