«حديث الليل» و«حرب وحب» يختتمان مهرجان المسرح الصحراوي

  • 12/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: علاء الدين محموداختتمت مساء أمس الأول في منطقة الكهيف بالشارقة، فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، بتقديم عرضي «حديث الليل» من موريتانيا، و«حرب وحب» من المغرب، وكرّم أحمد أبو رحيمة، مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة، الفرق والضيوف المشاركين في المهرجان.وكانت البداية مع «حديث الليل»، وهو عرض أُخذ من قصة مستلهمة من الثقافة الحسانية الصحراوية، ويتناول جانباً من التقاليد الموريتانية الصحراوية، حيث يتحدث عن فتاة «الخسارة»، تطلقت من زوجها الغريب، فتنافس عليها اثنان من أبناء عمومتها كما هي التقاليد، أحدهم غني والآخر فقير، برز الفقير في جانب الخطابة والحوار الشعري واستعراض مكارمه ومحاسنه، لكن طلبات أم العروس جعلت الزوجة تكون من نصيب الشاب الغني، ويبرز في العرض دور الراوي الذي يقوم بمهمة سرد الحكاية، إضافة إلى الحوارات الشعرية والغناء والرقص المأخوذ من ثقافة المنطقة، مما جعل العرض حاشداً بالصور والمشاهد الأدائية، التي نجح في توظيفها المخرج تقي سعيد، والتي وضعت الجمهور مباشرة أمام ثقافة الصحراء الموريتانية، حيث عرفتنا المسرحية بعادات مثل «التعرقيب»، وهو قطع عرقوب الناقة من قبل العريس إعلاناً بالظفر بالعروس، وكذلك «المهراز» الذي تجلس عليه المرأة، فالذي يأخذ المهراز أولاً يفوز بالمرأة، فيقوم بعملية التعرقيب، حينها تعلو الزغاريد والهتافات.القصة على الرغم من بساطتها، إلا أنها تمنح المتلقي جوانب مهمة من الثقافة والعادات والتقاليد الموريتانية، وهو الجانب الحاضر في مختلف عروض المهرجان، حيث تمحورت بنيتها على الحكاية والشعر والأداء، وعلى الرغم من حداثة معظم الممثلين في العمل؛ لكونهم من خريجي المسرح المدرسي في موريتانيا. وفي المسامرة الفكرية التي تلت العرض مباشرة، قدم المشاركون رؤاهم النقدية، حيث أشار المخرج الكويتي ناصر كرماني، إلى أن الممثلين لم يحاربوا من أجل أدوارهم، وغاب الدافع الشخصي، كما أنهم قاموا فقط بتجسيد حديث الراوي، منوهاً بأن العرض كان فرصة للتعرف إلى التراث الموريتاني في ملمح بصري، بينما دخل المسرحي البحريني جمال صقر إلى عمق بنية العرض، منتقداً فكرته التي لم تشهد تصاعداً درامياً للأحداث، خاصة صراع أبناء العم حول العروس، مشيداً بالفن الموريتاني الذي وصفه بالجميل والثري من حيث التراث والثقافة.وفي سياق مختلف أشار الناقد السوري طارق يوسف، إلى قسوة النقد المقدم للعرض، مشيراً إلى حداثة تجربة الفرقة مما يستوجب الترفق في النقد، منبهاً إلى أن المقارنة بين المسرح الموريتاني؛ وبقية المسارح في العالم العربي فيه ظلم كبير.وتطرق الناقد المصري أحمد خميس، إلى ذات الموضوع، متحدثاً عن جمال مضمون المسرحية، وتوظيف الأغاني التراثية، بينما رحب مخرج العرض بكل الآراء النقدية التي قدمت، والتي تضمنت نوعاً من التمنّي بتطور المسرح في موريتانيا، مشدداً على ضرورة عدم محاكمة المسرح الصحراوي بمرجعية «العلبة الإيطالية»، وأن الممثلين يقفون لأول مرة في عرض مسرحي.وتناولت مسرحية «حديث الليل»، من تأليف وإخراج عزيز إبلاغ، قصة حب في الصحراء المغربية، تجمع «شيبة» ابن شيخ القبيلة، بفتاة يحبها اسمها «لبتيت»، ويعيشا معاً قصة حب عذري جميل، لكن «شيبة» يخالف أعراف وعادات مجتمعه؛ عندما يتعلم العزف على آلة «التيدينيت»، وهذه من الأشياء المعيبة في عرف هذا المجتمع؛ إذ يحرم على أبناء زعيم القبيلة الاهتمام بالموسيقى والعزف على آلاتها، وعندما يكتشف والده سيد أحمد أنه يعزف الموسيقى يخيّره بين البقاء وترك الموسيقى، أو طرده خارج القبيلة، فيختار شيبة التمسك بآلته ويهيم في الصحراء تاركاً أهله ومحبوبته، وبينما هو في منفاه يلتقي بشخص يخبره بأن قبيلته تعرضت للغزو من قبائل هنتاتة، ليهرع «شيبة» إلى نجدتهم مستخدماً الآلة الموسيقية في إثارة حماسة المقاتلين، لتفعّل الموسيقى دور السحر في تحقيق الانتصار وطرد الغزاة، وعلى الرغم من ذلك يبقى أهل القبيلة لم يغيّروا نظرتهم إليه.العرض جاء شيقاً وحاول أن يقارب فكرة المهرجان، حيث إن استلهام القصة جاء من البيئة الصحراوية، ولعبت الموسيقى والرقصات الشعبية دوراً كبيراً في إثراء العمل، حيث نجح المخرج في توظيفها، وكذلك في ضبط حركة الممثلين الذين صنعوا تفاعلاً جيداً مع الجمهور، كما أن المخرج ضبط حركة الجمهور عندما أجلسه لمشاهدة العرض في شبه دائرة.وأشاد المشاركون في المسامرة النقدية بالعرض، ومقاربته لمفهوم المسرح الصحراوي، وبالحلول الإخراجية التي لجأ إليها المخرج، وبأداء الممثلين، وذكر الناقد حسين الشعبي، أن التجربة متفردة نظراً إلى أنها قد أُعدت خصيصاً للفضاء العام، مشيراً إلى أن فكرة النص لا تمثل التراث الشعبي، بل مبتدعة من المؤلف، وأن الممثلين قاموا بمجهود كبير. وعبر الدكتور محمد يوسف، عن إعجابه بالعرض الذي وصفه بالجميل، والذي احتوى على لوحة تشكيلية تتناسب وطبيعة العمل، من حيث تجريد المكان بما يتناسب مع الصحراء من حيث الشسوع، مشيراً إلى أن رؤية المخرج تواكبت مع الصحراء، لذلك كانت الحركة بطيئة، والأفق الممتد منح المشاهد بُعداً بصرياً، منتقداً الأزياء المستخدمة التي على الرغم من واقعيتها، إلا أنها أحدثت نوعاً من التشويش.

مشاركة :