بقلم : صالح المسلّم * أن تبعث ابنك أو ابنتك إلى الدراسة في الخارج فأنت خارج الملّة في نظرهم، ويطرحون تساؤلات عدة، ما هي انعكاسات هذه البعثات على الأُمة، وكيف سيكون تفكير بناتنا وشبابنا بعد أن يعودوا إلى الوطن وماذا يحملون من أفكار؟ معنى تخريب في معجم المعاني الجامع تَخريب: اسم مصدر خَرَّبَ تَعَرَّضَتْ آلاَتُ الْمَصْنَعِ إِلَى تَخْرِيبٍ: إِلَى إِتْلاَفٍ، وَذَلِكَ بِإِحْدَاثِ عَطَبٍ فِيهَا أَحْدَثَ الجُنْدُ تَخْرِيباً فِي القَرْيَةِ : تَدْمِيراً تخريبُ النِّظام: إفسادُ النِّظام والعبث به خرَّبَ يخرِّب، تخريباً، فهو مخرِّب، والمفعول مخرَّب خرَّب الماكينةَ: خَرَبَها، عطّلها أو أفسدها خرَّب الدَّارَ: خَرَبَها، هدمها ودمّرها، صيَّرها خراباً. «يُخَرِّبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ»، من هُنا إذن اكتسبت هذه الكلمة معانيها، وأضحت ،رُبما تُدرّس في مناهجنا لتسكُن في عقول أجيال قادمة، وترسخ في أذهانهم ليكونوا مع وليس ضد مُعتنقي الهدم لا البناء، مع كُل أسف تزدادُ يوماً بعد يوم أعداد الملتحقين والمنتظمين في هذا المعسكر، ورُبما عجزت وسائل الإعلام ومناهج التعليم وإدارات التعليم عن تغيير نمطية هذا السلوك، كون مُصطلحٍ كهذا ترّسخ في العقول الباطنة لجيل تمرّس على زرع الفتن، ووضع العراقيل أمام أي جديد، بل المجاهدة للحيلولة دون نسف النُسق والتعاليم السابقة لأربابهم، حيث توالت أجيال وأجيال تتفنن بوضع الخطط والمناهج، وتكفير الآخرين أمام الملأ تارة وبالخفية تارات أُخرى خوفاً من قطع الحبال ومن ثم التواري خلف الظلام وانكشاف الأمر فتغيير الأسلوب، وسلك الطُرق الملتوية لوضع «التخريب» في مكان آمن وتزيينه بالكلمات الرنّانة بل في أحايين كثيرة يدخلون عليه من الأحاديث ربما الموضوعة والضعيفة وربما أتوا بما هو أكبر، ففسّروا بعض الآيات من القرآن الكريم لتحقيق مآربهم، وإن عجزوا مالت كفتهم إلى مُحاربة التغريب من وجهة نظرهم، فالابتعاث تغريب، والتعامل مع الآخر، وكسب العلوم، والتعايش السلمي مع الآخر تغريب، وكسب العيش وتبادل المصالح ــ مع الغرب بالذات ــ قمة التغريب وكُفر وإلحاد..! أن تبعث ابنك أو ابنتك إلى الدراسة في الخارج فأنت خارج الملّة في نظرهم، ويطرحون تساؤلات عدة، ما هي انعكاسات هذه البعثات على الأُمة، وكيف سيكون تفكير بناتنا وشبابنا بعد أن يعودوا إلى الوطن وماذا يحملون من أفكار… إلخ، هذه الأفكار المسمومة التي لا تُغني ولا تسمنُ من جوع، ولكن هدفهم الهدم وليس البناء، يدمجون التخريب بالتغريب، وما يعلمون أن أكثر من 200 ألف طالب وطالبة هم سُفراؤنا في الخارج، وسفراء الإسلام هُناك، فغالبية المعطيات تُوحي بأن أبناءنا وبناتنا لهم بصماتٌ واضحة، رائعة تجاه الآخر، وزرع القيم التي جاءت بها الديانات السماوية، والتعامل الراقي، والسماحة والسلام، بل التعايش مع الآخر، واحترام الديانات والتعاليم والقوانين في تلك الديار، بل احترام العبادات ودور العبادات، نظرة بسيطة على مُخرجات مشروع الملك عبدالله للابتعاث الخارجي سنجد ـ وهذه رسالة إلى المخربين أصحاب الفتن ـ عديداً وعديداً من الإيجابيات أهمها مسح الصورة القاتمة والمظلمة التي خلّفتها أحداث سبتمبر، التي مازلنا نُعاني الأمرين منها، فهؤلاء الفتية تجدهم مع المعاناة يكثّفون وجودهم ويزرعون إبداعاتهم العلمية، ويتعايشون بأخلاقياتهم العالية مع الآخرين ليظهروا الوجه الحسن للدين الإسلامي الذي يدعو إلى القيم العالية والتسامح، فهل يُدرك هؤلاء ما معنى أن تمسح صورة قاتمة استمرّت عشرات السنين، وظلوا عاكفين على تطويرها واستمراريتها إلى أن زرعوا الحقد بين الشعوب، بل كرهتنا شعوب الأرض بسبب هذا التخريب والخوف من التغريب، فيا ويح قومي من أيام ستقودنا إلى ما هو أسوأ إن لم نتدارك الوقت ونتعلّم من الماضي ونقسو على هؤلاء العابثين المتلاعبين بمصالح الأُمة وجعل مصلحتهم فوق الجميع..! وفي الأُفق سؤال يلحّ علي مُنذُ أن بدأت بكتابة هذا المقال: هل هُناك داعشيون جُدد، أتوا إلى هذه البقاع ليكونوا «بواريد» جديدة لتغيير موازين المجتمع، ويزيدوا من اشتعال النيران في الأُمة ويقذفوا بالفتيان إلى جهنم وارتكاب مجازر جديدة..؟ هل اطلعتم على تعميم صدر من ديوان التعليم من هذه التي تُسمّي نفسها الدولة الإسلامية وأنه جاء ببشرى من أمير المؤمنين سعياً منه لرفع الجهل واستندوا إلى الآية الكريمة «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، فالمبدأ لديهم القتل والدمار، وليس الحوار والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة..!! اللهم اكفنا شر الأشرار ومن هم على شاكلتهم وسرى بطريقتهم، المتغلغلين في وزاراتنا، ودوائرنا الحكومية وبالتحديد ومع كل أسف وزارة التربية والتعليم فهل من مخرج..!؟ نقلا عن الشرق
مشاركة :