سأشرح لكم في هذا المقال ما حدث معي في نهاية الأسبوع الماضي، وهو أمر كانت له ارتدادات على مستوى الكويت بأسرها، حيث أصبح اسمي متداولاً فجأة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الرسائل والبرودكاستات المنتشرة عبر برنامج «الواتس اب» مشفوعا برسائل تحذيرية من شخصي البسيط و«توجهاتي» ومطالبا بمحاسبتي أو مراقبتي أو مقاطعتي ناهيك عن التحريضات السخيفة للاعتداء الشخصي المباشر بأنواعه! كتبت يوم الثلاثاء الماضي تغريدة في موقع «تويتر» أبارك لـ «الشعب السوري» - الشعب وليس أي جهة رسمية أو طرف من أطراف النزاع - تحرير حلب من براثن «التكفيريين» - التكفيريين وليس المدنيين أو الأبرياء أو النساء أو الأطفال - متمنيا لـ «الشعب السوري» مرة أخرى - الشعب كله وبمختلف توجهاته- التوفيق لحل أزمته بالسبل السلمية. لهذا الحد كان النقاش حول التغريدة نقاشا مفهوما وفي حدود الرأي والراي الآخر رغم بعض الحدة هنا وهناك، وأوضحت للجميع رؤيتي الداعمة للتغيير الديموقراطي في جميع دول العالم والرافض لعسكرة التحركات الشعبية وبالتحديد لاختطافها من الجماعات التكفيرية المتشددة والتي أثبتت أنها لا تدعو إلا للتطرف والقتل ونشر العنف والبغضاء في جميع أماكن تواجدها، ولا يمكن أن ينتج عن تحركاتها قيام أنظمة حكم ديموقراطية مدنية تحقق حلم الشعوب في الحرية ومناهضة الاستبداد، ودللت على موقفي بطلب متابعي حسابي في «التويتر» بالعودة لتغريداتي في بداية أحداث الثورات العربية كلها، والسورية تحديدا لتبيان موقفي من مطالبة الشعوب بتغيير أو إصلاح أنظمتها، والتغريدات موجودة ولله الحمد ولم يتم مسحها! مر النقاش مرور الكرام حاله في ذلك حال النقاشات الدائرة في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الكثيرين في الموضوع نفسه، إلا أن اعلان جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت، والتي أتشرف بكوني نائب رئيس مجلس إدارتها، يوم الخميس، أي بعد كتابة التغريدة بيومين، عن إطلاق حملة لإغاثة ضحايا الصراع في حلب بالتعاون مع الهلال الأحمر الكويتي أثار بعض الأطراف المتضررة من توجيه التبرع للجهات الرسمية المعتمدة في الكويت، فقام أحد الحسابات الموجودة خارج الكويت بكتابة تغريدة انتشرت في «تويتر» انتشار النار في الهشيم، ناسخا تغريدتي المشار لها أعلاه وذاكراً معها زوراً وبهتاناً أنني أشغل موقع مدير إدارة المتطوعين في جمعية الهلال الأحمر الكويتية، ومحرضا ضد التبرع للهلال الأحمر الكويتي باعتبار مسؤوليه - وأنا أحدهم حسب زعمه - يباركون تحرير حلب وبالتالي فهم مؤيدون للنظام ومباركون لقتل النساء والأطفال، وملمحا إلى أن أموال التبرعات عبر الهلال الأحمر ستذهب للنظام ومؤيديه، وهذا كله ناهيك عن كونه محض افتراء وكذب صريح وقد نفيت حينها أي علاقة وظيفية لي بالهلال الأحمر الكويتي أو غيره، إلا أن انتشاره استلزم نفيا واضحا من الهلال الأحمر وهو ما حصل بالفعل ليلتها! وبعيدا عن حملة التشويه المتعمدة لشخصي وتوجهاتي والتزامي الأخلاقي بالتعاطف مع ضحايا النزاعات المسلحة من الأبرياء، إلا أن ما حدث كشف عن آلة إعلامية ضخمة تستغل بعض الخلافات المذهبية في أي مكان من أجل أهداف دنيئة لا غاية لها بالدفاع عن الأبرياء بقدر ما يهمها استمرار تدفق أموال الدعم الإنساني لجهات معينة قد يتم استخدامها في تأجيج الصراعات والحروب الداخلية والطائفية، وهذا بالتأكيد لا يصب في مصلحة أي منا! إلا أن النقطة الأخرى المثيرة في ملاحظة ما حدث، هو في اختطاف الرأي العام في بلداننا من قبل جماعات متشددة لها أجندات عابرة للحدود المحلية ولا تهمها المحافظة على السلم الأهلي في مجتمعاتنا، وهو ما انجرف له البعض من زاوية حسن النية أو من منطلقات حقوقية متعلقة بالتعاطف مع قضايا الانسان في أي مكان في العالم! إن ما حدث لا يزيدنا إلا إصرارا على التمسك بمعايير الإنسانية في تقييم قضايا حقوق الانسان في جميع دول الجوار وغيرها، فبوصلتنا لا تحركها الانتماءات الطائفية البغيضة، ولن ننفك ندافع عن مساحة حرية الرأي في مجتمعاتنا والتي اجتهد البعض لتقليصها وحصرها في توجهاته واهتماماته متبعا مبدأ: إذا منت معانا... فأنت مجرم! alkhadhari@gmail.com
مشاركة :