متابعة ـ صفاء العبد: لم يرتق حديث ناجي الجويني، المدير التنفيذي لإدارة التحكيم في اتحاد الكرة، أمس إلى حجم المشكلة الحقيقية التي باتت تشكل العلامة الأبرز في دوري الموسم الحالي حتى الآن .. فبعد كل ما أثير من ملاحظات تتعلق بسلسلة الأخطاء الطويلة التي ارتكبها قضاة الملاعب على مدى الجولات الـ "12" من عمر الدوري راح الجويني ليركز فقط في الرد على تصريحات رئيس النادي الأهلي وكأنه في ذلك أراد أن يوحي للآخرين بأن المشكلة الكبيرة هذه ليست أكثر من اختلاف في وجهات النظر بشأن ما حدث في مباراة الأهلي الأخيرة مع نادي لخويا.. !! أما الحقيقة فإن ما حدث في هذه المباراة ليس سوى امتداد للعديد من الأخطاء التي ارتكبها حكامنا خلال هذا الموسم وهي أخطاء دفعت بالعديد من المراقبين المنصفين، الذين يدركون ويفهمون جيدا كرة القدم وليس الطارئين الجاهلين بقوانينها ، إلى الإعلان بأن الموسم الكروي الاستثنائي يواجه العديد من المطبات والمشاكل أبرزها حتى الآن التحكيم وليس غيره .. لن نتحدث عن مشاكل أو تقاطع في الطروحات بين شخص وآخر، فهذا أمر لا يهمنا في الراية * وإنما نتحدث عن واقع تحكيمي لا يسر أحدا أبدا، ولا ينسجم مع ما كنا نأمله ونتمناه لحكامنا الشباب الذين لا نحملهم أبداً مسؤولية ما حدث بقدر ما نحمل إدارة التحكيم كامل المسؤولية خصوصا أننا هنا نتحدث عن حكام شباب ما زالوا في مقتبل العمر التحكيمي ومازالوا بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم، ويوفر لهم سبل التطور الحقيقي وصقل الإمكانات بطريقة علمية وعملية سليمة وليس فقط بالكلام والتصريحات التي مللنا سماعها عبر عدة مواسم دون أن نلمس من نتائجها سوى هذا الذي كان مدعاة للصدمة الحقيقة التي تكشف عن تواضع غير مسبوق على مستوى الصفارة التحكيمية القطرية ..! ولكي تكون الصورة أكثر وضوحا هنا نقول إن ما يحدث في ملاعبنا اليوم ليس جديدا على ما يبدو لكنه يعكس واقعا مراً نعاني منه على هذا الصعيد منذ عدة مواسم .. غير أن الجديد هنا هو أن المستويات التحكيمية قد تكشفت على حقيقتها بمجرد أن تم تقليص الاعتماد على الحكام الأجانب وبمجرد أن صرنا نعتمد أو نركز على الحكَم المحلي الذي كنا ننتظر منه أن يقدم صورة أفضل بكثير، صورة أكثر زهواً وإشراقاً وألقاً، صورة ترتقي إلى ما كنا نتوقع بعد كل ما سمعناه أو قرأنا عنه بخصوص سلسلة المعسكرات التدريبية والدراسات أو الدورات التطويرية التي تقام بين حين وآخر هنا أو هناك .. لن نتجنى على أحد ، لكنها الحقيقة التي تقول إن واقع العمل في إدارة التحكيم باتحاد الكرة بات أقرب إلى علامة استفهام كبيرة .. فبعد كل هذه السنوات الطوال لم نحصل على اسم مميز فعلا يمكن أن يرتقي إلى مستويات العديد من حكامنا السابقين الذين سجلوا نجاحات كبيرة في ساحات التحكيم داخليا وخارجيا .. وهنا دعونا نقطع الطريق أمام أي محاولة لتأويل هذا الذي نقوله .. فنحن في الراية الرياضية كنا ومانزال وسنبقى من أكثر الداعمين والمساندين للحكم القطري، وكثيرا ما وقفنا وسنبقى إلى جانبه والدفاع عنه والعمل على تحفيزه وتشجيعه لأننا نؤمن كل الإيمان بأن نجاح الحكَم المحلي هو مسؤولية الجميع وليس فقط إدارة التحكيم شأنه في ذلك شأن