أحياء الموصل المحرّرة من «داعش» ما زالت هدفاً لنيرانه

  • 12/22/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

أربيل، بغداد أ ف ب كان العراقيان محمد وصدام في طريقهما لجلب المياه من آبارٍ في الموصل، لكن قذائف أطلقها عناصر «داعش» أصابتهما. ونُقِل الرجلان إلى مستشفياتٍ مكتظةٍ في إقليم كردستان الشمالي حيث يتخوف الأطباء من نقصٍ في المعدَّات والأدوية مع تدفق الجرحى. ويروي محمد عبدالرزاق أنه كان يحمل صفائح مياه لدى سماعه «دوي انفجار هائل» أدى إلى إصابته بـ «صمم» في إحدى أذنيه و«تدفق الدم» من ساقيه. ويأمل عبدالرزاق (43 عاماً)، الذي أصبح طريح الفراش في أحد مستشفيات أربيل (100 كلم من الموصل)، أن يتمكن يوماً من المشي مجدداً. وتحدث الرجل، بينما كانت ساقه ملفوفةً بضمادات يتخللها مسامير معدنية، عن فظائع تحدُث يومياً داخل الموصل حيث تحاول قوات عراقية طرد مسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي. وقال هذا الشاهد الذي كان يعمل سابقاً في مصنع للأسمنت «هناك حرب شوارع رهيبة» في المدينة الشمالية. وتابع «كل يوم أشاهد عشرات الجرحى أرضاً ويبدو أن هناك أكثر» في إشارة إلى إجلاء جرحى إلى المستشفيات. وغادر عبدالرزاق مدينته قبل شهر. ولدى تذكره أمه المعاقة (80 عاماً) وزوجته وأطفاله الخمسة الذين تركهم وراءه؛ اغرورقت عيناه. استهداف المدنيين ومثل كثيرين من سكان حي الإعلام في شرق الموصل؛ يرحِّب صدام كوركيس بوصول القوات الأمنية إلى المنطقة التي تحررت منذ أسبوعين، بعدما خضعت لسيطرة «داعش» مدة عامين ونصف العام. لكن هذا الأمر لم يمنع إصابته بقذائف هاون أطلقها عناصر التنظيم بعد خروجهم جميعاً من الحي. ومن غرفة العناية المركزة؛ قال كوركيس، وهو تاجر (45 عاماً)، عن المتطرفين «هؤلاء ليسوا بشراً ولا مسلمين. إنهم يقصفون المدنيين ويستهدفون المنازل». وهو لا يتذكر، عن لحظة إصابته، سوى صوت انفجار وإطلاق رصاص ثم «كما لو أن حجراً أصابني في الفخذ فتدفق الدم». ولاحقاً؛ نقله عدد من السكان بواسطة عربة. وقال الرجل بينما كان ينظر إلى زوجته بقربه «لا أدري ما إذا كان أطفالي الصغار الأربعة تمكنوا من الذهاب إلى أقاربنا في الموصل». وفي المستشفى ذاتها؛ كانت هناك زينب (10 أعوام) التي نُقِلَت إثر إصابتها بشظايا، ومعها أختها الصغيرة (عامان) وعلى جبينها ضمادات كبيرة. وأوضحت والدة الطفلتين «منطقتنا تحررت لكن إطلاق النار ما زال مستمراً». في غضون ذلك؛ لا يمكن الوصول إلى أي مستشفى داخل الموصل لأن «داعش» يحتلها، باستثناء الأحياء المحرّرة مؤخراً، فضلاً عن استمرار المواجهات. ويلاحظ رؤوف كريم، وهو رئيس ممرضين في مستشفى طوارئ أربيل، أن المشكلة تكمن في أن «المستشفى صغير وليس لدينا مكان». وأبان «نستقبل 25 مراجعاً. وأحياناً أكثر من 30 في اليوم الواحد». من «أزمة» إلى «كارثة» ويرى مدير عام صحة أربيل، الطبيب سامان برزنجي، أن تدفق الجرحى المتزايد يؤدي إلى «كثير من الأزمات» فضلاً عن العبء الذي يعاني منه قطاع الصحة في كردستان. واعتبر برزنجي أن «المؤسسات والطواقم الصحية أصلاً منهكة منذ وصول تنظيم داعش إلى المنطقة». ويتعين على الطواقم الصحية التعامل مع الأعداد الهائلة من النازحين وضحايا المعارك من قوات البشمركة الكردية. ويتزامن ذلك مع أزمة اقتصادية يعيشها إقليم كردستان الذي يعتمد اقتصاده بصورة رئيسة على الموارد النفطية. وذكر برزنجي أن ما تقدمه عاصمة الإقليم، أربيل، عبر 3 مستشفيات طوارئ وأخرى اختصاصية هو «المنفذ الممكن والوحيد» للجرحى القادمين من مناطق سيطرة «داعش». ومنذ شهرين؛ بدأت قوات الحكومة الاتحادية في بغداد والقوات الكردية هجوماً واسعاً لاستعادة السيطرة على الموصل ثاني مدن العراق وآخر أكبر معاقل «داعش» فيه، علماً أنه احتلها في منتصف 2014. وتخوض القوات مواجهات استعادت خلالها عدداً من الأحياء في الضفة اليسرى من المدينة التي تعد مركزاً لمحافظة نينوى. وحذر برزنجي من أن «صالات العمليات التي لدينا تواجه نقصاً حاداً في الأدوات والأجهزة»، منبِّهاً بقوله «إنها أزمة وقد نواجه كارثة قريباً»، متسائلاً «إلى متى يمكننا أن نصمد»؟ وذكر تقريرٌ لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» أن تنظيم «داعش» يستهدف عمداً المدنيين الذين يرفضون مرافقة عناصره إثر انسحابهم من بعض أحياء الموصل. وأفاد تقرير المنظمة، نقلاً عن أكثر من 50 من سكان أحياء شرق المدينة، بوقوع 18 عملية قصف بالهاونات أو هجمات قنص أو تفجير سيارات أو انفجار عبوات ناسفة؛ نفَّذها «داعش» بشكل عشوائي أو مباشر ضد المدنيين. وتحدث شهودٌ عن 3 غارات جوية استهدفت مقاتلين في التنظيم كانوا على أسطح منازل أو في أزقة ضيقة «ما أسفر عن مقتل مدنيين»، وفقاً للمنظمة نفسها. و«أكد شهود أن عناصر داعش أبلغوهم شخصياً وعن طريق مكبرات الصوت في المساجد أن من يرفض الانسحاب سيُعتبَر من الكفار وبالتالي أهدافاً مشروعة مثل القوات العراقية وقوات التحالف (الدولي)»، بحسب ما جاء في التقرير الذي أشار إلى «مقتل 19 شخصاً وإصابة عشرات المدنيين بجروح جرّاء هجمات من كلا الجانبين» بين الأسبوع الثالث من نوفمبر والأسبوع الأول من ديسمبر. وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش»، لمى فقيه، إن «التنظيم لو كان يكترث حقاً للمُحاصَرين () لسمح لهم بالفرار إلى بر الأمان، لكنه بدلاً من ذلك يقتل ويصيب الناس عشوائياً أو عمداً لرفضهم أن يكونوا دروعاً بشرية». ودفعت المعارك إلى نزوح أكثر من 100 ألف شخص من الموصل ومناطق حولها منذ انطلاق عملية استعادتها، لكن مازال هناك أكثر من مليون شخص يعيشون داخلها، بينهم 600 ألف تقريباً في جانبها الشرقي.

مشاركة :