«شعرة معاوية» بين الحكومة والمجلس - مقالات

  • 12/19/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أعجبني توصيف أحد المحللين السياسيين للتشكيلة الحكومية التي أطلق عليها اسم «حكومة امتصاص الصدمات»، معللاً ذلك بأن رئيس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك، ابتعد في اختياراته للوزراء عن أسلوب التصنيف حسب المواقف، وجاءت الأسماء منسجمة مع مخرجات الانتخابات البرلمانية، بعد ان استجاب المبارك لمعظم الدعوات ونزع فتيل التصادم مع المجلس بإجراء بعض التعديلات في الحقائب بين الوزراء الشيوخ. وكنت الأسبوع الماضي قد تحدثت سريعاً عن التشكيل الحكومي وخيارات النواب تجاهه في ظل المقارنة بين أسماء الوزراء وما طرح من شعارات انتخابية قد تشكل محور تصادم بين السلطتين. واليوم نتعمق أكثر في رصد العلاقة بين المجلس والحكومة في ضوء الأسماء والسياسات والأجندات، وما ينتظر مسيرة العمل السياسي من مطبات وكيفية تفاديها، للحفاظ على «شعرة معاوية» في العلاقة بين السلطتين. لا بد من التنويه بأن ما شهده التشكيل الحكومي في اللحظات الأخيرة، كان له دور في نزع فتيل أزمات كانت جاهزة للاشتعال فور انطلاق دور انعقاد المجلس، ونقصد بكلامنا تبديل حقيبتي وزيري الدفاع والداخلية، فكان أن أوقف ـ موقتاً ـ التلويح النيابي باستجواب محمد الخالد الذي انتقل إلى وزارة الدفاع بعيداً عن الملفات المثيرة للجدل التي تركها وراءه في الداخلية، وأولها ملف «سحب الجناسي»، الذي نعيش تسخيناً نيابياً محموماً فيه قبل وضعه على الطاولة. أضف إلى ذلك نزع فتيل آخر، بسحب حقيبة وزارة الأوقاف من الوزير الجديد الدكتور فالح العزب وإبقائه على وزارة العدل التي تنتظره فيها مهمات كبيرة لتصويب الأخطاء وإعادة العمل في الوزارة إلى سكة الصواب، وهو ما يستطيع القيام به نظرا لخبرته السياسية وكفاءته المهنية وهما المحك للحكم عليه. ولعل ما رأيناه من بوادر عمل حكومي تبشر بـ «شهر عسل» طويل بين السلطتين، فالوزراء، أو اغلبهم، أكدوا أنهم سيعملون على تصحيح المسار ومحاربة الفساد الذي يشكل مطلباً نيابياً ملحاً، وأول أولئك الوزراء، وزير الصحة الذي أعلن عن تشكيل لجان مشتركة للتعاطي مع ملف «العلاج السياحي» في الخارج، أضف إلى العمل على تحسين الخدمات الصحية. وكذلك وزير الأشغال العامة عبدالرحمن المطوع، الذي قال إنه سيتولى بنفسه حل كل الملفات العالقة في المشاريع المعطلة ولن يكتفي بالمراسلات. وهنا لا بد أن ننوه بالاختيار الموفق لرئيس الوزراء، لهذا الوزير، والذي يشير إلى انفتاح حكومي على كل التيارات، والبعد عن التصنيفات. فالمطوع سلفي انشق عن التجمع السلفي وشكّل تيارا خاصا تحت مسمى «حراك»، كما كان له موقف معارض من نظام «الصوت الواحد». ومن الوزراء الذين وقف المبارك في اختيارهم، يبرز وزير التجارة خالد الروضان الذي يصفه الكثيرون بأنه يتمتع بشفافية في العمل قد لا تتناسب مع طبيعة العمل السياسي، ولكنه في المقابل لديه قدرة على تحمل الضغوط ستكون طريقه للنجاح. في المقابل، تلوح في الأفق القريب سحب مواجهة تعكر الأجواء التي تحدثنا عنها، أولها أن رئيس الوزراء نفسه قد يكون عرضة لأسئلة برلمانية ذات أجندات معينة، وقد تدفع به نحو الاستجواب، وهو أمر يفرض عليه التعاطي السريع والإيجابي مع الملفات الأكثر أهمية على الساحة ليسحب البساط من تحت المتصيدين، ويأتي في مقدمتها موضوع إعادة الجنسيات لمن سحبت منهم لأمور سياسية، وتعديل وثيقة الإصلاح السياسي. ثم يأتي وزير الإعلام ووزير الشباب الشيخ سلمان الحمود الذي يعد النائب صالح عاشور مسودة استجوابه، وفق تصريحاته يوم الخميس الماضي على خلفية تعيين غير الكويتيين والتجاوزات المالية في هيئة الشباب. أضف إلى ذلك تهديدات النائب الآخر عبدالوهاب البابطين باستجوابه ما لم يتعاط إيجابيا مع توصيات رفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية. كما أن هناك حديثا حول وزير المالية، ودوره في وثيقة الإصلاح الاقتصادي، ولاسيما ان السهام كانت موجهة له منذ مجلس الامة الماضي وقد عادت مع الأشخاص أنفسهم. خلاصة القول، إن الإبقاء على شعرة معاوية وإطالة شهر العسل بين السلطتين يتطلبان عملا حكوميا سريعا تجاه القضايا الشعبية التي كانت جواز سفر النواب إلى المجلس والتي لن يتخلى عنها النواب إبرارا لوعودهم للناخبين، وهنا يجب أن تشكل لجان مشتركة لبحث تلك القضايا واقتراح الحلول لها. H.alasidan@hotmail.com @Dr_alasidan

مشاركة :