اللاعب الوطني الذي نشجعه ونحفزه ونسعى لأن نسهم في دفعه نحو التألق والنجاح.. غير أن القناعة هذه يجب أن لا تحول بيننا وبين قول الحقيقة، ويجب أن لا تجعلنا ندفن الرؤوس في الرمال لنتغاضى عن كل هذه الأخطاء التي صارت تتنامى بطريقة لم نألفها في ملاعبنا من قبل .. أخطاء تتجاوز بكثير ما هو مسموح أومقبول من القرارات التحكيمية لأنها وصلت إلى حد قلب النتائج رأسا على عقب في موسم وصفناه بأنه الأخطر في كل تاريخ الدوري القطري لأنها قد تتسبب في النهاية بهبوط فريق أو أكثر ليس لأنها تستحق ذلك من الناحية الفنية وإنما لأنها تعرضت لظلم تحكيمي هنا أو آخر هناك في ميدان يمكن أن تلعب فيه النقطة الواحدة دورا مباشرا في هبوط فريق أو بقاء آخر.. أما الأكثر إزعاجا في كل ذلك فهو أن المدير التنفيذي لإدارة التحكيم بات يتعامل مع كل رأي يطرح في هذا الجانب على أنه يستهدفه شخصيا أكثر ما يستهدف طبيعة عمل إدارته ونتائج عمل سنوات كنا نأمل أن نقطف منها ثمرة نجاحات كبيرة فإذا بها تصدمنا بنتائج أقل ما يقال عنها أنها لا يمكن السكون عنها على الإطلاق .. نقول من حق الجويني، الذي نقدر جهده ونكن له كل الاحترام ، أن يدافع عن تجربته وعن نتائج هذه التجربة على مستوى المنتج من الحكام الشباب، لكننا في الجانب الآخر نقول إن الأخطاء التحكيمية لا تحجب بغربال ردود الأفعال وإن من حق الجميع أن يقولوا كلمتهم في ذلك .. فليس الجويني وحده هو المعني بالشأن التحكيمي وإنما كل الأطراف الأخرى في اللعبة يعنيها ذلك .. وهذا يعني أن من حق الإداري أو المسؤول أو أي جهة أخرى أن يقولوا ما يرونه في هذا الأمر لا سيما أن الأخطاء التحكيمية، وبالصورة التي تحدث حاليا، يمكن أن تتسبب في إهدار وقتل جهود كبيرة تبذل في هذا النادي أو ذاك على صعيد تهيئة فرقها والسعي لتجنب الهبوط على الأقل .. ومن هنا نسجل استغرابنا الشديد لردود فعل الجويني إزاء أي ملاحظة تطرح في هذا الجانب وكأنه في ذلك يفرض على الآخرين السكوت والسكوت فقط والقبول بالقرارات التحكيمية أيا كان شكلها ولونها وحتى لو كان طعمها مرًّا كالعلقم ..! أما الحديث عن شعور حكامنا بالمسؤولية وتميزهم بالنزاهة والشجاعة فهو حديث عام لا يقدم ولا يؤخر .. فليس هناك من اتهم حكامنا بغير ذلك وإنما اتفق كل من له علاقة حقيقية بكرة القدم على أن هناك أخطاء قاتلة ارتكبت في هذا الجانب وهي أخطاء ندرك جيدا أنها غير مقصودة لكنها تعكس ضعفا في الإعداد وفي التهيئة وفي صقل القدرات التي كان يفترض أن تكون أفضل بكثير لو أنها جاءت منسجمة مع كل ما نسمعه من جهود تبذل على هذا الصعيد .. وربما يكون مهما هنا الإشارة أيضا إلى أن الخوف من الهبوط قد يكون أمرا طبيعيا في العديد من الأندية التي تصارع من أجل البقاء لكن غير الطبيعي وغير المألوف هو أن يكون الخوف هذا نابعا من القرارات التحكيمية الخطأ والقاتلة التي باتت مع شديد الأسف هي العنوان الأبرز لدوري الموسم الحالي. نكرر دعمنا لكل مجتهد يعمل بصدق من أجل صالح منظومة الكرة القطرية بمختلف حلقاتها، لكننا نؤكد وللمرة الألف بأن الراية الرياضية لن تسكت عن الخطأ وأنها ستبقى ملتزمة بمبدئها القائم على أساس قول كلمة الحق دون أن تلتفت إلى لومة لائم ..
مشاركة :