حلب (أ ف ب) - حض الجيش السوري الثلاثاء آخر المقاتلين والمدنيين المحاصرين في بعض احياء حلب الشرقية على مغادرتها تمهيدا لاعلان سيطرته على كامل المدينة، في انتصار يعد الابرز لدمشق منذ بدء النزاع قبل نحو ست سنوات. واعلنت روسيا الثلاثاء اتفاقها مع ايران وتركيا خلال اجتماع ثلاثي في موسكو على اهمية "توسيع" وقف اطلاق النار في سوريا، مبدية استعدادها للعب دور الضامن في محادثات سلام مرتقبة بين النظام والمعارضة. وتمهيدا لاعلان سيطرته على كامل المدينة، قال مصدر عسكري سوري لفرانس برس الثلاثاء ان "الجيش اطلق نداء عبر مكبرات الصوت لمن تبقى من المسلحين والمدنيين الراغبين بالمغادرة، للخروج من الاحياء الشرقية في حلب". واضاف انه اثر ذلك "من المفترض ان يدخل الجيش لتنظيف المنطقة بعد خروجهم". وفيما كان من المتوقع استكمال اجلاء المدنيين الثلاثاء، لم تخرج الا عشر حافلات صباحا من شرق حلب وفق اللجنة الدولية للصليب الاحمر، فيما كانت عشرات الحافلات دخلت خلال النهار الى اخر جيب تحت سيطرة الفصائل المقاتلة. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس ان الحافلات كانت تنتظر اشارة للخروج بعد التأكد من خروج حافلات تقل سكانا من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين والمحاصرتين من الفصائل المقاتلة في محافظة ادلب (شمال غرب) والمشمولتين بالاتفاق. وبحسب عبد الرحمن، فإن نحو عشرين حافلة دخلت الثلاثاء الى البلدتين من دون ان تخرج منهما ولم تتضح بعد اسباب ذلك. وفي منطقة الراشدين تحت سيطرة الفصائل المعارضة غرب حلب، شاهد مراسل فرانس برس ثماني حافلات متوقفة وعلى متنها المئات من المدنيين الاتين من الفوعة وكفريا بانتظار اكمال سيرها الى حلب الغربية. ونقل عن مقاتل في المكان قوله ان الحافلات تنتظر اجلاء دفعة ثانية من الاحياء الشرقية لحلب لاكمال طريقها. وتحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن "تأخير فى اخراج الدفعة الاخيرة" من شرق حلب جراء ما وصفته بـ"خلافات بين المجموعات الارهابية ومنعهم دخول حافلات تقل دفعة جديدة (...) من كفريا والفوعة الى حلب". وبحسب اللجنة الدولية للصليب الاحمر، تم اجلاء "750 شخصاً" من الفوعة وكفريا حتى الان فقط. والى جانب المقاتلين والمدنيين من حلب، يشمل اتفاق الاجلاء وفق الفصائل المقاتلة، اخراج اربعة الاف شخص من الفوعة وكفريا، اضافة الى 1500 اخرين من مدينتي مضايا والزبداني المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق. - حالاتهم "تعيسة" - ومنذ بدء عملية الاجلاء الخميس، احصت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اجلاء 25 الف شخص من شرق حلب، وفق ما قالت انجي صدقي المتحدثة الاعلامية باسمها لفرانس برس الثلاثاء، مشيرة الى "الاف" ما زالوا ينتظرون اجلاءهم داخل حلب. وتوقع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء انتهاء عملية الاجلاء "خلال يوم او اثنين" كحد اقصى. وتأتي عمليات اجلاء المحاصرين من مدنيين ومقاتلين من حلب بموجب اتفاق روسي تركي ايراني، بعد سيطرة قوات النظام السوري على معظم الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. وبدأت عملية الاجلاء الخميس قبل ان يتم تعليقها لايام ثم استئنافها في الساعات الاولى من يوم الاثنين. ومن بين الذين تم اجلاؤهم ليل الاثنين الثلاثاء وفق صدقي، "14 جريحا في حالة طبية حرجة" فيما غادر (جرحى) اخرون هذا الصباح على متن الحافلات باعتبار ان وضعهم يسمح بنقلهم فيها". ووصف مدير منظومة الاسعاف في ريف حلب الجنوبي بشار ببور حالات الاشخاص الذين تم اجلاؤهم صباحا بـ"التعيسة". وقال "الجميع يعانون من البرد"، مضيفا انه شاهد "عجوزا ينزل من الباص وهو يرتجف" من شدة البرد. واوضح ان غالبية المغادرين يطلبون "الطعام والمياه والبطانيات". وشاهد مراسل فرانس برس من منطقة الراموسة جنوب حلب، النقطة التي تسلكها الحافلات اثناء خروجها من المدينة، جنودا وضباطا سوريين يمشون في المنطقة وآخرون يتجمعون حول اطارات مشتعلة للتدفئة. وقال اكرم وهو جندي سوري "آمل ان يكون اليوم آخر يوم لخروج المسلحين، لاننا موعودون باجازة واستراحة في حال انتهت العملية اليوم". وكان العديد من الاشخاص ينتظرون خروج اقربائهم. وقال نهاد سيخ (55 عاما)، وهو سائق سيارة اجرة لفرانس برس "انتظر خروج اخي البالغ من العمر سبعين عاما من شرق حلب". واضاف ان شقيقه صعد على متن الحافلة منذ ساعات ولكنها ما زالت تنتظر اشارة الانطلاق. - "ضمان" مفاوضات السلام- ومع قرب انتهاء عمليات الاجلاء، يستعد النظام السوري لاعلان سيطرته على كامل مدينة حلب، في انتصار يعد الاكبر لدمشق، بدعم رئيس من حليفتها روسيا. لكنها تشكل في المقابل ضربة قاسية للمعارضة السورية التي سيصعب عليها تعويض خسائرها. في موسكو، اعلن الوزير الروسي سيرغي لافروف في بيان مشترك اثر انتهاء اجتماع مع نظيريه الايراني والتركي انهم "اتفقوا على اهمية توسيع وقف اطلاق النار واتاحة ادخال المساعدات الانسانية وتنقل المدنيين على الاراضي السورية". وقال ان "ايران وروسيا وتركيا مستعدة للمساعدة في التحضير لاتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة وللعب دور الضامن". وذلك غداة اعلان المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا ان الامم المتحدة تنوي الدعوة الى جولة جديدة من المفاوضات في جنيف في الثامن من شباط/فبراير. واكد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الثلاثاء على مواصلة التعاون مع روسيا "في مختلف المجالات وخصوصا حول سوريا" مضيفا "لن نسمح على الاطلاق بتدهور علاقاتنا مع روسيا" غداة مقتل سفير موسكو لدى انقرة برصاص شرطي تركي.
مشاركة :