نحن مجتمع عاطفي، عندما نحب أحدًا نندفع في هذا الحب دون تفكير، ونقوم بعمل كل شيء للتعبير عن حبّنا، ولا نكتفي -كما يقول المثل الشعبي- (بأن نبلع له الزلط)، بل يتعدّى ذلك إلى أن نعرّض أنفسنا لمشكلات قانونية من أجل مَن نحب، وللتعبير فقط عن حبّنا، وتقديرنا، وخشية أن نغضبه، فنقوم بعمل وكالة شرعية دون تفكير حتى لا يغضب هذا الصديق؛ لأننا نحمل له معزّة وحبًّا وتقديرًا فقط، وليس لأنه كفؤ، أو أمين، أو أهل للمسؤولية!! حتى لو أدّى هذا العمل إلى عواقب وخيمة، قد تلحق بنا الضرر!! ومن أجل مَن نحب أيضًا نقوم بكفالته دون التفكير في نوع الكفالة، أو خطورتها حتى لو أدّى هذا التصرف إلى أن يكون مصيرنا السجن! ومن أجل مَن نحب نقوم بمشاركته في عمل تجاري دون أن نقدّر: هل هو ملائم لهذه الشراكة، ودون النظر إلى وجود توافق، ودون الاتفاق والشفافية في كثير من النقاط، وتكون النتيجة هي الفشل والخسارة، وبالتالي حدوث الخلاف الذي ربما يتطوّر ويصل إلى أروقة المحاكم!! إن هذا الفهم الخاطئ للحب والمعزة والتقدير، والذي تطور إلى أن أصبح ثقافة لدينا وموروثًا نتوارثه جيلاً بعد آخر، لا بد أن يتغير مع تطور الحياة، وظهور التوعية القانونية، وإلى أن نعي أن التصرفات القانونية تكون عواقبها على مَن قام بها، وبالتالي فإننا عندما نقوم بكفالة أحد يجب أن ندرك بأنه عندما لا يلتزم فإننا سنقوم بذلك الالتزام عنه، وأنه لا مجال للمجاملة. وعندما نوكل أحدًا لابد أن يكون أهلاً لذلك، وعلى قدر المسؤولية، وأن ما سيقوم به من تصرفات بموجب هذه الوكالة سيكون ملزمًا لنا، ونتحمّل نتيجته.. لذا فإننا يجب أن ندرك أن من (وقّع فقد وقع)! وفي القانون لا مكان للعواطف!!. * محامٍ ومستشارٌ قانونيٌّ
مشاركة :