أمضى جمهور وعشاق المسرح الصحراوي، ليلة أول من أمس، في صحراء الكهيف، سهرة مشوقة وهم يتابعون مسرحية «التبراع لمليح» الموريتانية، ضمن ليالي مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في نسخته الثانية، وهي من تأليف وإخراج التقي سعيد، لفرقة مسرح الرواد، وجمعت المسرحية بين أنماط فولكلورية شعبية عدة، استندت إلى حكاية حب بين شاب وشابة، برع كل واحد منهما في التعبير عن عواطفه تجاه الطرف الآخر من خلال حوار شعري شيّق مسترسل، ينساب تارة باللهجة الحسانية وتارة باللغة العربية الفصحى. وكان الشاب يلقي بعض قصائد الحب التي يظهر فيها ولهه، وحزنه على فراق حبيبته، إذ رحل أهلها من مكانهم الذي كانوا فيه إلى مكان جديد لا يعرفه، فأصبح تائهاً يبحث في كل مكان، ويصعد على كل مرتفع يطيل النظر في كل الاتجاهات، لعله يرى أثراً يدل عليهم، إلى أن يرى مضارب أهل الحبيبة، فيلتقي بها وينثر بين يديها أشعار الحب، ويعبر لها عمّا في قلبه من وله، فتجيبه بأشعار من «التبراع»، وهو نوع من الشعر ارتبط بالنساء في مجتمع البيضان بالصحراء وموضوعه «الغزل المحتشم»، يتيح للمرأة أن تعبر عن مشاعرها تجاه من تحب من الرجال، من دون أن تصرح باسمه أو تعنيه بشكل مباشر، وأثناء السجال الشعري، تبدو الفتاة غير مطمئنة إلى صدق مشاعر حبيبها، ومشغولة بالبحث عن الماء في تلك الصحراء الجافة، وتشترط عليه كي تصدقه أن يأتيها بالماء. تضمن العمل لوحات استعراضية من الفولكلور الشعبي، جمعت بين أسلوب رقص «السبينيات» المعروف في الجنوب الموريتاني، وجلسة الطرب الموريتانية، وأدى رباعي الراقصين، المؤلف من شابين وشابتين، رقصات جذبت الجمهور وأمتعته.
مشاركة :