الغرب يصنع الإرهاب.. والإعلام الأوروبي يرسخ العداء للإسلام

  • 12/24/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

خلال مؤتمر الإرهاب وسبل معالجته، الذي عقدته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، مؤخرا، كانت أوضاع مسلمي أوروبا وما يتعرضون له جراء موجات صعود اليمين المتطرف، وتكرار التفجيرات التي تنسب لمسلمين، حاضرة من خلال عدد من المتحدثين بالمؤتمر، الذين حملوا هموم المسلمين هناك إلى المؤتمر، كما قدموا وجهة نظرهم وقراءتهم لما يحدث على الساحة في أوروبا، من موجات عداء للمهاجرين واللاجئين، وأسباب تنامي تلك الظواهر. المفكر الدكتور خالد حاجي، رئيس منتدى بروكسل للحكمة والسلم العالمي، شارك بورقة مهمة ضمن أعمال المؤتمر، حاورته «العرب» حولها، وحول أوضاع المسلمين في أوروبا وتأثيرات نجاح حركات اليمين في عدد من الانتخابات بها، وانتشار الخطابات «الشعبوية» (Populism)، التي جاء فوز دونالد ترمب -الذي يجاهر بعدائه للمسلمين - بانتخابات الرئاسة الأمريكية بتدعيمها أكثر. بداية، ما أهم ما حملته في جعبتك إلى مؤتمر جامعة قطر الذي يناقش أسباب الإرهاب وسبل مواجهته؟ - الورقة التي قدمتها في هذا المؤتمر مفادها أن الإرهاب مصادره متعددة، وهو ظاهرة متنوعة ومعقدة، ويحتاج إلى تضافر الجهود بغرض النهوض بمقاومته ومحاربته والحد من خسائره، وعلى المسلمين قدر من المسؤولية الأخلاقية في مجابهة هذه الظاهرة، ولا ينفعهم أن ينفوا كل تهم الإرهاب عن الثقافة والسياق الإسلامي، كما أن للغرب مسؤولية جسيمة فيما يحدث من تشدد وغلو وإرهاب، بالتالي يستحيل أن ينهض طرف واحد بهذه المسؤولية، إنما المسؤولية هنا مشتركة، فهناك خلطٌ اليوم في الغرب فيما بين «الهجرة» و»الإرهاب»، وهو مقصود من بعض وسائل الإعلام في أوروبا، لأنه يعفي العقل الأوروبي من البحث عن الأسباب المعقدة، ويعطيه أجوبة جاهزة سهلة تتماشى مع ما استقر في مخيلته من أن الإسلام هو العدو الذي يتربص بمستقبل أوروبا، ويريد أن يهدم كيانها، فهذه الأجوبة تغازل المخيل الأوروبي، لكن لا أساس لها من الصحة، فإذا كان هناك من المسلمين من يقترف بعض الأعمال الإرهابية، فنحن نسلم بذلك ونسعى جاهدين للحد من تفشي هذه الظاهرة، ولكن جهودنا وحدنا لا تكفي إطلاقا، إنما نحتاج إلى تضافر الجهود وتكاتف المسؤوليات، والمؤسسات الحكومية الغربية من اقتصاد وتعليم وغيرها، عليها مسؤولية واضحة في أن يتمتع هذا الجيل المسلم بالإحساس بالانتماء إلى فضاء أوروبي والتوسيع له وتمكينه من فرص العيش والإحساس بالانتساب، وهذا الأمر قد يكون مسعفا في تجاوز ظاهرة الإرهاب. كمنظمة إسلامية تعمل داخل أوروبا، ما الدور الذي تقومون به في توضيح الصورة الحقيقية عن الإسلام، وأنه لا يقترن بالإرهاب كما يروجون؟ - نحن في منتدى بروكسل للحكمة والسلم العالمي نحاول أن نوفر فرصا للتحاور، بين مختلف مكونات المواطنة الأوروبية، بغض النظر عن الانتساب والانتماء لدين أو عقيدة وما إلى ذلك، على أساس أن المواطنة هي التي نعيش تحتها وفي ظلها في أوروبا، بالتالي علينا بوصفنا مسلمين، وواجبنا الشرعي الأخلاقي يقتضي منا ذلك، أن نسهر على حماية هذه المواطنة التي هي جامعة لا تستثني أحدا، وعلينا بصفتنا مسلمين أن نسهم في تقوية هذه المواطنة، حتى نضمن لنا فرص البقاء هناك، والتعايش بمسؤولية أخلاقية ينادي بها الإسلام قبل أن تنادي بها ديانات أخرى، فالمسلمون قادرون على الإسهام في تعزيز أُطر التعايش. فوز الحركات والأحزاب اليمينية في كثير من بلدان أوروبا بالانتخابات في الفترات الأخيرة، فضلا عن فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، بم تفسرون هذا وأنتم تعيشون داخل تلك البلدان وتستشعرون طبيعة تلك التغيرات على شعوبها التي منحت الأصوات لهؤلاء؟ وما انعكاسات هذا على المسلمين في تلك البلدان؟ - اليوم هناك صعود كبير للخطابات الشعوبية في الغرب، وهي لا تقترح حلولا، إنما تعبئ الرأي العام بغرض هدم ما وصلت إليه المجتمعات الأوروبية من تعايش ومن تعددية فكرية، فالآن خلال السنوات الـ10 الأخيرة يتم الحديث وبشكل مكثف عن خصوصية القيم الأوروبية، وقبل ذلك كانت المنابر الإعلامية الأوروبية تبشر بقيم «كونية»، وتريد أن تصدِّر القيم الأوروبية إلى خارج حدودها، ولكن اليوم نلاحظ أن أوروبا تعرف ذاتها بالانتساب إلى جغرافيا محددة وتتمسك بخصوصية القيم الأوروبية، وهذا يعد تراجعا ونكوصا، بالتالي هناك تراجع فيما يتعلق بالإحساس الأوروبي بالانتماء إلى هوية موحدة، وجاءت ظاهرة «البريكسيت» فعقدت من الأمور، ولا قدر الله ذلك سيكون هناك المزيد من النكوص والتراجع للبحث عن سيادة محلية مفقودة، لكن ذلك سيكون على حساب بيئة تتعايش فيها مكونات مختلفة، وهذا قد لا ينفع الجاليات المسلمة هناك وسيضيق عليها، لكن بالمقابل تتمتع المجتمعات الأوروبية والمؤسسات بقدر من اليقظة قد يسهم في إصلاح الأوضاع والتصدي لظاهرة الشعبوية، وهذا هو أملنا. مع كل عملية إرهابية تحدث نجد المدن الأوروبية تتنامى فيها ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، فكيف يتمكن المسلمون هناك من حماية أنفسهم من موجات الكراهية، خاصة مع تصاعد الخطاب المحرض ضد المسلمين في ظل هذه الأوضاع؟ - هناك خطابات إعلامية غير مسؤولة، وأجندات سياسية تفتقر إلى مفاهيم تعالج مشاكل أوروبا الاقتصادية والاجتماعية، فترْكب أو تمتطي موضوع الإسلام والحضور الإسلامي في أوروبا حتى تتجنب الحديث عن الموضوعات المهمة كالاقتصاد، وقضايا مجتمعية أخرى، فبعد استهداف أوروبا بعدد من العمليات الإرهابية، استغل الكثير من الشعبويين وأيضا المنابر الإعلامية هذه الأحداث لتفرض أمرا واقعا، وتملي على المسلمين مواقف في خضم النقاش المجتمعي بخصوص بعض القيم، فهناك أطراف تحاول أن تستثمر الإرهاب بغرض حسم قضايا عالقة هي محل نقاش ما بين الجاليات المسلمة وبين مكونات المجتمع، كقضية الحجاب، والآن بعض القضايا التافهة كقضية «البوركيني» مثلا، ومثل هذه القضايا هي فقط لذر الرماد في العيون، وهي مجرد ظواهر على هامش المجتمع، وليست قضية من القضايا التي يجب أن تستأثر باهتمام الرأي العام، لكن يتم رفعها لمستوى عال، وذلك كاستراتيجية لتجنب الخوض في مواضيع ذات أهمية وذات صلة بشؤون المجتمع الأوروبي بشكل عام. ما تأثير كل ذلك على اللاجئين؟ - بالطبع إن اللاجئين مشكلة كبيرة جدا، وإن كان عمليا ليس كذلك، فأوروبا تستطيع أن تستوعب قدرا كبيرا، ربما أكبر بكثير مما هو كائن اليوم، لكن هناك خطابات إعلامية تهوِّل، فأصبحت الظاهرة تحتل حيزا كبيرا من اهتمام الرأي العام، وهذا ما أدى إلى ردود فعل غير إيجابية تجاه كل ما هو لاجئ، بل حتى ضد كل الأجانب والهجرة بصفة عامة، ففي الخطاب هناك يتم الربط اليوم بين الهجرة والإرهاب، لتكميم أفواه كل من كان له رأي مخالف، فالآن يتم اللجوء إلى قضية «الإرهاب» للجم وتكميم بعض الأفواه في قضايا خلافية ومناط نقاش للمسلمين، وأيضا لبعض المتعاطفين معهم، وهذه هي الكارثة التي تحدث اليوم.;

مشاركة :