دان القضاء الفرنسي أمس مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد بتهمة "إهمال" مكلف للأموال عامة عندما كانت وزيرة للاقتصاد في بلدها، لكنه قرر إعفاءها من العقوبة. وقال باتريك ميزونوف محامي لاجارد، "كنا نفضل البراءة. لكن يجب أن يكون واضحا أن المحكمة لم تصدر أي عقوبة" على المديرة الحالية لصندوق النقد الدولي. وإثر ذلك أكدت الحكومة الفرنسية أنها تبقي على "ثقتها التامة" بلاجارد، وقالت، إنها "تمارس مهامها على رأس صندوق النقد الدولي بنجاح والحكومة تبقي ثقتها التامة بقدراتها على ممارسة مسؤولياتها". وبحسب "الفرنسية" صدر الحكم عن محكمة عدل الجمهورية في باريس الهيئة السياسية القضائية الوحيدة المخولة بمحاكمة الوزراء والوزراء السابقين الفرنسيين لوقائع جرت خلال توليهم مهامهم. وكان يمكن أن يحكم على كريستين لاجارد (60 عاما) بالسجن لمدة تصل إلى عام واحد وغرامة قدرها 15 ألف يورو. وقد طلبت النيابة تبرئتها. ولم تحضر وزيرة الاقتصاد الفرنسية من 2007 إلى 2011 جلسة تلاوة الحكم. وأوضح محاميها أنها ليست موجودة في باريس واضطرت للبقاء في واشنطن "لأسباب مهنية". وكانت لاجارد قد أعلنت عن "عطلة" خلال محاكمتها التي جرت الأسبوع الماضي، من عملها في الصندوق الذي مددت ولايتها على رأسه في الصيف لولاية ثانية. وكانت كريستين لاجارد حبست دموعها الجمعة عندما شكرت المحكمة "لجلسات استمرت خمسة أيام وأنهت محنة مستمرة منذ خمس سنوات". وعبرت وزيرة الاقتصاد والمال في عهد الرئيس اليميني السابق نيكولا ساركوزي عن استعدادها "لتحمل" مسؤولياتها، مؤكدة أنها عملت في هذا المنصب "بهدف واحد هو الدفاع عن المصلحة العامة". وتعود القضية التي سببت المتاعب للاجارد إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي في ملف يتعلق برجل الأعمال والوزير اليساري السابق برنار تابي. وكان تابي اتهم المصرف العام "كريدي ليونيه" بخداعه عندما اشترى منه شركة المعدات الرياضية اديداس، مطلع تسعينيات القرن الماضي. ولإنهاء الخلاف القضائي الكبير الذي تلي، اختارت وزيرة الاقتصاد في 2007 خلافا لرأي هيئة استشارية، اللجوء إلى تحكيم خاص. وقرر قضاة التحكيم الثلاثة في العام التالي أن يعاد إلى تابي 404 ملايين يورو من الأموال العامة. لكن هذا القرار التحكيمي ألغي مطلع 2015، إذ إن القضاء المدني رأى أنه يشوبه تزوير. وحكم على برنار تابي بإعادة المبلغ بالكامل. نتيجة لذلك، يأخذ القضاء على كريستين لاجارد أنها سمحت "باستخفاف" باللجوء إلى التحكيم الخاص الذي يلحق ضررا بمصلحة مكلفي الضرائب ثم تخلت في تموز (يوليو) 2008، أي ببعض التسرع، عن الطعن في القرار. وقال محامي لاجارد "في نهاية المطاف تستند جنحة الإهمال إلى مشكلة عدم الطعن" في التحكيم. وأضاف أن المحكمة "لم تأخذ عليها موافقتها على إجراء التحكيم بل مجرد أنه كان عليها اللجوء إلى الطعن فيه لإلغائه". وعلى الرغم من ذلك، رأت المحكمة أن "شخصية" مدير صندوق النقد الدولي و"سمعتها الدولية" وعملها حينذاك في مكافحة "أزمة مالية دولية" جاءت كلها في مصلحتها وتبرر إعفاءها من العقوبة. وخلال محاكمتها، أكدت لاجارد أنها كانت منشغلة بتسوية الأزمة المالية في 2008 وعملت بنصائح مستشاريها "في قضية التحكيم هذه". واعترفت بأن "خطر حدوث احتيال لم يخطر ببالها إطلاقا". إلى ذلك يعتزم صندوق النقد الدولي دعوة مجلس إدارته لعقد اجتماع وذلك بعد إدانة لاجارد. وقال جيري رايس رئيس إدارة التواصل في الصندوق في بيان إنه "من المتوقع أن يجتمع مجلس الإدارة في غضون وقت قصير للتباحث بشأن التطورات الأخيرة". وكان المجلس قد أجرى خلال جلساته الماضية نقاشات متعددة حول تداعيات محاكمة لاجارد في فرنسا.
مشاركة :