كيف نحصن أبناءنا من المعلومات الزائفة

  • 12/19/2016
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

في كل صباح نجد أن الفضاء الافتراضي قد تعرض لتسونامي من المعلومات، وأخطرها المزيفة أو المفبركة أو التي تحمل أجندات خاصة يعلم الله من يقف خلفها. نعم لم يسبق لنا التعامل مع هذا الكم الغزير من المعلومات، فإما أن تجعلنا أكثر وعيا واطلاعا وثقافة، أو أكثر جهلا وعنصرية، وكل ذلك يعتمد على مدى إدراكنا لهذا التحدي، والعمل على مواجهته من خلال التوعية والتدريب على سبل تنقية المعلومات وتقييمها موضوعيا وعلميا وأخلاقيا. في السابق كنا نعتمد على المختصين والخبراء في وسائل الإعلام في فحص المعلومات التي تقدم للجمهور، ولكن اليوم وبعد هذا الانفجار أصبح كل من لديه رأي أو أجندة يدخل هذا الفضاء المفتوح بلا رقيب أو حسيب، وأحيانا كثيرة بلا ضمير! اليوم نجد أن التعبيرات الطنانة أو الكلمات الرّنانة، في الغرب كما هي عندنا، هي "Fake News" الأخبار الوهمية خاصة على شبكات التواصل الاجتماعية مثل تويتر وفيسبوك وغيرهما، ولقد بدأ الغرب يستشعر حجم خطورتها، ومدى تأثيرها على الرأي العام، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية، وقرر التحرك بالبحث عن طرق لمواجهة ذلك. إن الخطر لا يكمن في تواجد مثل هذه النوعية من الأخبار فقط، بل في أن صناع القرار؛ شبابنا الواعد لم يتدرب على كيفية التعامل معها ليستطيع أن يميز بين الرأي والحقائق والتزييف والفبركة! لا ندربهم ببرامج مستقلة أو مدمجة بالمناهج عن كيفية التعرف على الأفراد والجماعات التي تسعى إلى تعزيز أجنداتها، فهم بحاجة ماسة اليوم إلى التعرف على سبل التنقل بين محتويات وسائل الإعلام الاجتماعية بوعي كاف، يمكنهم من فرز الأخبار الوهمية من الحقائق، فإن تتبعنا تعليقات الكثير من شبابنا على هذه الوسائل وما يتناقلونه فيما بينهم نجد أن قدراتهم في هذا المجال تكاد تكون معدومة! نعم شبابنا اليوم لديهم قدرات تقنية متقدمة، مثل التحرك ما بين تويتر وفيسبوك وسناب شات، وإرسال رسائل نصية أو مقاطع بنفس الوقت وبكل سهولة، ولكن هل يأخذون الوقت لتقييم هذه المعلومات، والتأكد من المصداقية والتوثيق؟ كلا! هل يمكن خداع الكثير منهم بسهولة؟ نعم! إنهم جاهزون، بل أكثر من جاهزين لتشغيل التقنية، ولكنهم ليسوا جاهزين لتحديات المحتوى! إننا بعدم تزويد شبابنا من تلاميذ وطلبة بالمهارات اللازمة للتعامل مع المعلومات نكون كمن يشتري لابنه سيارة يعرف كيف يقودها، ولكن لا يعرف شيئا عن قوانين المرور والسلامة، ونتركه هو وحظه! لمن يهمه الأمر في تجهيز أبنائه على كيفية التعامل مع المعلومات وجدت التالي: أولا: فيما يخص صاحب المقالة أو عامود الرأي أو صاحب تغريدة أو بوست على فيسبوك أو خبر أو تعليق على واتساب، ما هي خلفية صاحب المعلومة؟ ما هو مستواه العلمي ولأي جهة أو مدرسة فكرية ينتمي؟ قد تتفق أو لا تتفق، لكن على الأقل تكون لديك فكرة عن انتماءاته، وهل يقدم حججا قوية أم يفرض رأيا، ويتوقع منك أن تصدق بناء على العواطف أو أنه يريد تأييدك فقط، لأنه يجاري معتقداتك ولا يقدم أي شيء جديد، فقط يريد أن يكسبك في صفه باللعب على أوتارك وشدك إليه بالتعابير التي تعجبك، ومن ثم يسهل عليه توجهك إلى حيث يريد! ثانيا: هل المعلومات التي وردت موثقة؟ ما مصدرها؟ هل هي صادرة عن مؤسسة حكومية أو تجارية أو علمية معترف بها، أم مصدرها شخص ما يريدك أن تصدقه لمجرد أنه يقول إنه شاهد أو قرأ أو استنتج بدون أدلة قوية ومنطقية؟ ثالثا: هل المعلومات أو التعليق أو الرأي حديث؟ ومتى تم النشر؟ هل تم تحديث المعلومات؟ هل تم تغيير الرأي أو المعلومة؟ هل كان هنالك توضيح أو اعتذار أو تأكيد؟ وإن كانت دراسة أو بحثا هل هي حديثة أم قديمة؟ هل ظهرت دراسات أخرى تدعم أو تدحض النتائج؟ رابعا: هل المادة مقدمة بشكل منطقي وموضوعي؟ هل الكاتب يذكر الرأي الآخر ويناقشه بموضوعية ويقدم الحجج والأدلة؟ هل المعلومات عميقة ومتزنة أم مجرد سرد سريع وسطحي؟ هل المعلومات تعتمد على رأي أو حقائق ودلائل؟ خامسا: بالنسبة للصور والمقاطع المصاحبة، هل هي صادمة لدرجة تشل العقل والتفكير عن البحث والتأكد؟ هل هي واضحة وغير مفبركة، قديمة، أو قد تكون حدثت ولكن في مكان آخر؟ أم هل هي جزء من كل لم يقدم أو حذف؟ هل تستطيع أن تتعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف فيها؟ هل تعرف كيف تبحث عن أصل الصورة وأين ظهرت ومتى وكيف ونسبة تكرار ظهورها؟ هل ذلك يؤثر على حكمك؟ سادسا: من الجمهور المستهدف؟ هل هم العامة أم المختصون؟ هل هم الشباب أم الأطفال؟ هل هنالك رسائل مبطنة تُعرّض الأطفال أو الشباب للخطر؟ هل الرسائل للدعاية تقدم على شكل خبر أو معلومة؟ هل الغرض منها التشويه والتضليل؟ كيف تعرف؟ ما هي الدلائل والإشارات التي يجب أن تتنبّه لها؟ سابعا: ماذا تفعل إن وجدت أن هنالك معلومات أو موقعا أو حسابا ينشر أخبارا أو صورا أو مقاطع غير صحيحة؟ هل ترد بالحقائق أو الأدلة التي تحصلت عليها أم تصمت لأن الأمر لا يهمك حسب رأيك؟ هل تستخدمها لأنها تخدم قضية عادلة برأيك رغم علمك بعدم مصداقيتها؟ هل تتقدم وتبين الخطأ بالأدلة والبراهين والتوثيق، أم تصمت خوفا من حملات التشويه والهجوم؟ هل تتصل وتبلغ الجهات المختصة أم تترك الأمر لغيرك؟ كل ما نريده ألا يكون شبابنا أداة بيد الغير ليضرب بها، أو يستخدمه ليرتقي ويشتهر ويغتني! لا نريد لشبابنا أن يكون جزءا من قطيع، بل نريدهم أن يكونوا قادة، نريد من شبابنا أن يكونوا أصحاب فكر ورأي وإرادة، وألا يفسحوا المجال لأي شخص كائنا من كان أن يفكر عنهم ويديرهم كيفما شاء، أن يقدروا المسؤولية ويبدؤوا بالبحث عن طرق يتدربون من خلالها على تنمية قدراتهم ومعرفتهم بكيفية مواجهة تحديات التعامل مع المعلومات، وفي طريقنا نتدرب نحن أيضا.

مشاركة :