بعد مرور أسابيع على الإعلان عن بدء عملية استعادة الموصل من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ومع تحرير كل منطقة، تتكشف يوما إثر آخر الفظائع التي خلفها الجهاديون، ومن بينها المقابر الجماعية لضحايا "عارضوا منهج التنظيم الجهادي". يضع ثلاثة رجال في مكان ترتفع فيه مبان مدمرة بفعل المعارك، سياجا من الشبك قبل مد شريط أصفر وأسود يذكر بساحات الجرائم في أفلام هوليوود، لتطويق مساحة عثر فيها على مقبرة جماعية تركها جهاديو تنظيم الدولة الإسلامية خلفهم. وقال فواز عبد العباس نائب رئيس اللجنة الدولية لشؤون المفقودين في العراق، إن هذا مشهد لجريمة حقيقية، يوجد هنا بين 80 إلى 120 جثة بعضها لنساء وأطفال مع العثور على ملابس داخلية نسائية وألعاب. ويمكن أن يكون بينها جثة عماد ظير، أحد عناصر الشرطة الذي خطفه التنظيم المتطرف وترك خلفه عشرة أيتام وأرملتين، حسبما ذكر شقيقه الأصغر فؤاد. وعلى غرار عماد (33 عاما)، فقد كثير من عناصر الأمن منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة. لكن الأوضاع تغيرت الآن منذ إطلاق القوات العراقية منتصف تشرين الأول/أكتوبر عملية لاستعادة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق التي أعلنت منها دولة الخلافة عام 2014. ويقول صفاء لفرانس برس إن الجهاديين بحثوا عن جميع عناصر الأمن وبينهم عماد، مشيرا إلى أنهم من المنطقة، كونهم يعرفون المنازل ووظائف السكان. ومنذ ذلك اليوم، لم نسمع أي أخبار عنهم أبدا. وذكر عدد من سكان بلدة حمام العليل الواقعة قرب هذه المقبرة، أنهم سمعوا أصوات إطلاق نار ثم جرافات تقلب الأرض في هذه البقعة التي كانت ميدان رماية للقوات العراقية سابقا. مدافن للعار تقوم مؤسسة الشهداء التي ترتبط بمكتب رئاسة الوزراء بالبحث عن مقابر جماعية تزامنا مع العمليات في المنطقة. وقال كامل لفرانس برس، نفذوا إعدامات طوال ثلاثة أيام من السابعة حتى الحادية عشر مساء (..) ألقوا بجثثهم ثم غطوها بالتراب لتختلط بنفايات، مدعين بأنها مدافن للعار لأن الضحايا عارضوا منهج التنظيم الجهادي. من جهته، لا يريد فؤاد اليوم أكثر من رفات شقيقي لأن هذا يريح قلوبنا بعد فقدانه. وفي المكان، فرق عراقية وأخرى دولية تعمل للتعرف على رفات الضحايا وإجراء اختبارات الحمض النووي مع أفراد من عائلاتهم. وقال ضياء كريم مسؤول شؤون المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء، نسعى لنعرف ما إذا كانت هناك طبقات أخرى في العمق، ما يعني جثثا أكثر. والجثث في هذه المقبرة الجماعية جزء من مئات عثر عليها في مقابر أخرى لدى تقدم القوات العراقية لطرد الجهاديين من المناطق التي سيطروا عليها منذ حزيران/يونيو 2014. وفقط في منطقة سنجار الواقعة بين الموصل والحدود العراقية السورية، حيث تعيش الأقلية الإيزيدية، تم العثور على 29 مقبرة جماعية تضم ما لايقل عن 1600 جثة، حسبما أكد مصدر محلي لفرانس برس. جمع الأدلة لرفع قضية أمام العدالة من الصعب التوصل إلى العدد الدقيق للمفقودين في العراق منذ هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في حزيران/يونيو 2014، وما أعقبها من مواجهات بين القوات العراقية والجهاديين وما تخللها من انتهاكات خلال أكثر من عامين. وأكد عبد العباس أنه لم يتم اكتشاف العديد من المقابر الجماعية حتى الآن، الأمر الذي أكده كريم قائلا من الصعب فعلا تحديدها وتحديد عدد المفقودين. وتابع عبد العباس الذي يبذل مع كوادر فريقه جهودا كبيرة من خلال البحث عن شهود عيان وأقارب ضحايا، أنه يجب علينا جمع كل ذلك في قاعدة بيانات واحدة، وهو عمل يستغرق الكثير من الوقت. وأشار إلى ضرورة جمع الأدلة لرفع قضية أمام العدالة الغارقة فعلا في كم هائل من هذه الأمور، خصوصا مع فقدان ما لا يقل عن مليون شخص في العراق منذ سقوط النظام السابق العام 2003. ونبه عبد العباس إلى أن هذه العملية القانونية في غاية الأهمية للمصالحة الوطنية، موضحا أن من أعدموا (على يد) جهاديين يتواجدون هنا، في إشارة إلى جهاديين عراقيين. فرانس24/أ ف ب نشرت في : 20/12/2016
مشاركة :